مسجد قباء الذى أسسه الرسول- صلى الله عليه وسلم- حين قدم مهاجرًا إلى المدينة قبل أن يدخلها عند مبرك ناقته، ثم بعد ذلك المسجد النبوى الشريف الذى بناه فى السنة الأولى للهجرة، يعد أول وقف فى الإسلام، والصلاة فيه تعدل أجر عمرة، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من تطَهَّرَ فى بيتِهِ، ثمَّ أتى مسجدَ قباءٍ، فصلَّى فيهِ صلاةً، كانَ لَهُ كأجرِ عمرةٍ)، ما روى عن سعد بن أبى وقّاص رضى الله عنه، أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال:«لأَن أُصلِّيَ فى مسجِدِ قُباءَ رَكْعتينِ أحبُّ إليَّ من أن آتيَ بيتَ المقدسِ مرَّتينِ، لو يعلَمونَ ما فى قُباءَ لضربوا أَكْبادَ الإبلِ»، ما رواه عبد الله بن عمر رضى الله عنه، من أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كان يأتى قباءَ، كلَّ سبتٍ، كان يأتيه راكبًا وماشيًا».
وكان النبى أول من وضع حجراً فى قبلته، ثمّ جاء أبو بكر الصديق- رضى الله عنه- ووضع حجراً آخر، ثمّ فعل عمر بن الخطّاب- رضى الله عنه- كما فعل أبو بكر، فشرع النّاس بعدهم فى البناء والفرحة تغمرهم حتى أكملوا بناء المسجد، وسُمّى مسجد قباء بهذا الاسم نسبةً إلى بئر قباء، الذى كان موجودًا فى هذه المنطقة وسمّيت باسمه.
بالإضافة إلى ذلك، قام الرسول بوقف الحوائط السبعة بالمدينة وهي: الميثب والصائفة والدلال وحسنى وبرقة والأعواف ومشربة أم إبراهيم، فجعلها النبى صلى الله عليه وآله وسلم صدقة، التى كانت لرجل يهودى اسمه مخيريق بن النضير، وكان محبوبا ودودا للرسول وقاتل مع المسلمين يوم أحد، حيث أوصى إن أصبت فأموالى لمحمد يضعها حيث أراه الله تعالى، وقتل على يهوديته. قال الرسول «مخريق خير يهود». وحث قومه على مناصرة نبى الإسلام فى معركة أحد، فقُتل بها، ويقال: إنه من بنى قينقاع ويقال من بنى القطيون، وكان عالمًا وقد أوصى بأمواله للنبى صلى الله عليه وسلم، غزوة أًحد، وكان يوم «أًحد» يوم السبت، قال يا معشر يهود والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق. قالوا: إن اليوم يوم السبت قال لا سبت لكم. ثم أخذ سلاحه فخرج حتى أتى رسول الله بأحد وعهد إلى من وراءه من قومه إن قتلت هذا اليوم فأموالى لمحمد يصنع فيها ما أراه الله، فلما اقتتل الناس قاتل حتى قتل، وقبض رسول الله أمواله فهى عامة صدقات رسول الله بالمدينة منها.