لم يترك الأدباء أى مناسبة إلا وكتبوا عنها أو وصفوها بكل ما فيها، فمنهم من نظم القصائد وآخرون لّمحوا إليها فى قصصهم أو روايتهم، بينما حاول البعض البحث والتعمق فى تفاصيل هذه المناسبة من البداية وحتى النهاية. ومن بين هذه المناسبات شهر رمضان الكريم الذى أصدر الكاتب أحمد الصاوى كتابا له تحت عنوان «رمضان زمان» عرض من خلاله كل مظاهر الاحتفال بهذا الشهر من أول أيامه وحتى نهايته، وبمناسبة حلول هذا الشهر الكريم نطلّع على ما سرده الكاتب عن رمضان زمان وكيف كان يتم استقباله.
وقفنا فى الحلقة السابقة إلى أن القرآن الكريم دون بحروف قريبة من الخط النبطى، وأعقبه تنقيط الحروف المتشابهة المعروفة بشكلها الآن الذى ابتكره نصر بن عاصم.
الواقع كانت دافعا لتطوير الكتابة العربية وإكسابها الطابع الجمالى المميز، وهو ما نجد صداه فى المصاحف الشريفة التى وصلتنا من العصور المختلفة، فجميعها قد كُتبت بخط حسن منسوب، وفى مرحلة لاحقة أصبح المصحف مجالا لتطوير المصحف من خط وزخرفة وتذهيب وتجليد، فاستعمل الخط الكوفى فى كتابة المصاحف خلال القرون الأولى، ثم بدأ استخدام الخط اللين، ويعد الخطاط البغدادى «ابن البواب» الرائد الأول فى استخدام هذا النوع من الخط فى كتابة المصحف، وإلى حد بعيد فإن خط الكثير من المصاحف المتداولة بين أيدينا يعد امتدادا فنيا لمدرسة «ابن البواب» ومدرسة خلفه ياقوت المستعصمى وإلى جانب الخطين الكوفى والنسخى، استعمل النسّاخون أنواعا أخرى من الخط العربى مثل خط الطومار والخط المغربى والخط الغبارى.
من الناحية الأخرى، فإن زخرفة المصاحف بدأت بزخرفة الفواصل بين الآيات وتمييز بدايات الأجزاء والأحزاب وسرعان ما شقت الزخرفة سبيلها فى بطء وتأن، وسارت فى طريقها من البساطة إلى التعقيد حتى استقرت على استعمال زخرفة الأرابيسك فى تزيين الصفحات الأولى والأخيرة من المصحف.
كانت أحب الألوان إلى الفنانين الذين أبدعوا فى تزيين المصاحف هما اللونان الأزرق والذهبى، فهذان اللونان يلعبان دورا عظيما فى الفن الإسلامى سواء استعمل بمفرده أو اجتمعا معا فى تحفة واحدة، كما هو الحال فى المصاحف.
وبلغ تجليد المصاحف وتذهيبها اهتماما كبيرا بفضل عناية المسلمين وحرصهم على حفظ كتاب الله، سواء كان مدونا على الرق أو الورق وتقف البشرية بكل تقدمها العلمى، فاغرة الفاه مما تضمنه المتاحف العالمية من روائع جلود المصاحف المزخرفة بالتذهيب أو بالضغط.