لم يترك الأدباء أى مناسبة إلا وكتبوا عنها أو وصفوها بكل ما فيها، فمنهم من نظم القصائد وآخرون لّمحوا إليها فى قصصهم أو روايتهم، بينما حاول البعض البحث والتعمق فى تفاصيل هذه المناسبة من البداية وحتى النهاية. ومن بين هذه المناسبات شهر رمضان الكريم الذى أصدر الكاتب أحمد الصاوى كتابا له تحت عنوان «رمضان زمان» عرض من خلاله كل مظاهر الاحتفال بهذا الشهر من أول أيامه وحتى نهايته، وبمناسبة حلول هذا الشهر الكريم نطلّع على ما سرده الكاتب عن رمضان زمان وكيف كان يتم استقباله..
ذكر الكاتب أحمد الصاوي بعض القصص والنوادر الذي ذكرت في رؤية هلال شهر رمضان التي سجلها في كتابه «رمضان زمان» فقال إنه ثمة نوادر حدثت في ليالي الرؤية التي كانت تتم بالعين المجردة، منها أن جماعة فيهم أنس بن مالك الصحابي حضروا لرؤية هلال رمضان، وكان قد قارب المائة، فقال «أنس» قد رأيته هو ذاك وجعل يشير إليه ولا يرونه، وكان إياس القاضي حاضرا وهو أفطن أهل الناس في زمانه فنظر إلى أنس وإذا شعرة بيضاء من حاجبه قد انثنت فوق عينيه فمسحها إياس وسواها بحاجبه ثم قال له انظر يا أبا حمزة فجعل ينظر ويقول لا أراه .
وحدث أن اجتمع الناس لرؤية الهلال فكانوا يحدقون في الأفق ولا يرون شيئا، فصاح رجل من بينهم لقد رأيته فاستعجبوا من قوة إبصاره، وقال كيف أمكنك أن تراه دوننا؟؟، فطرب الرجل لهذا الثناء وصاح قائلا : وهذا هلال آخر بجواره فضحك الحضور منه وطلبوا ليلة رؤيته فقال لهم أبو مهدية المضحك فما طلب أحد عيب إلا وجده
وصعد آخرون ليلة لنظره فلم يروه، فلما هموا بالانصراف رآه صبي وأرشدهم إليه فقال له أحدهم : بشّر أمك بالجوع المضني، وقيل لرجل أما تنظر لهلال رمضان فقال ما أصنع به محل دين ومقرب حين ومؤذن جوع.
وقيل أنه بلغ اهتمام الفاطميين بإنارة المساجد في شهر رمضان حدا لجأ معه الحاكم بأمر الله إلى صياغة تنور هائل من الفضة الخالصة لإضاءة محراب الجامع الأزهر في ليالي رمضان ولم يستطع القومة إخراجه بعد انقضاء الشهر الكريم إلا بعد هدم الحائط المجاور.
وقيل إنه خلال عصر محمد علي باشا وحتى مشارف القرن العشرين استمرت مشارف حفلات طوائف الشعب تشارك في احتفالات استطلاع هلال رمضان بعدما انتقل إثبات الهلال للمحكمة الشرعية، فيخرج الموكب من محافظة القاهرة إلى المحكمة الشرعية تتقدمه الموسيقى والجنود بطبولهم حتى إذا ثبتت رؤية الهلال تطلق الصواريخ والألعاب النارية وتطلق المدافع وتضاء المآذن ثم يمر موكب الرؤية في أنحاء القاهرة معلنا الصيام.