السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

أسرار "موناليزا الشمال".. لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للفنان يوهانس فيرمير

لوحة الفتاة ذات القرط
لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعد لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي واحدة من روائع الرسام الهولندي للعصر الذهبي يوهانس فيرمير، وهي لوحة لسيدة شابة رأسها متجهه نحو المتفرج، تم رسم ملفها الشخصي على خلفية سوداء اللون لتبرز وجهها وملابسها بألوان زيتية على قماش تجذب المشاهد بشكل واقعي، تتزين بعمامة زرقاء وذهبية والجزء العلوي من تمثال نصفي للفتاة على خلفية داكنة له تأثير ثلاثي الأبعاد يبرز مظهرها المتوهج.

لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي 

بلغ ارتفاع القماشية نحو 44.5 سم بعرض 39 سم، قيل إنها وصف وتصوير للرأس، لم يستطع الوقوف على التاريخ الحقيقي للَّوحة حيث أن الفنان اكتفى بالتَّوقيع خلفها ولم يؤرِّخها، إلَّا أنَّهم وبعد البحوث حددوا بشكل تقريبيٍّ تاريخها والذي يعود إلى 1665.

تتميز اللوحة بفكرة الزي الشرقي الذي ارتدته تلك الفتاة الأوروبية، بالإضافة للقرط المصنوع من اللؤلؤ، ورغم تخالط الألوان في تلك اللوحة إلا أنها ألوان طبيعة مما يوحي تواضع الشخصية، حيث أنها تحب الطبيعة أو تعمل حول الطبيعة وتعكس محيطها.

تعد إضاءة هذه اللوحة معبرة للغاية ويمكن تفسيرها بعدد من الطرق المثيرة للاهتمام، حيث يتساءل الكثير من أين يأتي هذا الضوء الذي يصيب وجهها ولماذا لا يضيء في الخلفية شيء، في انعكاس عينيها، وفي حلقها المصنوع من اللؤلؤ، حيث يمكن رؤية أن هناك زاوية للضوء الذي ينير وجهها، وليس من الأمام مباشرة بل قليلاً إلى اليسار، ليس من قبيل المصادفة أن صورة وجهها مائلة بشكل صحيح للضوء، إنها تتجه نحو ذلك الضوء، وتوقفت عن النظر إلى الوراء.

يتناقض الظلام في الخلفية بشدة مع ألوان وجهها والعواطف التي تعبر عنها بمهارة وألوان ملابسها، وهكذا تحمل الخلفية إحساساً مروعاً، كآبة تحيط بهذه الفتاة ويبدو هروبها نحو النور، ويثير ذلك أذهان الكثير هل ماتت هذه الفتاة وهل تعطي هذا العالم والحياة التي تركتها وراءها نظرة أخيرة قبل أن تصعد إلى الجنة؟، إذا كان الأمر كذلك فإن الخلفية المظلمة قد توحي بالفساد والفسق الدنيوي الذي يحيط بنا، مما يجعل هذه اللوحة مسيحية للغاية.

لقد تنقلت لوحة" الفتاة ذات القرط اللؤلؤي" بين عدة أمكنة حتى وصلت في النهاية إلى متحف موريتشويس الموجود في مدينة لاهاي التابعة لدولة هولندا، حيث تعرض هذه اللوحة والعديد من أعمال يوهانس فرمير في الخزانة الملكية المتواجدة في المتحف الهولندي، والمثير في الموضوع أن هذه الخزانة تحتوي ما يقارب ثمانيمئة وأربع وخمسون قطعة فنية يعود تاريخها إلى العصور الذهبية الهولندية، ومن تلك القطع لوحات لعددٍ من الفنانين الهولنديين أمثال رامبرانت فان راين، وقد صُنفت هذه اللوحة بالإضافة لعددٍ من اللوحات الأخرى ضمن مجموعة اللوحات الملكيَّة، وقد تم إعارة لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي لمتحف الولايات المتَّحدة ومتحف اليابان مع خمسين لوحة أخرى.

قامت الكاتبة ترايسي شيفالير بكتابة رواية تاريخية عنونتها باسم "الفتاة ذات القرط اللؤلؤي (1999)" تتحدث عن الملابسات حول رسم اللوحة، في الرواية، يصبح يوهانس فيرمير صديقاً مقرباً لخادمة تدعى غريت (مبني على اسم صديقة الكاتبة المقربة جورجيا كيندال) والتي يوظفها لديه كمساعدة تقوم بالجلوس له ليرسم استناداً إليها بينما ترتدي غريت أقراط زوجة فيرمير، ألهمت الرواية إنتاج فيلم عام 2003، ومسرحية عام 2008 يحملان الاسم نفسه، وقد قامت الممثلة سكارليت جوهانسون بدور غريت، الفتاة ذات القرط اللؤلؤي، ترشحت سكارلت جوهانسون للعديد من الجوائز على هذا الدور ومن بينها جائزة الغولدن غلوب وجائزة البافتا لأفضل ممثلة في دور رئيسي.

تظهر اللوحة كذلك في فيلم "St Trinian's"، عندما تقوم مجموعة من الفتيات بسرقة اللوحة للحصول على المال الكافي للحفاظ على مدرستهن، وأعاد رسم اللوحة فنان الشوارع الإنجليزي المجهول بانسكي كصورة جدارية في بريستول.

شبه العديد من النقاد لوحة "الفتاة ذات القرط اللؤلؤي" بلوحة الموناليزا، وأطلقوا عليها اسم "موناليزا الشمال"، فعلى غرار الموناليزا، فإن الفتاة في اللوحة غير معروفة، وما زال العديد من الفنانين والنقاد حتى الآن يحاولون دراسة ألوان اللوحة وتاريخها وتعبيرات وجه الفتاة الساحرة وقرطها المثير.

لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي