في 2 أبريل 1879 تقدم زعماء البلاد والذوات ونواب الأمة وضباط الجيش والموظفين والتجار، إلى الخديوي إسماعيل بالمحضر الأهلي عن تسوية مشروع إيرادات الحكومة الخديوية وتسديد ديونها، ومنح مجلس شورى النواب الحرية التامة وجميع الحقوق في كافة الأمور المالية والداخلية كما في أوروبا، وتنقيح لائحة المجلس الأساسية والنظامية، وتعديل طريقة انتخاب النواب، وتعيين مراقبين لإيرادات ومصروفات المالية.
وفي 7 أبريل أرسل الخديوي إسماعيل إلى محمد شريف باشا، لتشكيل هيئة النظارة، على أن تكون العناصر التي ستؤلف منها النظارة مصرية بحتة، وبعد تشكيل شريف باشا الوزارة تقدم بمشروع اللائحة الأساسية لمجلس شوري النواب، وهو الذي يعد أول دستور عرفته مصر، وكذلك تقدم بأول مشروع وُضِع لقانون الانتخاب.
تضمن الدستور الذي تقدم به شريف باشا 27 بندًا إلى أنه تم تعديل البنود لتصبح 49 بندًا، وقال حسن راسم باشا، رئيس مجلس شورى النواب آنذاك، في خطابه لشريف باشا، إن لائحة المجلس الأساسية التي تقدمتم بها قد عمل عليها القومسيون وتبين أن هناك بنودًا تراءى محوها وأخرى الأثابت، وبنودًا استصوبت على أصلها وأخرى لزم علاوتها، وأن اللائحة تم تعديلها لتتضمن 49 بندًا.
فيما نص قانون الانتخاب الذي تقدم به شريف باشا على 71 بندًا مكونة من 5 فصول، تضمن الفصل الأول 9 بنود تختص بالمنتخبين، وتناول الفصل الثاني في 19 بندًا كيفية تحرير جداول الانتخاب، بينما تناول الفصل الثالث من يصير انتخابهم ممن لهم حق الانتخاب وتكون من 6 بنود، وقسم الفصل الرابع دوائر الانتخاب وأعضاء المجلس عن كل مديرية وشروط الترشح والقبول، فيما تحدث الفصل الخامس في 7 بنود عن فيمن يكون صالحًا للانتخاب.
الحركة الوطنية المصرية التي نادت بالتغيير، أكدت في مطالبها على صدور دستور وقانون انتخاب كامل ويكون أساس الحكم والسلطة في مصر، على أن ينص على منح مجلس النواب الحرية التامة وجميع الحقوق في كافة الأمور الداخلية والمالية، وهو ما قام به شريف باشا في الدستور وقانون الانتخاب.
مما زاد سخط بريطانيا وفرنسا، حيث كانت الدولتان ترفضان أن يناقش مجلس النواب الميزانية، أو أن يكون له أي صلاحيات حقيقية، وتم تقديم طلب إلى الخديوي إسماعيل بالتنحي فورًا عن العرش، وتم عزل إسماعيل باشا في 26 يونيو 1879، ليتولى نجله محمد توفيق باشا حكم مصر.
عزل إسماعيل تم قبل التصديق على الدستور الذي قدمه شريف باشا، وهو ما وصفه عبدالرحمن الرافعي في كتابه عصر إسماعيل «الجزء الثاني»، بأنه أول دستور وضع في مصر على أحدث المبادئ العصرية رغم عدم صدور مرسوم خديوي به، لأن الحكومة ارتضته دستورًا للبلاد، وعُرِض على مجلس النواب وكان ذلك بمثابة اعتبار المجلس كجمعية تأسيسية أصدرت هذا الدستور، وبمقتضى هذا الدستور أصبح التشريع من حق مجلس النواب فلا يصدر قانون إلا بموافقته، ورغم عدم نصه تضمين بنوده أي مما يخص حقوق وحريات، ولكن بمقاييس الوقت الذي صدر فيه، فقد كان طفرة في النظام السياسي المصري.
بعد عزل الخديوي إسماعيل وتعيين نجله الخديوي توفيق، والذي قام بدوره بإسناد تشكيل النظارة إلى محمد شريف باشا، الذي تقدم للخديوي بضرورة إصدار الدستور، ولكن الخديوي رفض ذلك، فقدم شريف باشا استقالته احتجاجًا على ذلك الرفض.
تولى توفيق باشا رئاسة مجلس النظار بنفسه، واحتفظ باثنين فقط من النظار المنتمين لحكومة شريف باشا وهما محمود سامى البارودى ومصطفى فهمى، في الوقت الذى أصر فيه باقي النظار على موقفهم رافضين التعاون مع حاكم لا يقبل بالحكم الدستوري، ولم يستمر توفيق طويلًا في جمعه بين مقعد الخديوية ورئاسة مجلس النظار حيث كلف رياض باشا بالنظارة، ومن ثم أعاد نظام المراقبة الثنائية لبريطانيا وفرنسا مرة أخرى مما أدى بعد فترة وجيزة إلى قيام الثورة العرابية، والتي كان من نتائجها عودة شريف باشا إلى تشكيل الوزارة في عام 1881 والإعداد لمشروع دستور 1882.
ونفذت حكومة شريف باشا مطالب الأمة في إعادة الحياة النيابية، فرفع شريف باشا إلى الخديوي توفيق تقريرًا في 4 أكتوبر 1881 بهذا الشأن، ثم قامت الحكومة بإجراء الانتخابات على أساس لائحة مجلس شورى النواب القديم، على أن يتحول المجلس المنتخب إلى جمعية تأسيسية تناقش مشروعا للائحة جديدة بمثابة الدستور.
وبالفعل تم انتخاب المجلس وافتتحه الخديوي في 26 ديسمبر 1881، وفى الثاني من يناير 1882 عرض شريف باشا مشروع القانون الأساسي الجديد لدراسته وإجراء ما يراه من تعديلات عليه، وأكد في كلمته إلى انحياز الحكومة إلى منح المجلس النيابي المنتخب سلطاته الكاملة الرقابة والتشريع.
لكن شريف باشا الذي وضع الدستور لم يستمر فى الحكم لحين صدوره، حيث تقدم باستقالته بعد خلافات مع قيادات الثورة العرابية، وتولى محمود سامى البارودى، وفى ظل وزارته وفى 9 فبراير سنة 1882 نشرت الوقائع المصرية نص دستور 1882 الذى وضعه شريف باشا وقدمه لمجلس النواب لمناقشته وإقراره وأصدره الخديوي توفيق في سراى الإسماعيلية فى 7 فبراير.