الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

حوارات ثقافية| محمد بركة: أنطون تشيخوف أفضل من كتب القصة القصيرة في التاريخ

الروائي محمد بركة
الروائي محمد بركة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على مائدة «البوابة نيوز» الثقافية خلال شهر رمضان، مثقفون وأدباء يتحدثون عن البدايات وكيف تكونت شخصية المثقف، ومدى تأثرهم بالأدب العربى والعالمى، ذكريات وطقوس المثقفين خلال الشهر المبارك، الدراما ومسلسلات رمضان من وجهة نظر المثقفين، ونصائح للجيل الجديد والشباب.. حوارات يومية على مدار الشهر. 

موعدنا اليوم مع حوار جديد من حوارات رمضان الثقافية مع الروائي محمد بركة، وإليكم نص الحوار

■ حدِّثنا عن ذكرياتك مع شهر رمضان في الطفولة.. كيف تفتح وعيك بطقوس الشهر المعظم في الصغر؟ وما أبرز المواقف العالقة في ذهنك تجاهه؟

- شهر رمضان له خصوصية مدهشة ولا ينجو من تأثيره وسحره شخص ما حتى الملحد ومن على ديانة أخرى غير الإسلام يخضع لبريق شهر رمضان ويمسه شيء من تجليات هذا الشهر، وعلى المستوى الشخصي لم أكن من الأطفال الذين خاضوا تجربة الصوم مبكرا، حيث إنني أصبحت أصوم في مرحلة متأخرة نسبيا بالمقارنة بالآخرين، وفيما يتعلق بذكريات وإحساس هذا الشهر يعجبني كثيرا فكرة اجتماع البشر على لحظة واحدة ومشهد واحد وأن يقترن هذا المشهد بلحظة الغروب هذا بالنسبة لي طقس شاعري شديد التفرد، لحظة الغروب الجميع يلحق ببيته هذا شيء بالنسبة لي مدهش وجميل، هناك قصة تتكرر دائما في الوسط الثقافي أبطالها أديبان الأول مسلم مفطر والثاني قبطي بطبيعة الحال لا يصوم يذهبون إلى مائدة رحمن كاثنين من المتطفلين وكأنهما اثنين من اللصوص فينتبه إليهم أحد المسئولين عن إعداد مائدة الرحمن فيصيح المسلم أجري يا جرجس.

■ ماذا عن طقوسك في شهر رمضان الآن؟

- رمضان بالنسبة لي هو موسم القراءة والكتابة الأعظم لماذا؟ لأن اليوم ينتظم لديك بشكل إجباري، اليوم منظم تنظيما ربانيا جاهزا، ويصبح صافيا خاليا من الشوائب تستطيع أن تنجز فيه إنجازات رائعة، روايتي الأخيرة «حانة الست» أنجزت الجزء الأهم فيها خلال شهر رمضان الذي نقحت خلاله العمل بدأب وبشكل يومي، أصلي الفجر ثم أجلس لمدة ساعة في القراءة والكتابة ثم أستيقظ قبل الظهيرة بقليل للقراءة والكتابة حتى موعد الفطار.

أستغرب جدا أن يتحول رمضان شهر الصوم والامتناع عن الطعام إلى أكثر شهور العام استهلاكا للطعام وتتضاعف فيه ميزانية البيت المصري إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف المعدل الطبيعي، ويحدث لدينا هوس من رمضان وكأننا داخلين على مجاعة، لماذا يفعل المصريون هذا خلال رمضان ويخزنون الطعام بكميات مرعبة لا تتناسب مع دخل الناس، من أين ينتج هذا الرعب المصري من تخزين الطعام خلال شهر رمضان؟

■ هل هناك كتب معينة تستعيد قراءتها في هذا الشهر؟

- عندي قائمة مؤجلة ضخمة من الكتب التي لم أقرأها في كل المجالات في التاريخ والعلوم ربما كانت أقل المجالات التي تستهويني القراءة فيها هي الرواية، أعتبر شهر رمضان فرصة عظيمة لاستكمال قائمة كبيرة من الكتب المؤجلة طوال العام.

■ كيف ترى الدراما التي يتم تقديمها في المواسم الرمضانية؟ وما أبرز النجوم أو الكتاب الذين تحرص على متابعتهم؟

- المشاهد المصري لا يجد طوال السنة بعيدا عن شهر رمضان سوى مسلسل أو اثنين على الأكثر لمتابعتهما ثم يفاجأ بطوفان من المسلسلات خلال رمضان، المشاهدة التليفزيونية الآن أصبحت «بشعة» نحن أصبحنا نشاهد إعلانات يتخللها مسلسل، قمة الابتزاز والقبح والانتهازية من صناع الدراما في التعامل مع المتفرج، والدولة تركت المشاهد وحيدا في مواجهة مافيا إعلانات المسلسلات.

■ كيف بدأ اهتمامك بالكتابة والأدب من الطفولة؟

- عندما أفكر كثيرا في هذا الأمر أصاب بالدهشة، فلم أجد سببا لدي من الأسباب التقليدية التي تدفع المرء للقراءة والكتابة، عادة فلم تكن تقص علي أمي الحكايات ولم يكون جدي ممن يقولون الحكايات الشعبية لأحفادهم، لم يكن لدى والدي مكتبة من الكتب أو شيئا من هذا القبيل، موقفان اثنان دفعوني للقراءة والكتابة أولهما ابن خالي الذي عقد معي صفقة وهي أن يقص علي بعض الحكايات مقابل إعطائه التمر قيمة كل حكاية يحكيها لي، وكانت عن حيوانات الغابة التي أثارت خيالي مقابل كيلو من التمر نظير تلك الحكايات، الموقف الثاني المؤثر هو عثوري على صندوق مهمل فوق سطوح منزلنا به كتاب مكتوب عليه «سفرات السندباد» هو جزء مهم من أجزاء ألف ليلة وليلة، سحرتني لغة الكتاب وكل فصل من الفصول هو مغامرة في بلد جديد للسندباد.

