لم يترك الأدباء أى مناسبة إلا وكتبوا عنها أو وصفوها بكل ما فيها، فمنهم من نظم القصائد وآخرون لّمحوا إليها فى قصصهم أو روايتهم، بينما حاول البعض البحث والتعمق فى تفاصيل هذه المناسبة من البداية وحتى النهاية.
ومن بين هذه المناسبات شهر رمضان الكريم الذى أصدر الكاتب أحمد الصاوى كتابا له تحت عنوان «رمضان زمان» عرض من خلاله كل مظاهر الاحتفال بهذا الشهر من أول أيامه وحتى نهايته، وبمناسبة حلول هذا الشهر الكريم نطلّع على ما سرده الكاتب عن رمضان زمان وكيف كان يتم استقباله..
تناول كتاب «رمضان زمان» الحديث حول أشهر الأكلات فى شهر مضان الكريم، فقال أحمد الصاوى عن هذا أنه رغم أن رمضان شهر الصيام إلا أنه أحفل شهور السنة بالولائم والموائد التى تزخر بأنواع الحلوى والطعام، فيسرف المسلمون فى هذا الخصوص، وهو ما يتناقض مع مغزى صيام رمضان الذى يُراد به تهذيب النفوس ويسمو بالأرواح ويصفى النفوس من زخرف الدنيا وشهواتها، والعرب جميعا يحبون الحلواء منذ القدم، حتى أن معمر العرب «أبا عبيدة» كان يقول إن كل طعام لا حلواء فيه ناقصا عند العرب، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب الحلواء والعسل وقد سأله ابن عباس: أى الشراب أفضل؟ قال: الحلو البارد أى العسل، وفضلا عن ذلك كان العرب يعتقدون أن تناول الصائم الحلواء يساعده على استرداد قوته، وفى ذلك يقول «وهب بن منبه»: إذا صام الرجل زاغ بصره فإذا أفطر رجع إليه بصره. تابع «الصاوي» مع أن الحلاوات تؤكل فى كل زمان ومكان إلا أن الكنافة والقطايف أخصّ أنواعها بالشهر الكريم ولا يرد اسم رمضان أمام المصريين، مثلا إلا وتمثلت فى مخيلاتهم الكنافة والقطايف»، فقد بلغ من شهرتهما أن جلال الدين السيوطى الذى عاش فى العصر المملوكى جمع ما قيل فيهما نثرا وشعرا فى كتاب تحت مسمى «منهل اللطائف فى الكنافة والقطائف».
بيّن «الصاوي» أن أصل الكنافة ذكر فيه ابن فضل الله العمرى أن أول من اتخذ الكنافة عند العرب هو معاوية بن أبى سفيان وكان يأكلها فى السحور، وذلك أنه شكا إلى طبيبه الجوع فوصفها له، وإن ذكر بعض المؤرخين أنها صُنعت خصيصا لسليمان بن عبد الملك .
أوضح «الصاوي» أنه مهما يكن من أمر الروايات التاريخية، فإن الكنافة قد لاقت رواجا ملحوظا فى كل من مصر والشام ثم فى بقية الأقطار العربية والإسلامية بدرجات متفاوتة ، وبلغ من اهتمام أهل مصر بها حدا أثار انتباه الرحالين الأوربيين الذين زاروا مصر فى القرنين الثامن والتاسع عشر، فأسهبوا فى وصف طرق عملها، وأطلقوا على الكنافة اسم «المكرونة المصرية»، وحتى اليوم تنتشر صناعة الكنافة والقطائف فى أرجاء مصر ريفا وحضرا وحتى فى المناطق شبه الصحراوية مثل البحر الأحمر .. يتبع