قضت المحكمة الإدارية العليا فحص، بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من جامعة دمنهور ضد المعيدة فى علوم الفيزباء غادة عبد العزيز الشوربجى، وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بحيرة برئاسة القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار رئيس جامعة دمنهور السلبى بالامتناع عن الموافقة على طلب قيد المدعية بالتسجيل لدرجة الدكتوراة بذات تخصصها فيزياء الجوامد بنظيرتها بكلية العلوم بجامعة الاسكندرية لعدم وجود أستاذ أو أستاذ مساعد بتخصصها بكلية العلوم جامعة دمنهور.
بالإضافة لما يترتب علي ذلك من آثار أخصها إلزام جامعة دمنهور بإعمال الأثرالقانونى لحصولها على درجة الماجستير الموقوف عنها سنة ونصف , وإلزامها بالموافقة على طلبها بقيدها بدرجة الدكتوراة بكلية العلوم جامعة الإسكندرية دون الإعتداد برأى الأستاذ المتفرغ الوحيد بالقسم بدمنهور وإجباره على التنحى عن أى شأن علمى يخص المدعية لوجود خصومة بينه وبينها بدت بيقين إساءة لاستعمال السلطة بما يخالف مبادئ العدالة وضمانات البحث العلمى من وجوب أن يكون القائم على تقويم أمورالشأن العلمى مجرداً من شوائب الميل أو مظنة التحيز باعتبار أن حرية البحث العلمى حقا دستوريا للباحثين وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان وألزمت الجامعة المصروفات.
وفي المحكمة، تقدمت المعيدة ومعها والدها المسن وشقيقها وسط القاعة المكتظة بالمتقاضين، وقالت للقاضي محمد خفاجى: "سيدى القاضى أنا خريجة كلية العلوم جامعة الإسكندرية وحصلت على المركز الأول على دفعتى فى جميع أقسام الكلية بامتياز مع مرتبة الشرف وأشغل وظيفة معيدة بقسم الفيزياء كلية العلوم جامعة دمنهور ونظراً لحداثة تخصصى العلمى النادر فيزياء الجوامد حصلت علي درجة الماجستير فيه من كلية العلوم جامعة الإسكندرية، ورغم تفوقى فى تخصصى النادر فى الفيزياء الذى تقدره جوائز نوبل الخمس ولدى طموح كبير إلا أن الأستاذ المتفرغ الوحيد بالقسم بدمنهور الدكتور (ح.ع.م) اضطهدنى ورفض ترقيتى لمدة سنة ونصف واشتكيت لرئيس الجامعة الذى قال لى ده أستاذك ولن أرقيكى لمدرس مساعد إلا لما هو يوافق".
وأضافت باكية: اضطريت أذهب لقسم الشرطة وأدافع عن حقى وحررت محضر ضد الأستاذ المتفرغ لوجود خصومة بينى وبينه ونظرت القضية محكمة جنح دمنهور، أنا استحيت أرفع القضية على أستاذى باسمه رفعتها عليه بصفته الوظيفية عشان كده محكمة الجنح حكمت بعد قبول الدعوى الجنائية ودة مش ذنبى".
ونطق القاضى بالحكم لصالحها وأمر أستاذها بالتنحى وأطلق حريتها فى البحث العلمى واشترط فى المشرف التجرد عن شوائب الميل أو مظنة التحيز، فأجهشت الطالبة بالبكاء وبكى معها والدها وشقيقها، وقال والدها للقاضى: “كل أحكامك وسام على صدر المصريين”.
وقالت المحكمة، إنه يجب أن يشترط فى الأستاذ الجامعى شرط الحيدة حتى يحصل الاطمئنان إلى عدالته وتجرده عن الميل والتأثر ويسلم رأيه وهو يشترك فيما يخص شأن الباحثين العلمى , فيصدر عن بينة مجرداً من شوائب الميل أو مظنة التحيز , إذ أن مدار عمل الأستاذ هو وزن الانتاج العلمى للباحث ومدى توافر شروطه فإذا ماقام به سبب يستنتج منه بحسب الأغلب الأعم أنه ممن تضعف له النفس ويخشى أن يؤثر فيه بما يجعله يميل فى رأيه بما يلوذ فى النفس من نوازع يخضع لها أغلب الخلق من اتجاه إلى محاباة الباحث أو الإضرار به وجب عليه ألا يشترك فى ثمة شأن علمى يخص هذا الباحث , فذلك أزكى له وأقوم لصحة تصرف الجامعة وسلامة قرارها وأدنى ألا تعلق بها الاسترابة من جهة اشتراكه فيها بما يمس كل ما يجب أن يتوفر من سلامة الرأى وعدالة الشهادة والبعد عن كل ما من شأنه أن يرتاب أحد فى استقامة أعماله وعدالة موازينه , كما أنه أكفل بإطمئنان ذوى الشأن على أمورهم .
