الكوميديا نوع من أنواع التشخيص الجميل ذات طابع خاص، يجسد فيه الممثل شخوصا معينة فى صور وقوالب مرحة من صنع المفارقات، ينتج عنها عروض تُكتب بقصد التسلية فى فصول سهلة تنهض على المفارقة والإفيهات الخالدة لصنع حالة من البهجة والسعادة لدى الجمهور. وتحت قبة المسرح تجتمع كافة أشكال الفنون، وخلال رحلته الطويلة وقف على خشبته مبكرا؛ مجموعة من الرائدات منذ مراحله الأولى وصولا اللحظة الحالية، قدمن تراثًا خالدًا سيبقى على مر الزمان. وقد اختص المؤرخ المسرحى د. عمرو دوارة «البوابة» بفصول لم تنشر بعد من موسوعته الجديدة غير المسبوقة، التى تحمل عنوان «سيدات المسرح المصري»، ولم يستقر على دار نشر لطباعتها حتى الآن، حيث تضم هذه الموسوعة السيرة الذاتية والمسيرة المسرحية لـ150 رائدة، منذ بدايات المسرح الحديثة 1870 حتى 2020، والمصحوبة بصور نادرة سواء شخصية أو لعروضهن المسرحية، وقد نجحن فى المساهمة بإبداعهن فى إثراء مسيرة المسرح المصرى. وخلال أيام الشهر المبارك نستكمل نشر 30 حلقة للسيرة الذاتية لرائدات برعن فى أداء الأدوار الكوميدية
تعد الفنانة زينات صدقى، من الفنانات اللاتى اشتهرهن بطريقة أداهن المتميزة، فبمجرد ذكر اسمها أو ظهورها بإحدى الأدوار على الشاشة أو حتى رؤية صورتها سيتذكرها الجميع، كما سيتذكرون على الفور أدوارها المتميزة وأدائها الكاريكاتيرى الفكاهى والمبالغ فيه لبعض الشخصيات والأنماط الشعبية، ونجاحها فى توظيف ملامح وجهها المصرية الأصيلة، التى تتسم بضخامة تقاطيعها بصورة قد توحى بالقسوة والعدوانية، وكذلك سيتذكرون بعض عباراتها وضحكاتها الساخرة المميزة ولعل من أهمها: دا حتى مش كويس على عقلى الباطن يا خواتى، عوض على عوض الصابرين يا رب، بتبصلى كده ليه والمكر جوا عينيك، الوحش الكاسر الأسد الغادر إنسان الغاب طويل الناب، يا سارق قلوب العذارى، يا ختى جماله حلو، كتاكيتو بنى، أنا الآنسة حنفى يا مهدى إلى الحديقة يا وارد أفريكا.
تألقت جدا فى تجسيد عدة أنماط كوميدية بصورة محببة منها: «المرأة العانس، الخاطبة الثرثارة، المرضعة، الشغالة سليطة اللسان، زوجة الأب القاسية، والحماة المتسلطة ذات الشخصية القوية»، فهى من مواليد حى الجمرك بمحافظة الإسكندرية، فى ٤ مايو عام ١٩١٢، واسمها الحقيقى زينب محمد مسعد صدقى، التى تنتمى أسرتها لأصول مغربية، وكان والدها شيخا من كبار تجار الإسكندرية، وقد درست الدراسة الإلزامية ثم الابتدائية، وقد توفى والدها وهى فى عمر الثالثة عشر، فارتبطت خلال تلك الفترة بوالدتها التى ظلت تعيش معها طوال حياتها، هكذا أوضح المؤرخ المسرحى الدكتور عمرو دوارة، مشيرا إلى بعض المراجع حرصها على صقل موهبتها بالدراسة فى معهد أنصار التمثيل والخيالة الذى أسسه الفنان زكى طليمات فى الإسكندرية، ولكن أهلها منعوها من استكمال دراستها لتزويجها من ابن عمها الطبيب، فتزوجت وهى فى سن الخامسة عشر، وكان زوجها يكبرها بـ١٧ عاما، ويعاملها معاملة سيئة فلم يستمر زواجهما سوى ١١ شهرا، ووقع الطلاق بينهما دون أن ينجبا.
وبعد ذلك تزوجت مرتين، كان زواجها الثانى من الملحن الشهير إبراهيم فوزى، ورغم انتمائه للوسط الفنى إلا أن زواجهما لم يكلل بالنجاح وانفصلا بعد فترة قصيرة، حتى تزوجت فى خمسينيات القرن الماضى من أحد الضباط الأحرار، وهو الزواج الذى استمر أربعة عشر عاما رغم عدم رضاء أسرته على هذا الزواج، ولكنه انتهى أيضا بالانفصال بعدما حاول زوجها إجبارها على اعتزال الفن وطلب منها إيداع والدتها إحدى دور المسنين.
