فى كل ليلة، تنسج شهرزاد من وحى خيالها باقة من أروع القصص والحكايات. ما يجعل زوجها الملك شهريار. يتلهَّف إلى سماع النهايات. تتوالى الليالى، وتتنوع الشخصيات فى حكايات شهرزاد العجيبة والمميزة ما بين جنٍّ وسلاطين وقرَدة وغيرها من الكائنات الغريبة، فيزداد شوق الملك إلى سماع المزيد.
تدور القصة الكبرى «ألف ليلة وليلة» حول شهريار وشهرزاد، عندما يكتشف شهريار فى بداية الحكاية أن زوجته الأولى لم تكن مخلصة، فيرى أن كل النساء خائنات ويقرر الزواج بعروس جديدة كل يوم وقتلها فى صباح اليوم التالى. راقب النساء وحشية شهريار وقتله لبناتهم أمام أعينهم. لكن شهرزاد، ابنة الوزير، تقنع والدها أن يقدمها إلى شهريار، وتقوم شهرزاد بحكاية قصة لشهريار، ولكنها توقف قصتها فى لحظة حاسمة، لذلك يؤجل شهريار قتلها إلى الليلة التالية، وهكذا تستمر شهرزاد برواية القصص لمدة 1001 ليلة. اختارت «البوابة» لقرائها ثلاثين ليلة من تلك الليالى.
قالت شهرزاد: «بلغنى أيها الملك السعيد، أنه كان تاجر من التجار، كثير المال والمعاملات فى البلاد، قد ركب يوماً وخرج يطالب فى بعض البلاد، فاشتد عليه الحر، فجلس تحت شجرة وحط يده فى خرجه وأكل كسرة كانت معه وتمرة. فلما فرغ من أكل التمرة رمى النواة، وإذا هو بعفريت طويل القامة وبيده سيف، فدنا من ذلك التاجر وقال له: قم حتى أقتلك مثل ما قتلت ولدى». فقال له التاجر: «كيف قتلت ولدك ؟ قال له: لما أكلت التمرة ورميت نواتها جاءت النواة فى صدر ولدى فقضى عليه ومات من ساعته». فقال التاجر للعفريت: «اعلم أيها العفريت أنى على دين ولى مال كثير وأولاد وزوجة وعندى رهون فدعنى أذهب إلى بيتى وأعطى كل ذى حق حقه ثم أعود إليك، ولك على عهد وميثاق أنى أعود إليك فتفعل بى ما تريد والله على ما أقول وكيل». فاستوثق منه الجنى وأطلقه، فرجع إلى بلده وقضى جميع تعلقاته وأوصل الحقوق إلى أهلها وأعلم زوجته وأولاده بما جرى له، فبكوا وكذلك جميع أهله ونساءه وأولاده وأوصى وقعد عندهم إلى تمام السنة، ثم توجه وأخذ كفنه تحت إبطه وودع أهله وجيرانه وجميع أهله وخرج رغماً عن أنفه وأقيم عليه العياط والصراخ فمشى إلى أن وصل إلى ذلك البستان. وكان ذلك اليوم أول السنة الجديدة، فبينما هو جالس يبكى على ما يحصل له، وإذا بشيخ كبير قد أقبل عليه ومعه غزالة مسلسلة فسلم على هذا التاجر وحياه وقال له: ما سبب جلوسك فى هذا المكان وأنت منفرد وهو مأوى الجن؟ سألهما بعد السلام عليهما عن سبب جلوسهما فى هذا المكان وهو مأوى الجان، فأخبراه بالقصة من أولها إلى آخرها، فلم يستقر به الجلوس حتى أقبل عليهم شيخ ثالث ومعه بغلة زرزورية فسلم عليهم وسألهم عن سبب جلوسهم فى هذا المكان فأخبروه بالقصة من أولها إلى آخرها، وبينما كذلك إذا بغبرة هاجت وزوبعة عظيمة قد أقبلت من وسط تلك البرية فانكشفت الغبرة وإذا بذلك الجنى وبيده سيف مسلول وعيونه ترمى بالشرر فأتاهم وجذب ذلك التاجر من بينهم وقال له: «قم أقتلك مثل ما قتلت ولدى وحشاشة كبدى». فانتحب ذلك التاجر وبكى وأعلن الثلاثة شيوخ بالبكاء والعويل والنحيب، فانتبه منهم الشيخ الأول وهو صاحب الغزالة وقبل يد ذلك العفريت وقال له: «يا أيها الجنى وتاج ملوك الجان إذا حكيت لك حكايتى مع هذه الغزالة ورأيتها عجيبة، أتهب لى ثلث دم هذا التاجر؟ قال: «نعم يا أيها الشيخ، إذا أنت حكيت لى الحكاية ورأيتها عجيبة وهبت لك ثلث دمه». فقال ذلك الشيخ الأول: «اعلم يا أيها العفريت أن هذه الغزالة هى بنت عمى ومن لحمى ودمى وكنت تزوجت بها وهى صغيرة السن وأقمت معها نحو ثلاثين سنة فلم أرزق منها بولد، فأخذت لى سرية فرزقت منها بولد ذكر كأنه البدر إذا بدا بعينين مليحتين وحاجبين مزججين وأعضاء كاملة، فكبر شيئًا فشيئًا إلى أن صار ابن خمس عشرة سنة، فطرأت لى سفرة إلى بعض المدائن، فسافرت بمتجر عظيم وكانت بنت عمى هذه الغزالة تعلمت السحر والكهانة من صغرها، فسحرت ذلك الولد عجلًا وسحرت الجارية أمه بقرة وسلمتها إلى الراعى، ثم جئت أنا بعد مدة طويلة من السفر، فسألت عن ولدى وعن أمه فقالت لى: «جاريتك ماتت وابنك هرب ولم أعلم أين راح فجلست مدة سنة وأنا حزين القلب باكى العين إلى أن جاء عيد الضحية. وقلت له: «ائتنى بعجل سمين فأتانى بولدى المسحور عجلًا، فلما رآنى ذلك العجل قطع حبله وجاءنى وتمرغ على وولول وبكى فأخذتنى الرأفة عليه وقلت للراعى ائتنى ببقرة ودع هذا». هنا، أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح. فقالت لها أختها: «ما أطيب حديثك وألطفه وألذه وأعذبه». فقالت: «وأين هذا مما أحدثكم به الليلة القابلة إن عشت وأبقانى الملك». فقال الملك فى نفسه: «والله ما أقتلها حتى أسمع بقية حديثها».