في مثل هذا اليوم، 6 رمضان 1312 هجرية (1895 ميلادية)، رحل عن عالمنا الخديوي إسماعيل، خامس حكام مصر من الأسرة العلوية، الذي شهد عهده مشروعات عملاقة من ناحية، وديونا أدت لدخول الدول الأوروبية في السياسات الداخلية لمصر من ناحية أخرى.
وُلد الخديوي إسماعيل في قصر «المسافرخانة» بالقاهرة سنة 1830. تلقى تعليمه في «فيينا» و«باريس»، ثم عاد إلى مصر في عهد تولي والده «إبراهيم باشا» الحكم.
سافر إلى الأستانة بعد وفاة والده وتولى عمه «عباس حلمي الأول» حكم مصر، وعاد مجددًا في فترة ولاية عمه «محمد سعيد باشا» ليرأس مجلس الأحكام.
وأصبح وليًا للعهد بعد وفاة شقيقه الأكبر الأمير «أحمد رفعت» في حادث غرق بالنيل. وبوفاة الخديوي سعيد، جلس «إسماعيل» على عرش الحكم، سنة 1863.
حاول الخديوي إسماعيل أن يسير على نهج جده «محمد علي باشا» في حكم مصر، وتحديثها، والاستقلال بها عن الإدارة العثمانية، لكن على حساب الخزينة المصرية.
فتمكن من استصدار فرمان، في مايو 1866، ينص على تغيير نظام وراثة العرش من أكبر أفراد الأسرة العلوية سنًا، ليكون في أكبر أنجال إسماعيل نفسه.
وفرمان آخر في يونيو 1867، حصل بمقتضاه إسماعيل على لقب «الخديوي»، ثم صدر فرمان ثالث، في سبتمبر 1872، يخول له حق الاستدانة دون الرجوع للعثمانيين.
وخلال فترة حكمه، سعى الخديوي إسماعيل إلى إعادة بناء مصر على النظم الأوروبية، متأثرًا بحياته هُناك، فاهتم بتعليم الفتيات، وبالتعليم الصناعي والزراعي، وأنشأ جمعية المعارف والجمعية الجغرافية والجمعية الخيرية الإسلامية لإعانة الفقراء، وأسس دار الكتب.
كما شهد عهده اهتمامًا بالنواحي الحربية، فأرسل البعثات الحربية إلى فرنسا، وأعاد النشاط لترسانة الإسكندرية، وجدد المدرسة البحرية. وفي النواحي التجارية؛ استكمل مشروع حفر قناة السويس وافتتاحها، وأنشأ شركة للملاحة التجارية.
ومن ناحية الحكم، كان يُعد من عصور الحكم المطلق، فمجلس شورى النواب الذي أنشأه سنة 1866 كان بمثابة هيئة استشارية وليست تشريعية، كما أن مجلس النظار الذي أنشأه سنة 1878، كان عبارة عن سلطة تنفيذية لما يقوله الخديوي.
أواخر فترة حكم الخديوي إسماعيل شهدت ارتباكًا على مستوى جميع النواحي، وأدت سياساته المالية، القائمة على الاستدانة، لتحالفات الدول الأوروبية مع السلطان العثماني على عزله من حكم مصر، وتعيين ابنه «محمد توفيق باشا» خلفًا له.
جمع إسماعيل، كل ما استطاع من المال والمجوهرات والتحف الثمينة من القصور الخديوية، ونقلها إلى اليخت «المحروسة»، الذي نقله مع زوجاته وحاشيته، في يونيو 1879، من الإسكندرية إلى منفاه في نابولي بإيطاليا.
وبعد أن أرسل التماسًا تلو الآخر للسلطان العثماني، تمكن من الانتقال من منفاه في أوروبا إلى الأستانة، سنة 1888، للإقامة بقصر «إميرجان». وبعد 16 عاما قضاها في المنفى؛ توفي في مثل هذا اليوم، 6 رمضان 1312 (2 مارس 1895)، وعاد جثمانه إلى مصر، ليُدفن في مسجد الرفاعي.