عملت فى بداية حياتها كمونولوجست وراقصة، لكن أسرتها اعترضت على عملها فى الفن، فهربت منهم إلى الشام وتحديدا إلى لبنان مع صديقتها خيرية صدقى، والتى حملت لقب عائلتها فأصبح اسمها زينب صدقى، حتى التقت بالفنان نجيب الريحانى الذى مد لها يد العون وضمها إلى فرقته ككمبارس وأدوار ثانوية وأطلق عليها اسم «زينات» حتى يمنع التطابق بين اسمها واسم الفنانة زينب صدقى عضو فرقة رمسيس، وبعد عودتها من الشام قررت وبناء على نصيحة الفنان سليمان نجيب أن تركز جهودها فى مجال التمثيل فانضمت إلى فريق جمعية أنصار التمثيل والسينما، التى تأسست عام ١٩١٣، واكتسبت خلالها بعض المهارات والخبرات المسرحية، واشتهرت فى السينما والمسرح بأداء دور العانس، ونجحت فى تكوين ثنائى فنى مع بعض الفنانين من أشهرهم: عبد الفتاح القصرى، وعبد السلام النابلسى، كما شاركت الفنان إسماعيل يس فى عدد كبير من الأفلام السينمائية، وعملت معه أيضا ضمن فرقته المسرحية لعدة سنوات.
قدمت مع فرقة «فاطمة رشدي» مسرحية «المتمردة» عام ١٩٢٧، ومع فرقة «بديعة مصابني» عروض: «السكرتير الخاص، والنجمة السينمائية، وباريس فى مصر، وبقال وعيادة، وبيت مجانين، وتسعة وتسعين مقلب، وجنون بالنيابة، وجواز بالجملة، وحلاوة السلامة، وخدامة البيه، وخناقة بالتلغراف، وعريس بروشتة، وعش غرام، وعلى قد لحافك، وفلوس بتجرى، وما تخافش من الستات، ونبيه جدا» عام ١٩٣٩، و«الأول والثانى، والشاطر اللى يضحك فى الآخر، والفرسان الأربعة، والصيت ولا الغنى، واللى ما يرضى بالخوخ، وبطيخة حاتتجوز، وبنطلون رومية، وجنان أصلى، وخط النار، وسكان محترمين، وشباك الهوى، وكباريه جهنم والسيرك العالمى، وليلة فى الكرار» فى ١٩٤٠، و«جواز باليومية، وحاجات تجنن، ودرس فى التاريخ، ولازم تضحك» عام ١٩٤١، و«ليلة الدخلة» فى ١٩٤٢، و«الهوانم ضد الرجالة» عام ١٩٤٣.
ومع فرقة «الريحاني» قدمت مسرحيات: «حسن ومرقص وكوهين» عام ١٩٤٣، «إلا خمسة، وسلاح اليوم» فى ١٩٤٥، و«الدنيا ماشية كده» عام ١٩٤٨، «أحب حماتى، وثلاثين يوم فى السجن» فى ١٩٤٩، و«احترس من الستات، والستات لبعضهم، وأشوف أمورك أستعجب، وأنت وهو، ومن أين لك هذا؟ فى ١٩٥٠، وابن مين بسلامته؟.
أما مع فرقة «إسماعيل يس» قدمت مسرحيات: «حبيبى كوكو، والست عايزة كده، وعريس تحت التمرين» عام ١٩٥٤، و«صاحبة الجلالة، وجوزى بيختشى، وصاحبة الجلالة، ومن كل بيت حكاية» فى ١٩٥٥، و«ركن المرأة، وخميس الحادى عشر، وأنا عايزة مليونير، وروحى فيك، وسهرة فى الكراكون، وعفريت خطيبى، ومراتى فى بورسعيد» عام ١٩٥٦، و«الكورة مع بلبل، وعمارة بندق، وكل الرجالة كده» فى ١٩٥٧، و«جوزى كداب، وحرامى لأول مرة، وضميرى واخد أجازة، وعايزة أحب، ومراتى قمر صناعي» عام ١٩٥٨، و«حب وجواز وفلوس، وليلة الدخلة، ويا الدفع يا الحبس» فى ١٩٥٩، و«حماتى فى التليفزيون، وسنة تانية جواز، وعقول الستات، وعمتى فتافيت السكر، ومنافق للإيجار» عام ١٩٦٠، و«كناس فى جاردن سيتى، وثلاث فرخات وديك، وهل تحبين شلبي؟، ويا قاتل يا مقتول» فى ١٩٦٢، و«الحب لما يفرقع، وعلشان خاطر الستات» عام ١٩٦٣، و«زوج سعيد جدا» فى ١٩٦٤، و«أنا وأخويا وأخويا» عام ١٩٦٥، و«أنا حظى بمب، وسفير هاكا باكا» فى ١٩٦٦.
كما قدمت مع فرقة «ساعة لقلبك» مسرحيات: «دكتور المطبخ» عام ١٩٥٧، و«أنا مين فيهم» فى ١٩٥٨، و«دور على غيرها، ومراتى صناعة مصرية» عام ١٩٥٩، و«الستات ملايكة، وطلعالى فى البخت» فى ١٩٦٠، «يا مدام لازم تحبيني» عام ١٩٦١، ومع فرقة «حسن أبوداود» المسرح الكوميدى عرض «حركة واحدة أضيعك» عام ١٩٦٦.