فى سلسلة «هواها شعبي» التى تقدمها جريدة «البوابة نيوز» خلال شهر رمضان المبارك، نحاول الإجابة عن سؤال الهوية المصرية، أو بالبلدى كدا «إحنا مين؟»، وهل نحن حقًا نحمل سمات الحضارة المصرية القديمة، بكل ما تحمله من موروث ثقافى امتد عبر الأزمنة المتعاقبة، ومازال ينبض حيًّا جسده المصرى القديم عبر جدران المعابد والمقابر الأثرية. فمازال المصرى يحتفل بأعياد دورة الحياة من ميلاد وزواج ووفاة، حتى احتفالات الحصاد وغيرها من الاحتفالات التى تعبر عن الهوية المصرية، وفى هذه السلسلة سنعبر خلال الأزمنة والأمكنة لنلقى الضوء على هويتنا المصرية والمجسدة فى تراثنا الشعبى «الفولكلور»..
تستمر الحكايات والروايات التى يحيكها الراوى الشعبى عن «مهر عروس» والمهر هو الصداق أو ما يجلبه العريس لعروسه مقابل موافقتها على الزواج منه، ولها كل الحق فى التصرف فيه، وعلى رأى المثل الذى قال «بفلوسك بنت السلطان عروسك»، وكل عروس يقيم قيمة مهرها بما تحمله الجماعة الشعبية من موروث ومعارف شعبية، فكل منطقة تحدد قيمة مهر العروس وفقًا لما تراه وما يتناسب مع العرف السائد فيها، كما أن مهر العروس يتم تحديده وفقًا للطبقة الاجتماعية التى تنتمى إليها العروس، فابنة الملك أو شيخ القبلية أو كبير العائلة يكون لها مهرًا مغايرًا تمامًا عن مثيلاتها من الفتيات اللاتى ينتمين لطبقات اجتماعية أقل.
ففى سيرة «الزير سالم» يحكى لنا الراوى عن العجب العجاب، عن مهر الملك، ملك بلاد كابل، والذى قرر أن يتزوج ابنة الملك «بهروان» ملك بلاد خرسان، فأرسل الأول وزيره محملاً بمهر عروسة المنتظرة ومعه رسالة وحمول بزيادة.
وقد جهزت القافلة بهدايا تخلب العقل والوجدان، وحملت الأحمال ألفًا وخمسمائة حمل من الحرير والجواهر النادرة واللؤلؤ والمرجان والذهب والفضة ومعادن لا تعرف توصيفها من كثرة جمالها وبريقها، وحمل مهرها على الجمال والبغال، وسلمها الوزير «عين زار» وأرسل معه رسالة يقول فيها «أما بعد، فالسلام على الملك بهران، أعلم أننا قد جمعنا المنجمين والحكماء وأرباب التقاويم، فأخبرنا أننا سنرزق ولدًا ذكرًا، ولا يكون ذلك الولد إلا من ابنتك، وها أنا جهزت لك الوزير «عين زار» ومعه أشياء كثيرة من جهاز العروس.
أما سيرة الظاهرة بيبرس، فتحمل لنا أغرب الأوصاف لعروس عثمان الحلبى إذا أرد فى عروسه مواصفات حيرت الجميع، فطلب عثمان ابن الحلبى من الظاهر بيبرس بأن يبحث له عن عروس يقوم بتزويجه منها، فأمر بيبرس من أم عثمان بمهام الخاطبة، وتقوم بالبحث عن العروس ذات المواصفات العجيبة، فكان عثمان يشترط فى أن تجد له عروسا بيضاء اللون، وأن تعرف القراءة والكتابة وأن تكون على ذقنها شامة خضراء، وعلى خدها وردة حمراء، ما زادها حيرة وأين تجد تلك العروس فقامت فى البحث بجميع مدن المحروسة حتى تعثر على تلك الزوجة الفريدة، وعندما تعبت من البحث والتدوير توجهت إلى مقام السيدة زينب لتضرع إليها لتساعدها فى ايجاد تلك العروس المجهولة ذات المواصفات المهولة، وتأخذها قدمها إلى الحمام التى تجتمع فيه النساء للاستحمام، وبعد أن تفحصت الموجودات لتجد العذراء ذات الشامة الخضراء وتعرف أنها ابنه قاضى الجيزة، فتذهب لتخبر الظاهر بيبرس بأنها عثرت على الفتاة المرغوبة، ليرسل الظاهرة بيبرس بدوره مهر العروس.