وأضافت أن وجود خصومة بين الباحث وأستاذه تستوجب تنحيته عن الاشتراك فى شأنه العلمى , والأمر كذلك حتى إذا لم يكن ثمة خصومة بينهما قضاءً مادامت العداوة والبغضاء قد بدت بينهما , إذ يجب عليه أن يستشعر ما يسببه ذلك له ولذى الشأن من حرج فيتنحى من تلقاء نفسه , ويجبر على ذلك خاصة إذا بلغت البغضاء مبلغ الخصومة تكون سبباً يدعو إلى زعزعة ثقته فيه أو تقضى على عدم اطمئنانه إليه ويستوجب عدم صحة اشتراكه فى الشأن العلمى للباحث وهو ينظر أمره , فإذا اشترك رغم قيام المانع المذكور به ترتب على ذلك بطلان أى عمل أو قرار أو تصرف يكون وليد مشاركته فيه ويحبط عمله ورأيه مما ينسحب إلى القرار الصادر بناء عليه .
وأشارت المحكمة إلى أن المدعية حصلت على المركز الأول على دفعتها فى جميع أقسام كلية العلوم العريقة بجامعة الإسكندرية بممتاز وعينت فى وظيفة معيدة بقسم الفيزياء بكلية العلوم جامعة دمنهور ونظرا لحداثة تخصصى العلمى النادر فيزياء الجوامد حصلت علي درجة الماجستير من كلية العلوم بالإسكندرية بممتاز إلا أنه وبالنظر لوجود خصومة بينها وبين الدكتور (ح.ع.م) الأستاذ المتفرغ الوحيد بالقسم بدمنهور حال عدم وجود أستاذ أو استاذ مساعد بالقسم قام بتعطيل تعيينها فى وظيفة مدرس مساعد عام ونصف بالمخالفة للقانون مما اضطرها للجوء إلى محكمة جنح دمنهور ضده بصفته الوظيفية وإن قضى فيها بعدم قبول الدعوى جنائياً إلا أنها كافية بذاتها على وجود الخصومة بينهما .
وأوضحت المحكمة أن المدعية لم تيأس بل تقدمت بالعديد من الطلبات لجامعة دمنهورلاستكمال دراستها العليا للحصول على موافقتها لتسجيلها درجة الدكتوراة فى تخصص فيزياء الجوامد بكلية العلوم جامعة الاسكندرية ولاستكمال تعيينها بوظيفة مدرس مساعد إلا أن جامعة دمنهور اتخذت موقفاً سلبياً , وثبت بيقين الخصومة بينها وبين الأستاذ المتفرغ بالقسم أمام المحكمة حتى ولو كان الحكم الجنائى قضى لعيب شكلى بعدم قبول دعواها أمامه , وقد كان يتوجب عليه أن يتنحى من تلقاء نفسه وألا يشترك فى أى شأن من الشئون العلمية للمدعية مادامت العداوة والبغضاء قد بدت بينهما , وكان يتوجب على جامعة دمنهور
وقد اتصل علمها بوجود تلك الخصومة ألا تشركه فيها , إلا أن الجامعة أصمت اَذانها عن طلب المدعية العادل . ومن ثم يكون قرار رئيس جامعة دمنهور السلبى بالامتناع عن الموافقة على طلب قيدها بالتسجيل لدرجة الدكتوراة بذات التخصص بجامعة الاسكندرية مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة وهو ما يبدو جلياً من عدم تعيينها بوظيفة مدرس مساعد رغم حصولها على درجة الماجستير منذ عام وستة أشهر , ويمثل هذا القرار عدواناً على حقها الدستورى فى البحث العلمى وافتئاتا على ما أوجبه الدستور على المؤسسات العلمية من رعاية الباحثين إذ من شأنه تعجيزها ومعاقبتها على تفوقها ونبوغها وحرمانها من حقها الدستورى فى البحث العلمى والإضرار بمستقبلها العلمى بعدما خلا التخصص العلمى بجامعة دمنهور من وجود أستاذ او أستاذ مساعد للاشراف عليها .
واختتمت المحكمة أن حصول المدعية على درجة الماجستير بامتياز فى تخصص علمى نادر فيزياء الجوامد كان يوجب على الجامعة أن تعمل الأثر القانونى بترقيتها إلى وظيفة مدرس مساعد إلا أن أستاذها المشرف اضطهدها و تعنت معها وقد شاركه رئيس الجامعة فى ذلك وحرموها طوال سنة ونصف من ترقيتها بل امتد حرمانها من حقها الدستورى فى البحث العلمى ومنعوها من قيدها بدرجة الدكتوراة , وأصبحت مجبرة من أساتذتها وجامعتها بأن تكون جليسة الفكر وقعيدة عن إعمال قواعد العقل وطريدة العلم , محرومة من حقها الدستورى فى البحث العلمى واستكمال دراساتها العليا بفعل ظلال تلك الخصومة مما يستنهض عدل هذه المحكمة فى بسط الحماية لها لتحررها من أغلال عبودية العقل وهى أمور تتصف بالاستعجال حرصاً على مستقبلها العلمى.