أكد الكاتب التونسي والمحلل السياسي، نزار الجليدي، أن الجماعات الإرهابية منذ مدة طويلة انتبهت لضرورة حماية نظام التمويلات داخلها، ما جعلها تجتهد في تطوير أساليبها في لتأمين التمويل، إلى جانب وضع خطط لتنفيذ عمليات كبيرة بأقل تكلفة، مما يعرف باسم "إرهاب منخفض التكلفة".
وأضاف "الجليدي"، المقيم في باريس، في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن نائبة رئيس لجنة مجلس الشيوخ الفرنسية للقانون والتنظيم، السيناتورة ناتالي جوليه، أصدرت قبل أيام في هذا الشأن كتابًا بعنوان "أبجدية تمويل الإرهاب"، وهو يُعد ورقة مهمة لمعرفة خفايا تمويل جماعة الإخوان لمنصاتهم في أوروبا، وغيرها من الجماعات.
وتابع الكاتب السياسي، أن النائبة الفرنسية "جوليه" اعتمدت على تقارير استخباراتية تحدثت عن تمويل المساجد من تركيا، واستعمال بنوك فرنسية من خلال جمع تبرعات لجمعيات لا يعرف خطوط تمويلها، حيث أشارت إلى أحد الأخطاء الكبيرة في السياسة الفرنسية وهو أن عمل الجمعيات ظل لسنوات طويلة غير مراقب، لذا استغله الإخوان في تمويل المساجد بعلل تكوين جمعيات ثقافية وخدمية لنشر الثقافة الإسلامية والسلام، لكنها في الحقيقة منصات واضحة وتابعة للجماعة، وتحصين لأرصدتها في بنوك فرنسية.
ولفت "الجليدي" إلى أن هذه الجمعيات الإخوانية عملت على استغلال المهاجرين غير الشرعيين، كما جندت الشباب في فرنسا، حيث تم رصد اليوم أكثر من 200 عنصر من أصول عربية مسلمة ويحملون الجنسية الفرنسية ذهبوا إلى سوريا.
وقال الكاتب التونسي: إن الجماعات الإرهابية في أوروبا تعتمد على أساليب مختلفة للتمويل غير مألوفة، ما يجعل البعض يشارك فيها دون أن يعلم أنه يعمل لصالح تنفيذ عمليات إرهابية أو نشاطات نشر الفكر المتطرف وتجنيد الشباب، ومن هذه الأساليب المستخدمة: الفن، عملة البيتكوين، الربح عبر الإنترنت، التزييف، الائتمان الاستهلاكي، المنظمات غير الحكومية.
وأوضح "الجليدي" أن كتاب "أبجدية تمويل الإرهاب" يعزز فهم مصادر تمويل الإرهاب من أجل مكافحته، حيث قدمت نظرة شاملة وفريدة مصحوبة بالأمثلة والوقائع، بداية من نفط تنظيم داعش، إلى العملات المشفرة، والائتمان الاستهلاكي، أي الاستفادة من قروض لمؤسسات خدمية وغير ربحية، وغير ذلك.
"النظام المصرفي التقليدي أصبح ورقة مكشوفة وقديمة، لذا تعتمد التنظيمات على تنويع مصادرها وطرق تمويلها"؛ هكذا يبين "الجليدي" الذي يشرح مستكملا: "التمويل الآن بحسب كتاب "جوليه" أصبح أكثر تعقيدا خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، وكذلك مع الكفاءة المتزايدة لأنظمة رقابة الاستخبارات المالية، لا سيما من خلال تفضيل الأشكال اللامركزية للتمويل الذاتي والمصادر البديلة والتحويلات غير المادية أو مجهولة المصدر.
وشدد الكاتب في الشأن السياسي، على أهمية تجفيف دوائر التمويل التي تمثل المركز العصبي لمكافحة شبكات الإرهاب ومافيا الفساد أيضا.
ووفقًا لكتاب "جوليه"، فإن شبكات الإرهاب تستخدم نفس طرق الجريمة المنظمة، لذا من الطبيعي أن سقوط شبكات إرهابية يتبعه سقوط لترسانة من الجرائم الخطيرة مثل: غسيل الأموال، والفساد، والإتجار بالمخدرات أو بالبشر، أو الأعمال الفنية، وتهريب الأسلحة، والخطف.