على الرغم من الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة والتأكيد من جانب بعض المحللين على تأثر واردات مصر من القمح الروسي والأوكراني بسبب تلك الحرب، إلا إن الحقيقة عكس ذلك، إذ وفقًا لبيانات الشحن البحري الصادرة عن منظمة التسجيل البحري moi، ارتفعت واردات مصر من القمح بنسبة 24% خلال شهر مارس الماضي.
ووفقًا للبيانات، فإن ذلك يعني أن نحو 30% من صادرات روسيا من القمح خلال مارس الماضي توجهت إلى مصر، وصدرت روسيا نحو 1.7 مليون طن من القمح خلال مارس، بزيادة 60% على أساس سنوي، رغم الاضطرابات التي سببتها الحرب.
وأظهرت البيانات أن معدل الشحنات كان سريعًا في النصف الثاني من شهر مارس بعد التباطؤ في فبراير، بعد حل معظم المشاكل المتعلقة بالمدفوعات وسفن الشحن، حسبما ذكرت التقارير البحرية.
ولم تكشف البيانات عن طريقة الدفع المعمول بها، خاصة بعد فرض العقوبات الغربية على روسيا، وتسببها في إخراج بعض البنوك الروسية من نظام سويفت المالي.
روسيا صدرت نحو 1.7 مليون طن من القمح خلال شهر مارس الماضي، بزيادة عن مبيعات مارس من العام 2021 والبالغة 1.1 مليون طن، على الرغم من تأثر المبيعات بتعديل الضرائب الحكومية على تصدير الحبوب.
وقال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة القاهرة، إن مصر تستورد 12 مليون طن من القمح سنويًا، 60% من إجمالي تلك الكمية يأتي من روسيا، و20% من أوكرانيا، لافتًا إلى أن خروج روسيا من معادلة تصدير القمح شيء مستحيل، خاصة وأنه من كبرى الدول المصدرة.
وأضاف، أنه خلال الفترة القادمة ستشهد أسعار القمح انخفاضًا، بسبب زيادة روسيا كميات القمح المصدرة، لأن استمرار الوضع الحالي ينبئ بحدوث تضخم وارتفاع أسعار عالمي غير مسبوق، مشيرًا إلى تحمل مصر فارق أسعار كبير في بعض الشحنات التي استوردتها من بعض المناشئ الأخرى مثل رومانيا وفرنسا.
وأشار صيام إلى أن المشكلة الأبرز تتمثل في نقص سلاسل التوريد العالمي بعد أزمة كورونا، لكن القمح سينخفض سعره إن أجلا أو عاجلاً، مطالبًا بضرورة زراعة أكثر من 3.5 مليون فدان من القمح، وذلك رغم أنه المحصول الأكبر زراعة في مصر.
ولفت إلى أن مصر في سبعينات القرن الماضي، كانت تزرع مليون فدان قمح فقط، لكن المساحة تضاعفت جدًا خلال الفترة الماضية، للوصول للاكتفاء الذاتي، لكن الزيادة السكانية الضخمة أكلت كل ثمار التنمية أو حتى محاولات الوصول للاكتفاء الذاتي.
وأشار إلى أن مصر تحقق حاليًا نحو 44% من الاكتفاء الذاتي من محصول القمح، ذلك لأن إجمالي الاستهلاك المصري يبلغ نحو 21.5 مليون طن سنويًا، يتم استيراد نحو 12 مليون طن، والباقي من الإنتاج المحلي، لذا لابد من زيادة التوسع الرأسي في زراعة القمح من خلال زيادة إنتاجية الفدان وتحسين السلالات المنتقاة.
كما قال الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين، إن الحرب الروسية الأوكرانية كان لها تأثير في البداية على سوق الأقماح العالمي، لكن مع الوقت سيقل ذلك التأثير، مطالبًا بزيادة عدد المحاصيل الزراعية التي يتم التعاقد عليها من خلال الزراعة التعاقدية، إذ إن هناك 4 محاصيل استراتيجية تحصل عليها الدولة من الفلاح، وهى القمح، والأرز، وقصب السكر، وبنجر السكر، مشيرًا إلى أهمية ضم الذرة الصفراء والخضراوات والفاكهة ضمن الزراعات التعاقدية.
وأوضح أن الزراعة التعاقدية هي امتلاك المزارع أرض زراعية، ويتم التعاقد معه على نوع معين، مقابل توفير التقاوي، والأسمدة، ومستلزمات الإنتاج، ودعم فني، على أن تشترى الحكومة من الفلاح المحصول ونقله على حساب الشركة الحكومية المتعاقدة على الإنتاج، وذلك له ربحية وعائد اقتصادي.
وأشار خليفة إلى أن المساحة المزروعة من القمح في 2022 بلغت 3.4 مليون فدان، متوقعًا أن تنتج 9 ملايين طن قمح، وبالتالي لن تكون هناك أزمة فى توفير القمح لإنتاج الخبز المدعم، كما أنه تم إضافة نحو 11 مليار جنيه زيادة عن العام المالي الماضي مخصصات للتموين نتيجة ارتفاع أسعار القمح.