الوقف هو مصطلح إسلامي، لغويا يعني الحبس أو المنع، واصطلاحاً هو "حبس العين عن تمليكها لأحد من العباد والتصدق بالمنفعة على مصرف مباح، الأصول الثابتة كالعقارات والمزارع وغيرها، ويشمل الأصول المنقولة التي تبقى عينها بعد الاستفادة منها كالآلات الصناعية والأسلحة أما التي تذهب عينها بالاستفادة منها فتعتبر صدقة كالنقود والطعام وغيرها. ويختلف الوقف عن الصدقة في أن الصدقة ينتهي عطاؤها بإنفاقها، أما الوقف فيستمر العين المحبوس في الإنفاق في أوجه الخير حتى بعد الوفاة.
سأل أحد الأشخاص الذين قاموا بالوقف، دار الإفتاء، "هل يجوز إلغاء وقف الأرض التي أوقفتها لصالح وزارة الأوقاف، لأن أولاده يسكنون معه وليس له مكان اخر لينتفعوا به بعد الوفاة"؟.
واطلع مجلس دار الإفتاء على حجة الوقف، وبعد البحث ومداولة الرأي، رأى المجلس أنه لا يجوز شرعا الرجوع عن الوقف المذكور، وذلك لأن الوقف بمجرد انعقاده يقع لازما، لا يجوز الرجوع عنه، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، خلافا للإمام "أبي حنيفة" الذي يرى عدم لزوم الوقف إلا إذا حكم به الحاكم، أو أخرجه مخرج الوصية، ومما يدل على لزوم الوقف وعدم جواز الرجوع عنه ما يلي:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)(1). وقد فسر العلماء الصدقة الجارية بالوقف ولا يكون الوقف صدقة جارية إلا إذا أصبح الوقف فيها لازما يمنع التصرف به، وإلا لامتنع معنى الاستمرارية والجريان فيه.
وقال عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أصاب عمر أرضا بخيبر، فأتى النبي "صلى الله عليه وسلم" يستأمره فيها، فقال يا رسول الله إني أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ فقال إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها قال: فتصدق بها عمر على أن لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب، فتصدق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول مالاً)(2). وفي رواية البخاري: (تصدق بأصلها لا يباع ولا يوهب ولكن ينفق ثمره) أفادت رواية البخاري أن كونه لا يباع ولا يوهب من كلامه صلى الله عليه وسلم وإن هذا شأن الوقف وهو يدفع قول أبي حنيفة بجواز بيع الوقف أو الرجوع عنه قال أبو يوسف: (لو بلغ أبا حنيفة هذا الحديث لقال به ورجع عن بيع الوقف).
وجاء في المادة الثالثة من قانون العدل والإنصاف ما نصه: (بمجرد انعقاد الوقف صحيحًا يزول ملك الواقف عن العين الموقوفة ويصير الوقف لازمًا فلا يملك الواقف الرجوع عنه ولا يملك لأحد من الموقوف عليهم أو غيرهم ببيع أو هبه أو غيرهما ولا يرهن ولا يورث وهذا موجبه.
ويرفع الخلاف الحاكم "أي بموجب القانون" ويلزم الأخذ بلزوم الوقف وعدم الرجوع عنه وقد أخذ القانون المدني الأردني بذلك فقد نصت الفقرة (أ) من المادة (1243) منه: "بعد إتمام الوقف لا يوهب الموقوف ولا يورث ولا يوصى به ولا يرهن ويخرج عن ملك الواقف ولا يملك للغير " كما نصت المادة (1159) منه" لا شفعة في الوقف ولا له"، والله تعالى أعلم.
الأخبار
الوقف .. هل يجوز إلغاؤه ؟
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق