أدرجت البيتزا الإيطالية الشهيرة لمدينة نابولى العام الماضى فى قائمة التراث الإنسانى اللامادى لليونسكو وتسعى فرنسا لتسجيل الخبز الفرنسى الشهير المعروف باسم "الباجيت" فى قائمة التراث العالمى باليونسكو.
وفى ضوء هذا طالب خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، بإعداد ملف تشارك فيه عدة دول عربية لتسجيل المفردات التراثية الرمضانية التى تشترك فى أصولها التاريخية تراث لامادى باليونسكو وتشمل الأكلات الشهيرة مثل الكنافة والقطايف وأم على والقراصيا .
وقد سجلت اليونسكو فى ديسمبر الماضى الخط العربى على قوائم الصون العاجل للتراث الثقافى غير المادى بمنظمة اليونسكو بمشاركة مصر مع 16 دولة عربية أخرى منها السعودية والأردن ولبنان وتونس ما يعد إنجازًا عربيًا مشتركًا يؤكد الهوية كما تم تسجيل النخلة تراث عالمى باليونسكو عام 2019 بمشاركة 14 دولة عربية منها مصر بالطبع.
ويشير الدكتور ريحان إلى أن الكنافة والقطايف حظيت بمكانة مهمة فى التراث المصرى والشعبى وكانت – ولا تزال – من عناصر فولكلور الطعام فى مائدة شهر رمضان، وقد بدأت الكنافة طعامًا للخلفاء، إذ تُشير الروايات إلى أن أول من قُدم له الكنافة هو معاوية بن أبى سفيان زمن ولايته للشام كطعام للسحور لتدرأ عنه الجوع الذى كان يحس به .
واتخذت الكنافة مكانتها بين أنواع الحلوى التى ابتدعها الفاطميون، ومن لا يأكلها فى الأيام العادية، لابد أن تتاح له – على نحو أو آخر – فرصة تناولها خلال رمضان، وأصبحت بعد ذلك من العادات المرتبطة بالطعام فى شهر رمضان فى العصور الأيوبي والمملوكي والعثماني والحديث. باعتبارها طعامًا لكل غنى وفقير مما أكسبها طابعها الشعبي، والكنافة متفق أن أصلها كان أيام الفاطميين ولكن بدايتها فى العصر الأموى حيث يذكر أن الخليفة الأموى معاوية ابن سفيان كان يحب أكلها فى السحور وأصبحت طعام الأغنياء والفقراء ولقد تغنى بها شعراء بني أمية فى قصائدهم ويقال أن ابن الرومي كان معروفًا بعشقه للكنافة والقطايف وتغنى بهم فى شعره.
وهناك حكاية أخرى تقول ان الكنافة ترجع للأحباب قيقال أن أحد غضبت عليه زوجته وغادرت منزلها متجهه إلى بيت أهلها وظل الخصام ممتدًا حتى شهر رمضان وحاول الكثير الإصلاح بينهم ولكنهم فشلوا ولكن عند إقبال الشهر الكريم تذكر الزوج حب كنافة زوجته وتذكرت الزوجة أنه يحب كنافتها فبعثت بصينية كنافة إلى منزله فما كان من الزوج إلا أن أخذ الصينية وذهب إلى بيت أهلها ليفطرا بها هما الاثنين وعندما دخل عليها فرحت الزوجة كثيرا ورجعا معا إلى منزلهما بعد الإفطار فاستطاعت الكنافة أن تصنع ما لم يصنعه احد والقطايف لم يرد أصل تاريخى لبداية ظهورها ويقال أيضاَ أنها كانت من أيام الفاطميين شأنها فى ذلك شأن الكنافة.
ويقال أن ابن الرومي كان معروفًا بعشقه للكنافة والقطايف وتغنى بهم فى شعره وأصبحت بعد ذلك من العادات المرتبطة بالطعام في شهر رمضان في العصور الأيوبي والمملوكي والعثماني والحديث باعتبارها طعامًا لكل غنى وفقير مما أكسبها طابعها الشعبي.
وعن "أم على" يشير الدكتور ريحان إلى أن أم المنصور وهى «أم على» زوجة الأمير عز الدين أيبك أول سلاطين المماليك الذى تزوج السلطانة شجر الدر بعد موت زوجها الملك الصالح نجم الدين أيوب والتى تزوجته بسبب رفض مماليك الشام أن تتولى حكمهم إمرأة وكان عز الدين أيبك متزوجًا من أم على قبلها وفكّر فى أن ينصبها ملكة على مصر بدلًا من شجر الدر فغضبت شجر الدر وانتقمت منه فقامت ضرتها أم على بتدبير مكيدة ضدها وقتلتها هى وحاشيتها بالقباقيب ثم نصّب ابنها علي بن عز الدين أيبك سلطانًا وقد احتفلت أم على بالمناسبة وظلت تقدم لمدة شهر طبق من السكر واللبن والعيش للناس ومن هنا أطلق على الطبق "أم على" وبهذا الحفل الدموى الانتقامى دخل هذا الطبق الشهير إلى المطبخ المصرى ومنه إلى العربى بشكل عام وهذه الحلوى المصرية تقدم ساخنة وهى مزيج من الحليب ورقائق الخبز مع المكسرات تقدم بالصينية وفى غرب العراق تسمى بالخميعة ويفضل إضافة الزبدة أو الدهن الحيوانى لجعلها تكتسب دسمًا أما في السودان فتسمى بـفتة لبن واشتهرت فى السعودية وتقدم فى الحفلات الكبيرة كحفلات الزواج والبوفيهات المفتوحة.
وللقراصيا، حكاية طريفة يرويها الدكتور ريحان من خلال قراءة فى دراسة الباحث المتخصص فى الآثار الإسلامية أبو العلا خليل عن قصة إخلاص يعقوب بن كلس وزير الخليفة الفاطمى العزيز بالله أنه دخل عليه ذات مرة فرآه مهمومًا فلما سأله عن السبب قال العزيز إنى أشتهى القراصيا وهذا موسمها فى دمشق فخرج إبن كلس وأرسل رسالة بالحمام الزاجل إلى الوالى هناك يطلب منه إرسال القراصيا على أجنحة الحمام الزاجل فجعل فى جناح كل حمامة حبة من القراصيا وكان الحمام بالمئات فلم تمضى ثلاثة أيام على حديث العزيز حتى وصل الحمام فجمع الوزير القراصيا فى طبق من ذهب وقدمه إلى الخليفة العزيز فسر بذلك وقال له مثلك من يخدم الملوك وفى عام 380هـ توفى إبن كلس وكانت آخر كلماته فى حشرجة الموت "لا يغلب الله غالب" وكفنه العزيز فى خمسين ثوبًا منها ثلاثون مسرجة بالذهب وألحده بنفسه وأقام المأتم على قبره ثلاثين يومًا يقرأ فيها القرآن وكان عليه ستة عشر ألف دينار سددها عنه العزيز للدائنين على قبره وقد تسببت القراصيا فى تكريم يعقوب بن كلس حيًا وبعد وفاته.
ولفت الدكتور ريحان إلى ضرورة تقديم كل المفردات التراثية الرمضانية الأخرى مع الأكلات الشهيرة فى الملف مثل مدفع الإفطار والفانوس والمسحراتى وموائد الرحمن وتقديمه ملفًا عربيًا مشتركًا إلى اليونسكو كتراث عالمى استثنائى.