فى مثل هذه الأيام منذ 50 عاما جرت وقائع الأوسكار أهم مهرجان سينمائى فى العالم، وأعلن "العراب" الفائز بجائزة أفضل ممثل عن رفضه الجائزة احتجاجا على الممارسات الأمريكية العنصرية والبغيضة، وتعبيرا عن اشمئزازه وخجله من تاريخ بلاده، أرسل "العراب" بدلا عنه فتاة هندية أعلنت فى الحفل أنه يعتذر عن عدم قبول الجائزة احتجاجا على الطريقة التى تتعامل بها أمريكا مع الهنود الحمروالسود والملونين.
هو الأسطورة مارلون براندو المولود فى مثل هذا اليوم 3 أبريل من عام 1924، كان ممثلا ومخرجا وناشطا أمريكيا. معروف كما تقول عنه "الموسوعة الحرة" بجلبه الواقعية المثيرة للتمثيل السينمائي، وكثيرا ما يشار إليه باعتباره الممثل الأكثر إلهامًا على الإطلاق، وهو مشهور بدوريه الحائزين على جائزتي أوسكار: تيري مالوي في على الواجهة البحرية (1954)، وفيتو كورليوني في العراب (1972)، إضافة إلى أدوار ملهمة أخرى في عربة اسمها الرغبة (1951) وفيفا زباطة (1952) وفيفا زباطة والتانغو الأخير في باريس (1972) والقيامة الآن (1979).
وضع براندو في المرتبة الرابعة من قبل معهد الفيلم الأمريكي في قائمته 100 عام و100 نجم بين نجوم السينما الذكور الذين ظهروا لأول مرة على الشاشة في أو قبل سنة 1959.
براندو كان واحد من ثلاثة ممثلين محترفين فقط، مع السير تشارلي تشابلن ومارلين مونرو، وضعتهم تايم في قائمتها لأهم الأشخاص في القرن.
براندو كان أيضًا ناشطا، ودعم قضايا عديدة، ولا سيما حركة الحقوق المدنية الأمريكية الأفريقية ومختلف الحركات الهندية الأمريكية، وظف ملايين هوليوود التى كان يربحها في خدمة الهنود الحمر، وقضايا حركات السود فى أمريكا، وأمام الهجمة التى كان يتعرض لها هؤلاء البشر المغلوب على أمرهم.
ترشح لجائزة أوسكار 8 مرات ووصفه عديد من المواقع الفنية العالمية، أنه "أعظم ممثل سينمائي في كل العصور"، واشتهر بـ"العراب".
وبعد عشرات الأفلام التي قدمها براندو" للسينما، قام بدور البطولة في واحد من أهم الأفلام على مر التاريخ "The Godfather" (العراب) حيث جسد شخصية دون فيتو كورليون، من إخراج فرانسيس فورد كوبولا، وحصد عن دوره جائزة الأوسكار الثانية له.
ومن موقع اندبندت عربية نقرأ عن الأسطورة مارلون براندو فى فيلم العراب:
50 عاما على فيلم "العراب" تؤكد ريادته السينمائية الشاملة
في السنوات الخمسين التي مرت منذ العرض الأول لـ"العراب" (1972)، ذاع صيت هذه الملحمة الأسرية والمافيوية والسياسية لدرجة غير مسبوقة. صيغت حوله روايات وأساطير وتأويلات حد بلوغه مرتبة عالية من التقدير قلما وصل إليها فيلم. والتقدير كان جماهيريًا ونقديًا في آنٍ واحدٍ، في ظاهرة نادرة. أجمع على أهميته المشاهد والناقد. في آخر استفتاء أجرته مجلة "سايت أند ساوند" قبل عشر سنوات عن أعظم 100 فيلم سينمائي في التاريخ، حل "العراب" في المرتبة الـ21. شارك في الاستفتاء (يجري مرة كل عقد، وهو الأكثر مصداقيةً وشهرةً) 846 ناقدًا.
تعرض فريق الإنتاج لتهديد وملاحقات كثيرة. تنظيم "كازا نوسترا" المافيوي خطط لإجهاض المشروع ووضع عقبات أمام تنفيذه، لكن زعيمه جو كولومبو عاد، والتقى المنتجين ليفرض عليهم شروطه.
