الدولار الأمريكي من أهم العمالات التي يتم تداولها في العالم، ويمكن لأي شخص في أي دولة في العالم التعامل بها، وتتأثر أي دولة في العالم بتأثر سعر الدولار سواء بالارتفاع أو النزول، ودائمًا ما يتساءل الناس كيف سيطر الدولار الأمريكي على العالم وأصبح له هذه القيمية، وتوضح “البوابة نيوز” كواليس القصة التي جعلت الدولار العملة المسيطرة.
فقبل أن تخرج الولايات المتحدة منتصرة من الحرب العالمية الثانية بعام واحد، بدأت تعمل على إنشاء نظام عالمي جديد وبالتالي إنشاء نظام عالمي اقتصادي جديد، تكون الولايات المتحدة والدولار الأمريكي رأس الهرم فيه، وقد حصل ذلك عن طريق اتفاقية Bretton Woods سنة 1944م، وخلال هذا المؤتمر قررت الولايات المتحدة أن تكون العملة التي تكون مرجع رئيسي لتحديد سعر عملات الدول الأخرى هي العملة المغطاة بالذهب، والمقصود بالتغطية بالذهب هو أن يكون بمقدورك استبدال العملة الورقية بالذهب متى ما أردت ذلك حيث إن العملة الورقية تكون قيمتها ذهبًا.
وبما أن الولايات المتّحدة كانت تمتلك إحتياطاً جد مهم من ذهب العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، فقد قررت أن يكون سعر الدولار بالذهب هو 35$ للأونصة (31.1 جرام)، وهذا ما لم يكن في مقدور الدول الأخرى الإلتزام به، وهذا الأمر جعل عدداً كبيراً من الدول تعمل على تكديس الدولارات الأمريكية بهدف استبدالها بالذهب مستقبلًا كاحتياطي، وصار عدد كبير من هذه الدول يستخدم عملة الدولار كاحتياطي النقد الأجنبي.
وهكذا تحقق حلم العم سام بالسيطرة على الاقتصاد العالمي، ولكن بعدما خاضت الولايات المتحدة حرب فيتنام من العام 1956م حتى 1975م، احتاجت إلى المزيد من الدولارات لتغطية تكاليف الحرب، ولكن الدولارات لم تكف، لأن احتياطها من الذهب لم يعد كافيًا، ولم يعد بالإمكان طباعة المزيد من الدولارات وبالتالي قامت بتجاوز الحد الأعلى المسموح من الدولارات المطبوعة، فقامت بطبع دولارات غير مغطاة بالذهب دون أن تعلم أحدًا بذلك.
وعندما بدأ يتجه الناس إلى البنك المركزي لصرف أوراق الدولار بالذهب خاصة الرئيس الفرنسي “تشارل ديغول” الذي طالب بتحويل 191 مليون دولار إلى ما يقابلها من الذهب، حصلت أزمة كبرى، لأن الولايات المتّحدة عجزت عن تحويل أي دولارات أمريكية إلى الذهب، وهنا خرج القرار الصادم للعالم من الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون الذي أصدر بيان في عام 1971 يلغي فيه التزام الولايات المتّحدة بتحويل الدولارات الأمريكية إلى ذهب، عرفت لاحقًا باسم Nixon Shock أو صدمة نيكسون.
كانت صدمة حقيقية للدول على مستوى العالم، إنها خدعة تم خداع العالم بأسره بها، فبعد أن كانت تعمل على مر السنوات لتكديس الدولار الأمريكي كاحتياطي للنقد الأجنبي لتستبدله بالذهب عندما تريد، أصبحت الآن غير قادرة على ذلك، والأسوء من كل ذلك هي أنها كانت ما تزال مجبرة على التعامل بالدولار، لأنها لا يمكنها التخلي عنه بعد أن قامت بتكديس كل هذه الدولارات في الاحتياطي النقدي الأجنبي وإلا ضاعت أدراج الرياح كل تلك الأوراق.
وهكذا، تحول الدولار إلى أضخم عملة نقدية احتياطية أجنبية على مستوى العالم، حيث صارت جميع الدول مرغمة على التعامل به بالإضافة إلى كونه العملة الرئيسية التي يتم تحديد باقي العملات بناءً عليها، مما رسخ الهيمنة الأمريكية على اقتصاد العالم.