يعود من جديد الفن ليكون أداة داعمة للقضايا المجتمعية المسكوت عنها، فقبل 47 عاما كان فيلم "أريد حلا" لفاتن حمامة منقذ لآلاف السيدات من بيروقراطية قضايا الطلاق، فهل سيكون مسلسل "فاتن أمل حربي" هو المحرك والداعم لفتح ملف ثغرات قانون الأحوال الشخصية في مصر.
أريد حلا
أريد حلا هو فيلم مصري عُرض عام 1975، من بطولة فاتن حمامة ورشدي أباظة، ومن إنتاج أفلام صلاح ذو الفقار وإخراج سعيد مرزوق. الفيلم يحتل المرتبة الحادية والعشرين في قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية، حيث ناقش قضية سيدة تسعى للطلاق من زوجها وتلهث وراء هذا في المحاكم هي وغيرها من السيدات لسنوات.
وينتهي الفيلم والبطلة يائسة بعد مرور أربع سنوات من تداول قضيتها وإصدار القاضي حكما برفض تطليقها من زوجها، على الرغم من وجود شهود بتعدي زوجها عليها بالضرب في حرم المحكمة على مرآى ومسمع الجميع.
أثار الفيلم جدلًا واسعًا بعد عرضه، وتعرض لحملة دعائية من الإخوان المسلمين عبر مجلتهم "الدعوة"، وتم تصوير الأمر وكأنه مؤامرة ضد الشريعة.
بعد عرض الفيلم تحدث الرئيس أنور السادات فى أحد المؤتمرات عن رغبته فى إصدار قرار بتغيير قانون الأحوال الشخصية، وبالفعل جرى الأمر.
الدراما تشجع على الاحتضان
عرض الجزء الثاني من مسلسل "ليه لا" في منتصف عام 2021 والذي ناقش قضية الاحتضان وتبني الأطفال وعرض فكرة العنوسة وتأخر الحمل والزواج، وقامت طبيبة عيون تجاوزت سن الثلاثين من عمرها وتأخر زواجها بتبني طفل من إحدى دور الرعاية، وكان الأمر في سياق درامي عاطفي وأثار مشاعر بل وشجع عدد من السيدات والأسر على التبني.
وعقب انتهاء المسلسل من العرض صدر تقرير رسمي عن وزارة التضامن المصرية، أكد أن الإقبال على كفالة الأطفال اليتامى زاد منذ بدء عرض حلقات المسلسل، وسط حملة أطلقتها مؤلفة العمل وتبنتها منة شلبي بطلة المسلسل بعنوان "الأطفال مكانها البيوت"، تدعو للتوسع في احتضان الأطفال المودعين بدور رعاية الأحداث.
وحسب التقرير أكدت وزارة التضامن المصرية أنها استقبلت أكبر عدد طلبات كفالة تم تقديمه في عام واحد في تاريخ الوزارة، بعد عرض الجزء الثاني من مسلسل « ليه لأ» رغم أنه يعرض على منصة مشفرة حصريا، وأشار التقرير إلى أن الوزارة درست 2700 طلب كفالة أغلبهم من فتيات لم يسبق لهن الزواج.
فاتن أمل حربي
هذا العام تعود نيللي كريم بدعم من وزارة التضامن الاجتماعي والتي يبرز اسمها على بداية تتر المسلسل وشكر خاص لها على دعمها للعمل.
تناقش "نيللي كريم" أو فاتن قضايا الأحوال الشخصية وماذا بعد الطلاق، وقضايا الولاية التعليمية والنفقة والتمكين من بيت الزوجية للمرأة الحاضنة، والنفقة، والطريق الطويل التي تسلكه تلك القضايا في قاعات المحاكم.