كوبولا نفسه الذي كان يبلغ 31 من العمر عندما وقف خلف الكاميرا لإنجاز "العراب" (منتجه ألبرت أس رادي لم يكن يتجاوز الأربعين عامًا)، لم يكن شديد الحماسة عندما اقترح عليه اقتباس رواية الكاتب ماريو بوزو الصادر في عام 1969، والتي كان قد استلهمها من سيرة آل كابوني، رجل العصابات الشهير في شيكاغو. في زيارة لكوبولا إلى بيروت عام 2009، روى أن الأجزاء الثلاثة لـ"العراب" (1972 - 1974 - 1994) هي نتيجة طمع استوديو "باراماونت"، وأنه كان يفضل أن يبقى مخرج أفلام مستقلة، كتلك التي أنجزها في العقدين الأخيرين من حياته، مكررًا دائمًا أن شهرته ما هي سوى سوء فهم وقع ولم يستطع إصلاحه.
الخطوط العريضة لـ"العراب" أشهر من أن تُحكى، فهي تنطلق في نيويورك منتصف الأربعينيات ومن عائلة كورليوني الأميركية ذات الأصول الإيطالية، والتي تُعد واحدة من العائلات المافيوزية الخمس الناشطة في المدينة. فيتو كورليوني (مارلون براندو) هو العراب، أما ابنه مايكل (آل باتشينو) فيتم تقديمه باعتباره الثائر الذي لا يريد تلطيخ يديه بالدماء ويود البقاء على هامش النشاطات غير القانونية للعائلة. إلا أنه أمام التهديدات التي يتعرض لها والده، فلا بد للابن من أن يتحرك ويتولى زمام الأمور. ولأن هذا العالم الغامض وأعرافه لا يألفهما المشاهد، على الأقل في حينها، أدخل كوبولا شخصية صديقة مايكل كاي آدامز (ديان كيتون)، كي تصبح صدى لتساؤلات المتفرج.
طوال الأجزاء الثلاثة، نشهد على صعود وانحطاط، على جمال ووحشية. كل مكونات الميثولوجيا حاضرة في النص: العائلة التي تملك السطوة والمال والسلطة، الصراعات الداخلية، الخيانات، الجرائم، الحب، هذا كله يصوره المايسترو كوبولا من دون الوقوع في العنف الاستعراضي المجاني. كل كادر مدروس، كل لقطة تهدف إلى التطور الدرامي، كل طرف حديث يقف خلفه رغبة في الإفصاح عن جوهر الشخصيات. يضع كوبولا، من حيث لا يدري، أسس الفيلم المافيوي. لا أحد سيصل إلى براعته، على الرغم من محاولات كثيرة لاحقة.
من الظلم اعتبار ثلاثية "العراب" التي تمتد على نحو تسع ساعات، فيلمًا عن المافيا، وحصر أهميتها في هذا النوع فحسب، وإن كانت ألهمت كثيرًا من الأفلام عن المافيا لاحقًا. صحيح أن "العراب" اشتغل كثيرًا على صياغة صورة رجال العصابة في قالب رومنطيقي خطير لشدة وقوعه في سوء الفهم ولسعيه الدائم إلى "أنسنة" الجريمة، لكن النص الذي يعتمد عليه هو أولًا وأخيرًا عن كيفية تبلور الجريمة المنظمة في ظل الرأسمالية الأمريكية وبالتنسيق معها. "العراب" يرينا المافيا من الداخل في محاولة لتغيير الصورة النمطية عن هذا التنظيم. يحل مكان العالم الحقيقي نظام بطريركي، حيث العدالة تتناسل من العراب وحده، وحيث الأشرار الوحيدون هم الخونة. كل هذا العالم يحكمه شعار لا يمكن تجاوزه يفصح عنه مايكل كورليوني: "لا تقفوا البتة ضد العائلة ومصالحها".
وما زال "العراب" يمارس سطوة رهيبة، فكرية وفنية وانفعالية، على المشاهد، بعد نصف قرن، الفيلم لم يشخ أبدا، بل لا يزال في أوج تألقه وبهائه.
ألف شمعة تحية للأسطورة مارلون براندو "العراب" الذى فضح الجميع.