على مائدة «البوابة نيوز» الثقافية خلال شهر رمضان، مثقفون وأدباء يتحدثون عن البدايات وكيف تكونت شخصية المثقف، ومدى تأثرهم بالأدب العربى والعالمى، ذكريات وطقوس المثقفين خلال الشهر المبارك، الدراما ومسلسلات رمضان من وجهة نظر المثقفين، ونصائح للجيل الجديد والشباب.. حوارات يومية على مدار الشهر.
موعدنا اليوم مع حوار جديد من حوارات رمضان الثقافية مع الروائي أحمد القرملاوي، وإليكم نص الحوار
■ حدثنا عن ذكرياتك مع شهر رمضان؟
- ذكريات الطفولة هي المادة الخام التي أستخدمها في الكتابة، لذا لن أفضي إليك بكل ما لدي، لكن حسبي أن أذكر طقوس التهرُّب من الصيام، بدعوى المرض أحيانًا أو النسيان، فقد كنا نتناسى الصوم ونبني الكثير من الآمال على رخصة السهو في استكمال الصيام بعد رشفة ماء أو قطعة قطائف نيِّئة لم تُحشى بعد. وكذلك جلسات إعداد الكحك قُرب نهاية الشهر الفضيل، والتي شكلت المادة الخام لإحدى قصصي الأثيرة لقلبي «صورة فوق الأريكة»، من مجموعتي القصصية «أول عباس».
■ وماذا عن طقوس رمضان الآن؟
- لا أستسلم عادةً لفكرة الطقوس، فلا أميل للروتين وربط العادات والأفعال بظروف محددة، غير أني عادةً ما أجد في شهر رمضان فرصة لتنظيم عملي اليومي، فأخصص وقتًا للقراءة، ووقتًا للكتابة، ووقتًا لقراءة القرآن والاستماع إليه بصوت قرائي المفضّلين، أبوالعينين شعيشع، مصطفى إسماعيل، ومحمد عمران، ثم تأتي العزائم والولائم لتُفسد الجزء الأكبر من خططي الطموحة، لكن لا بأس طالما رمضان كريم ومليء بالبركات.
■ هل هناك كتب معينة تحرص على قراءتها؟
- القرآن فقط هو ما أحرص على قراءته خلال شهر رمضان، مرة في النصف الأول من الشهر، وأخرى في النصف الثاني، أما الكتب فأقرأ ما أستطيع وفقًا لخطة القراءة المتخمة باستمرار.
■ وهل تتابع دراما رمضان؟
- عادةً لا أتابع الدراما خلال شهر رمضان، ربما لشعوري بالتخمة بسبب كثافة الأعمال الدرامية، مثلما أشعر بالتخمة بسبب الموائد الرمضانية. لكن عادةً ما ينجح عمل ما في اجتذابي، فأشاهد حلقاته الماضية تباعًا وأستكمل متابعته على مدار الشهر. وهناك العديد من المخرجين والممثلين والكتّاب ممن أحرص على متابعة أعمالهم إن وُجدت، ولا مجال هنا للإشارة لأسماء بعينها.
■ حدثنا عن اهتمامك بالأدب؟
- بدأ اهتمامي بالقراءة مبكرًا، حيث كنت أعيش مع أسرتي في دولة الكويت، ولم تكن هناك مجالات عديدة لقضاء أوقات الفراغ آنذاك، فكنت أشغل وقتي بالقراءة، وسرعان مع تعرفت على الأعمال الأدبية الكلاسيكية في مكتبة أبي، ووقعت في غرام روايات نجيب محفوظ على وجه التحديد، فكنتُ أجد فيها سحرًا يدفعني لالتهامها تباعًا، والحصول على المزيد منها كلما تسنى ذلك، حتى لو تعذَّر عليّ فهم مضامينها العميقة. قرأت كذلك لتوفيق الحكيم، يوسف إدريس، إحسان عبدالقدوس، ويوسف السباعي، لكن ظل نجيب محفوظ كاتبي المفضل.
