قال الكاتب التونسي والمحلل السياسي، نزار الجليدي: إن الكثير من العوامل تؤثر في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، التي ستكون يوم 10 أبريل في دورتها الأولى وفي 24 من نفس الشهر في دورتها الثانية، لذا ففيها أوراق كثيرة منها الداخلي ومنها الخارجي ومنها قضايا وحتى فضائح قد تطيح بهذا أو ذاك.
وأضاف "الجليدي"، المقيم في باريس، في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون لا يمتلك حظوظ وافرة للبقاء في الإليزيه لخمس سنوات مقبلة، وباقي المرشحين وأهمهم منافسته في الدور الثاني لانتخابات 2017 مرشحة "التجمع الوطني" مارين لوبان لم تستسلم بعد، وبدأوا في استغلال بعض نقاط ضعف الرئيس وأهمها وعوده الانتخابية التي لم يحقق أغلبها، وكذلك إثارة قضية مكتب الاستشارات "ماكينزي"، حيث تؤكد التقارير دفع حكومته لأموال مجانية تناهز نحو 2.64 مليار دولار لهذا المكتب ولغيره من شركات الاستشارات.
وتابع "الجليدي"، أن الورقة الرابحة لماكرون هي الورقة الأوكرانية الروسية، والتي جاءته هبة من السماء لتجعله في ظرف أيام الزعيم المفاوض لبوتين وتقوّي حظوظه في الانتخابات الرئاسية، كما أنها -وهذا هو- الأهم قضت على أحلام باقي المرشحين المنافسين الذين في أغلبهم معجبون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومنهم من له علاقات متميزة معه على غرار "لوبان" التي وجدت نفسها في موقف المبرر لهذه العلاقة، وعبثا تحاول التبرأ منها لاستمالة الناخبين الفرنسيين الرافضين لبوتين وحربه على أوكرانيا. وكذلك يحاول عبثا مرشح حزب "استعادة فرنسا" إيريك زمور ومرشحة اليمين الجمهوري فاليري بيكريس، ومرشحة الحزب الاشتراكي آن هيدالغو.
وأكمل: هؤلاء جميعا أصابتهم لعنة بوتين وأفشلت حملاتهم الانتخابية التي خلت في مجملها من برامج ووعود، وإنما تحوّلت إلى خطب وحوارات تبرير لمواقف سابقة، ومحاولة التنصل من اللعنة البوتينية والاصطفاف وراء الموقف الأوروبي الرافض للغزو الروسي لأوكرانيا، وعلى ما يبدو فقد حسمت لعنة بوتين نتيجة الانتخابات الفرنسية لصالح إيمانويل ماكرون، لكن الأهم من هذا أن روسيا بوتين سيحددان ملامح المشهد السياسي الفرنسي لسنوات قادمة، حيث ستنسحب منه شخصيات بارزة وستتراجع بسببه أحزاب عريقة.
وأوضح "الجليدي" أن هذا ما أكدته مرشحة اليمين المتطرف و"التجمع الوطني" مارين لوبان حيث قالت أن محاولتها الثالثة للوصول إلى قصر الإليزيه ستكون الأخيرة حال فشلها مجددا، وقالت للصحفيين إنه في حالة هزيمتها ستعتزل السياسة وستبحث عن دور آخر لها تكون فيه أكثر فائدة. مشدّدة على مواصلتها الدفاع عن الشعب الفرنسي وفق قولها دون أن تحدد كيفية ذلك.
وقال "الجليدي": دافعت "لوبان" عن علاقاتها السابقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن مبرّرة ذلك بالعلاقات التي أقامها رؤساء فرنسيون في السابق معه. وهو تبرير واهي لم يستسغه الناخبون، ومن المؤكّد أن بوتين بحربه على أوكرانيا قد حدد اسم حاكم الإليزيه الجديد ليس لهذه الدورة فحسب وإنما لدورات أخرى مثلما سيكون له الأثر في الانتخابات التشريعية.