■ من أبرز الكتاب الذين أثروا فكريا عليك؟ وما أبرز الكتب التي شكلت وعيك في مرحلة التكوين؟

- أبرز الكتاب الذين أثروا في بمرحلة التكوين يوسف إدريس بالحكي الحار الهادر والشخصيات التي يشكلها وينحتها واللغة المختلفة جدا جدا، والنسخة الروسية من يوسف إدريس الكاتب أنطون تشيخوف الذي توفى عن عمر قصير ٤٤ عاما، حيث ولد في ١٨٦٠ وتوفى في ١٩٠٤، ولكنه خلال هذه السنوات القليلة أثبت أنه أفضل من كتب القصة القصيرة في العالم، والاثنان إدريس وتشيخوف كتبا للمسرح والرواية والقصة الطويلة والقصة القصيرة، القصة الطويلة التي تتكون من ٦٠ أو ٧٠ صفحة جنس أدبي اختفى من الساحة الأدبية هناك فقط الرواية والقصة القصيرة، تأثرت أيضا بالروائي عبدالحكيم قاسم وإبراهيم أصلان، والروائي الروسي إيفان تورجينيف وروايته «جداول الربيع».

■ ما أهم الكتب التي تنصح الجمهور بقراءتها ولماذا؟

- النصيحة الأساسية المهمة هي ألا تستمع إلى نصيحة، أنصح القارئ أن يستمع إلى نفسه ولا يمشي وراء الآخرين كالقطيع، من يحرك جمهور القراءة في مصر الآن هي جروبات الفيسبوك وتراهم يذهبون إلى معارض الكتب بالعناوين المسبقة من ترشيحات القراءة على جروبات السوشيال ميديا، هكذا يلغي القارئ عقله ويمشي وراء قراءات الآخرين.

■ ما أبرز النصائح التي تقدمها للجمهور الآن؟

كل ما يأتي من أمريكا اللاتينية أن شديد الانجذاب له، أنا أعشق أدب أمريكا اللاتينية، هذه من المناطق المدهشة في السرد في العالم، أتحدث عموما عن الأدب المكتوب باللغة الإسبانية سواء كان لكتاب في أمريكا اللاتينية أو أدباء إسبانيا نفسها، وأكون متحمسا لقراءة الروايات المترجمة عن اللغة الإسبانية.

على المستوى المحلي أهملت قراءة تجارب أبناء جيلي أو من هم أكبر مني قليلا أو الجيل الأصغر مني مباشرة، علاقتي بالأدب المصري والعربي بشكل عام تقف عند الأعمال القديمة لجيل الستينيات، وهذا لا يمنع أن هناك أعمالا حديثة أعجبتني منها على سبيل المثال رواية «ساق البامبو» للروائي الكويتي سعود السنعوسي، وأقرأ حاليا باستمتاع رواية «طلقة في الرأس» لإبراهيم عيسى، وقرأت أكثر من نص روائي لأحمد مراد، وأستغرب تعالي الوسط الثقافي على تجربتي إبراهيم عيسى وأحمد مراد والتقليل من شأنهما، عزت القمحاوي من أفضل الروائيين المعاصرين لا يعرف عنه الشباب الكثير ولا يقرأون له.

■ ما رأيك في مصطلح القراءة السريعة الذي انتشر بشكل كبير بين الشباب وكأنه موضة؟ 

- مصطلح القراءة السريعة نوع من «الهجص» و«الهبل» الشبابي لأن الكتاب ليس قطعة بيتزا نتنافس من يأكله أسرع، فهذا نوع من العبث والتفاهة الشبابية، قيمة الكتاب في ماذا فعل فيك وكيف أثر فيك وما الذي استفدت من هذا الكتاب، كيف تغيرت نظرتك للحياة بعد قراءة هذا الكتاب، والكتاب العظيم هو من يغير نظرتك إلى نفسك والعالم، عباس محمود العقاد قال "أفضل أن اقرأ كتابا واحدا ثلاث مرات بدلا من قراءة ثلاثة كتب جديدة"، الفكرة هنا أن تتشرب رؤى ومعاني الكتاب في كل مرة جديدة، فكرة المنافسة في القراءة على سبيل المثال في كتابة ألف كلمة في خلاصة هذا الكتاب ومن فهم وكتب أروع من الآخر في فهم ما قصده الكاتب، أو اختيار أفضل فصول الكتاب ولماذا، هكذا تكون المنافسة في القراءة.

■ كيف ترى تأثر الأدب المصري بالأدب الأجنبي عبر الأزمنة؟

- عملية مستمرة وتحدث طوال الوقت، ولكن المؤثرات السلبية موجودة على سبيل المثال تيمة الرعب أو تيمة أدب الجريمة، الأدب العالمي يسبقنا في هذين المجالين الرعب والجريمة، هناك أجيال مصرية حديثة تقلد الأدب العالمي وهو غير مؤهل للكتابة ويحدث الافتعال المفتقد للموهبة والفهم الحقيقي، نجد الآن مئات الأعمال تحت مسمى "رواية" ولا تنتمي إلى الرواية، هي فقط تشبه الوردة البلاستيك التي تفتقد إلى الرائحة كتابات مفتعلة بلا موهبة حقيقية بحثا عن الشهرة والانتشار.