مع بدايات الشهر الكريم، تكثر التساؤلات عن العديد من الموضوعات التى تخص الرجل والمرأة، أثناء الصيام، وما يبطل الصيام، لذا التقت «البوابة» مع الدكتور إبراهيم البيومى، من علماء الأزهر والأوقاف ليجيب عن بعض الأسئلة المتعلقة بشهر رمضان الكريم.
يذكر أن الدكتور إبراهيم البيومى حاصل على ليسانس الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر ٢٠٠٥، ماجستير الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر ٢٠١٠، ودكتوراه الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر ٢٠١٦.
■ هل يباح للجنب أن يؤخر الاغتسال من الجنابة إلى طلوع الفجر؟
- نعم يباح للجنب أن يؤخر الاغتسال من الجنابة إلى طلوع الفجر، فعن عائشة وأم سلمة رضى الله عنهما: «أَن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» (رواه البخارى ومسلم). وكذلك يباح للحائض إذا طهرت أن تؤخر الاغتسال من الحيض إلى طلوع الفجر قياساً على الجنب، باتِّفاق المذاهب الفقهيَّة الأربعة.
■ استعمال السواك أو غسل الأسنان بالمعجون أثناء نهار رمضان هل يبطلان الصيام؟
- اتفق الفقهاء على جواز استعمال السواك للصائم؛ لعموم الأحاديث الواردة فى استحباب السواك، فعن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها أن النبى قال: «السِّواكُ مَطهرةٌ للفمِ مرضاةٌ للرَّبِّ» (رواه النسائى وصححه الألباني).
أما استعمال المعجون للصائم لا بأس به إذا لم ينزل إلى معدته، ولكن الأولى عدم استعماله.
■ ما حكم شم العطور والبخور فى نهار رمضان؟
- لا حرج فى شم العطور أثناء الصيام، ولا يفسد ذلك الصوم، إلا إن كان هذا العطر له جِرم كالبخورـ فلا يجوز استنشاقه، لأن ذلك يؤدى إلى دخول أجزاء منه إلى الجوف، وأما مجرد الرائحة فلا تفسد الصوم،وأما الطيب فكذلك جائز للصائم فى أول النهار وفى آخره- سواء كان الطيب بخوراً، أو دهناً، أو غير ذلك- إلا أنه لا يجوز أن يستنشق البخور، لأن البخور له أجزاء محسوسة مشاهدة، إذا استنشق تصاعدت إلى داخل أنفه ثم إلى معدته، ولهذا، قال النبى صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرةـ رضى الله عنه: بالغ فى الاستنشاق إلا أن تكون صائماً.
ولا بأس أن يتطيب الإنسان بالبخور ويطيب به ثوبه ويطيب به رأسه، ولكن لا يستنشق، لأنه إذا استنشقه تصاعد إلى جوفه شيء من الدخان، والدخان ذو جرم فيكون مثل الماء،
■ هل من نوى إفطار يوم فى رمضان يفطر حتى وإن أمسك يومه كاملا؟
- إذا نوى أحد فطر يوم فى شهر رمضان، وعزم على الإفطار بإرادته، بطَل صومُه، وإن امتنع عن الطعام والشراب وجميع المفطرات طوال اليوم؛ لأن النية ركن من أركان الصيام الواجب، التى لا يصح إلا بها.
روى البخارى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى»؛ (البخارى: حديث ١).
وقال ابن حزم رحمه الله: ومَن نوى وهو صائم إبطالَ صومه، بطَل، إذا تعمد ذلك ذاكرًا؛ لأنه فى صوم، وإن لم يأكل ولا شرب ولا وطِئ.
■ هل يفسد القيء الصيام. وهل يختلف حكمه عمدا أو بغير عمد؟
- إنّ مَن غلبه القيء فتقيّأ دون قصد صيامه صحيح، ولا خلاف بين أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم على صِحَّة صيام من غلبه القيء، ويُكمل صيامه دون أن يترتب عليه إثمٌ، ولا قضاء، ولا كفارة، وقد حُكى الإجماع على ذلك، ولا فرق بين أن يكون ذلك فى صيام الفرض أو النفل؛ لأنَّه لم يرد ما يخصّص ذلك الأمر بفرضٍ أو نفل، ومن الأدلّة على صِحَّة صيام من غلبه القيء ما يأتى:
قوله- تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا). قوله- صلى الله عليه وسلم: «مَن ذرعَهُ قَيءٌ وَهوَ صائمٌ، فلَيسَ علَيهِ قضاءٌ، وإن استَقاءَ فليقضِ».
أما مَنْ تعمّد القيء وهو صائم؛ فإن صيامه يَفسد، سواءً أكان القيء قليلاً أو كثيرًا، ويترتب عليه الإثم، ويلزمه القضاء، ولا كفارة عليه، فهذا هو حكم الاستفراغ عمدًا، وهو قول الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وأكثر أهل العلم. كما يفسد صيام من بلع القيء متعمّداً، أما فى حال وصول القيء إلى الحلق وابتلاعه بغير عمد فهو ممّا لا يؤثّر على صحّة الصيام.
■ إذا اشتد العطش أو ارتفعت درجة الحرارة.. هل يجوز للصائم الاغتسال أو صب الماء على رأسه؟
- نعم يباح للصائم أن يغتسل أو يصب الماءَ على رأسه من الحر أو العطش، وهذا باتِّفاق المذاهب الفقهيَّة الأربعة. ثبت عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعَرْج يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر» (رواه أبو داود وصححه الألباني). والعَرْجُ: قرية على الطريق بين مكة والمدينة.
أحكام خاصة بالمرأة
■ من الأمور التى تسأل فيها المرأة تذوق الطعام.. هل يباح لها أن تفعل ذلك؟
- يباح للمرأة ذوق الطعام عند الحاجة، كمعرفة استوائه أو مقدار ملوحته أو عند شرائه لاختباره بشرط أن تقذفه من فمها بعد ذلك أو تغسل فمها وتتمضمض، بحيث لا يصل الطعام إلى الجوف فيفطر، وهذا مذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والشافعية والحنابلة.
■ ما حكم تقبيل الزوجة فى نهار رمضان؟
- من قبل زوجته فى الصيام فصومه صحيح، وهكذا لو لمسها أو نام معها كل ذلك لا يضر صومه؛ لما ثبت عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان النبى يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم وسأله عمر عن ذلك قال: إنه قبل امرأته قال: هششت يوماً فقبلت امرأتى، قال: أرأيت لو تمضمضت؟ قال:...... قال: هكذا، فكما أن المضمضة لا تضر الصوم فهكذا القبلة إذا كان ما خرج منه شيء، أما إذا خرج منه منى يبطل الصوم، أما إذا كان ما خرج شيء قبلها ولمسها ولكن لم يخرج شيء فصومه صحيح.
■ هل يجوز مداعبة الزوجة فى نهار رمضان وما حكم من استمنى فى نهار رمضان نتيجة مداعبة الزوجة؟
- روى الشيخان عن أبى هريرة، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله عز وجل: الصوم لى وأنا أجزى به؛ يدَعُ شهوته وأكله وشربه من أجلى، والصوم جُنةٌ، وللصائم فرحتان؛ فرحةٌ حين يفطر، وفرحةٌ حين يلقى ربه، ولَخُلُوفُ فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك»؛ (البخارى حديث ١٩٣٦/ مسلم حديث ١١١١).