المسلسل من تأليف الكاتب الكبير "إبراهيم عيسى" والذي يحمل في طياته عدد من القضايا التي تخص المرأة والمجتمع، بشكل درامي وجعل المشاهدين والمختصين بالأمر يتداولون أحداثه ويناقشوها ويطالبون بضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية، فعلقت الدكتورة إيمان عزت مؤسسة حملة حماية لإنقاذ الطفل، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «شريف سلامة عشان يذل طليقته ويخليها ترجعله طلع بناته من المدرسة لمجرد في خلاف مع الأم، قرر يضحي ويدوس عليهم».
وتابعت: «ودخلهم في صراع ملهمش ذنب فيه لمجرد أنه أبو الأولاد، القانون الحالي لا يمنع الأب من نقل الأولاد من المدرسة أو سحب ملفهم، ألم يحن أن يتعدل القانون مثلما تعدل قديمًا بسبب فيلم أريد حلًا»، مضيفة أنها تتمنى أن لا يتضرر الأبناء بعد مناقشة مسلسل «فاتن أمل حربي» للقضية.
استغلال الأطفال في المساومات
أشار هاني هلال، رئيس ائتلاف الطفل، بأن هناك اشكالية ضخمة بشأن استغلال الاطفال من قبل الطرفين سواء الأب أو الأم في المساومات على الحقوق المادية او الحضانة، وطول الوفت هناك نزاع تاريخي بشأن تلك الأمور.
وأضاف "هلال"، في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن هناك قانون في البرلمان لمناقشة تعديلات الأحوال الشخصية بشأن ترتيب الحضانة وهي قضية خلافية بجانب موضوع الاستضافة مكان الرؤية"، مشيرا الي ان التعديلات حال الموافقة عليها سيتم وضع عقوبات رادعة حال تزوير الزوج لمفردات راتبه وأيضا ستكون الرقمنة الحكومية دورا هاما في معرفة بيانات دخل الزوج الحقيقية دون الحاجة لاثباتات ورقية يتم التلاعب بها.
وتابع: "كما سيكون هناك تطورقانوني كبير في نفقة الزوجة من خلال دور بنك ناصر الاجتماعي في توفير النفقة كالتزام من جهة الاب".
ووفقا للتعديلات التي يناقشها البرلمان: "من يمتنع عن تسليم بيان الدخل الحقيقي لمدة تزيد عن 15 يوم سيتعرض لحبس وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه.. وأما عن ترتيب الأب في الحضانة فقد تغير بعد أن كان في المرتبة 16 أصبح في المرتبة 4 وجاء الترتيب كالتالي (الأم– أم الأم– أم الأب– الأب).. وبعد أن يتم الصغير 15 عام ينتهي الحق في الحضانة".
أين تقف تعديلات قانون الأحوال الشخصية
منذ أكثر من عام ونصف أرسل الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء مشروع قانون لتعديل الاحوال الشخصية، وكان من المتظر أن تقوم اللجان المعنية بمناقشته خاصة أنه تم ارساله من الحكومة والموافقة عليها من قبلها.
ويحق للحكومة وفقًا للمادّة 122 من الدستور المصري، تقديم مشاريع قوانين إلى البرلمان لمناقشتها وتعديلها والتصويت على صدورها أو رفضها.
والقانون الذي مر عليه عاما ونصف يتكون من 194 مادة معنية بتنظيم أحكام الزواج وانتهائه، وينقسم إلى 7 أبواب تشمل الخطبة وعقد الزواج، وآثار الزواج وأحكامه، وانتهاء عقد الزواج والطلاق، والتطليق والفسخ والتفريق، والخلع، والمفقود، والنسب، والنفقة، والحضانة، وصندوق دعم ورعاية الأسرة المصرية الجديد.
وفي 4 مارس 2012، أصدرت أكثر من 300 منظمة نسوية وشخصية عامة وحقوقية بيانًا أعربت فيه عن رفض مقترح قانون الأحوال الشخصية المقدم من الحكومة نتيجة رفض إجراء حوار مجتمعي قبل إعداد مقترحات قوانينها.
وما زالت مؤسسات المجتمع المدني تطالب بتعديل تلك القوانين، فهل سيكون الفن عاملا محركا لمتابعة مناقشة القانون بالبرلمان.