■ من أبرز الكتاب والكتب؟
- قرأت لأسماء مهمة عديدة في مرحلة مبكرة، فمن خلال دراستي المدرسية قرأت لديكنز، شتاينبك، همنجواي، كامو، وأتشيبي وغيرهم، وعبر قراءاتي الحرة تعرفت على كبار الكتاب المصريين والعرب، إضافة إلى أجاثا كريستي، مورافيا، ودستويفسكي، وجميعهم شكلوا وعيي بالأسئلة التي يطرحها الأدب حول الإنسان والحياة، وبالإمكانات التي تمنحها الكتابة الإبداعية.
■ وأبرز الكتاب الذين تتابعهم؟
- أتابع الموهوبين من أبناء جيلي قدر الإمكان، فلكل منهم مذاقه وطريقته واكتشافاته في عالم الكتابة الإبداعية الفسيح، كما أحرص على التعرف من خلالهم على كُتّاب لم أسمع بهم أو أقرأ لهم من قبل، فهذا يرشح لي كاتبًا إفريقيًّا وهذا يحكي لي عن كاتبة كورية أو أرجنتينية أو سويدية، لذا لا أتابع فقط كتاباتهم بل قراءاتهم التي لا تقل أهمية.
أما الكُتّاب الأسبق منا من حيث التجربة فلا أتباطأ في الحصول على كل جديد يصدرونه، بل ينتابني شعور الطفل الذي ينتظر هدية موعودة كلما سمعت عن إصدار جديد للمخزنجي أو إبراهيم عبدالمجيد أو عادل عصمت أو عزت القمحاوي على سبيل المثال.
■ وما أهم الكتب التي تقرأها؟
- دائمًا ما أنصح بقراءة الكتب المبسطة التي يتعرف القارئ من خلالها على الفلسفة والعلوم الطبيعية والتاريخ وغيرها، فهذه الكتب هي مداخل للقراءات الأكثر تخصصًا وفقًا لذائقة واهتمامات القرائ. أما في الأدب، وهو اهتمامي الأكبر، فأنصح بقراءة أهم الأعمال لكبار الكتاب ولو على سبيل التعرف على أساليبهم وعوالمهم، فمن الأهمية بمكان قراءة ولو عمل واحد لتشيخوف، تولستوي، دستويفسكي، فوكنر، همنجواي، سراماجو، شتاينبك، كامو، ماركيز، مويان، وبورخيس... إلخ، وكذلك طه حسين، توفيق الحكيم، محفوظ والطيب صالح وغيرهم.
■ ما هي القراءة السريعة؟
- القراءة السريعة مصطلح يتناسب مع طبيعة العصر الذي نعايشه، وهو ابن السوشيال ميديا والإنترنت والقراءة على أجهزة التابلت والموبايل، فنحن نعيش في زمن الحصول على المعلومة بلمسة لشاشة جهاز إلكتروني، واستقبال سيول هائلة من الكلمات والصور والمعلومات طوال الوقت، فلا بد أن تطرأ تغيرات نتيجة لهذه التطورات وعلينا أن نتقبلها ونحسن التعامل معها.
■ هل لديك أمنية أدبية؟
- لدي طموح مستمر في إنتاج أفضل رواية يمكنني تقديمها للقراء، فلكل روائي عمل يُعدُّ هو الأهم في مشواره، ودائمًا ما أشعر بأن الرواية الأفضل لم تأتِ بعد، وأن بإمكاني أن أقدِّم الأفضل على مستوى الفكرة والبناء والتقنيات، وأنا في بحث دائم عن هذا العمل الأفضل والتقنية الأكثر تميزًا والفكرة الأكثر إشعالًا للتساؤلات والتفكير، وأرجو أن أقدِّم ذات يوم ما أرضى عنه بدرجة كبيرة.
■ وما آخر أخبارك؟
- أعكف حاليًا على إصدار الطبعات الجديدة من أعمال نجيب محفوظ من خلال عملي الجديد في مجال النشر، ما يجعلني أتمهل بعض الشيء في كتابة الرواية التي قطعتُ شوطًا لا بأس به في كتابتها، لذا أشعر بأنني عدتُ تلميذًا من جديد، أقرأ ما سطره الأديب الكبير كلمة بكلمة وسطرًا بسطر، ما أظنه سينعكس بالإيجاب على كتابتي فيما بعد، لذا لا أتعجل العودة للكتابة في الوقت الحالي.