الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

معركة النازيين الجدد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 

لم يأخذ العالم بجدية حديث روسيا المتكرر عن “اجتثاث النازية” وتحرير أوكرانيًا ا من النازيين الجدد وأنصارهم وأيديولوجيتهم،  وكان من المنطقي ان يتوحد العالم لاستئصالهم ولكن الغريب أن الغرف السوداء في اجهزة المخابرات تدربهم وترسلهم للمناطق الساخنة.


والمقصود بالنازييين الجدد هم “القوميون الأوكرانيون” الذين وصلوا إلى السلطة بعد انقلاب 2014 والذي عرف بـ”الثورة البرتقالية” الممولة من أمريكا ذلك لأن النازية الأوكرانية تعتبر روسيا عدوها الرئيس، بما أن كييف كانت في السابق جزءًا من الاتحاد السوفيتي. وفي إعادة إنتاج لسياسة ألمانيا النازية تجاه الشيوعية السوفيتية، فإن النازيين الجدد من الأوكرانيين يسعون بالقوة إلى قطع كل صلة سياسية وثقافية وإثنية بين أوكرانيا وروسيا، من خلال قتال العناصر الموالية لروسيا في إقليم دونباس، وطرد الجيش الروسي من شبه جزيرة القرم، وكذلك التطهير العرقي ضد العناصر الروسية القاطنة في المدن والقرى الأوكرانية، وأخيرًا الدعوة إلى حظر تعليم اللغة الروسية في المدارس. وتلك الأخيرة تجد قبولًا لدى الحكومات الأوكرانية في كييف حتى الحظة الحاضرة. وكان  قوميون أوكرانيون قد حاربوا في صفوف النازيين خلال الحرب العالمية الثانية وساعدوا الألمان في اعتقال المواطنين اليهود، كما أسهموا في قمع انتفاضة وارسو في صيف 1944 و، اقرب مثال في عالمنا العربي جرت به المقادير هو ذاك الذي عرف بالربيع العربي، وقد كان المنشود منه القفز على الماضي وبناء المستقبل الديمقراطي المدني ولن نقول العلماني، حيث العلمانية كلمة سيئة السمعة في عوالمنا وعواصمنا العربية.لكن الغريب ان عجلة الزمن عادت إلى الوراء لتفرز لنا اخوان وسلفيين، ودواعش.
وكانت جماعات الشباب أصحاب الرؤوس الحليقة قد بدأت  في الظهور ببعض الدول الأوروبية خاصة بريسانيا بين عامي 1967 و1969 في الأحياء الشعبية في لندن، وكانت الجماعة الأولى بينهم معروفة بعدائها للاجانب والتعصب القومي، وتتخذ لنفسها رؤية عمالية، وكان اول من قاد نوة الرؤوس الحليقة الأولى في اتجاه النازية الجديدة (ايان ستيوارت دونالدسون) المغني المعروف ومؤسس مجلة (الدماء والشرف) وفي الاجتماع الذي عقد في عام 1985 في (سوفلك) في انجلترا اشترى اخوان (بوسكيانو) الذين أسسوا بعد ذلك أول جماعة إيطالية للرؤوس الحليقة. ومنذ عام 1985 وحتى التسعينيات الى اليوم انتشرت حركة النازية الجديدة في العديد من الدول الأوروبية وأصبحت متوازية اليوم بصورة دائمة في بريطانيا والبرتغال واسبانيا وفرنسا وايطاليا والمانيا وبلجيكا والنمسا وكرواتيا وسلوفينيا واليونان والدنمارك وهولندا والسويد وسويسرا وبولندا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا السابقة وروسيا وليتوانيا.. كما انها توجد كذلك في الولايات المتحدة والبرازيل والارجنتين وكندا واليابان واستراليا. وأشد ما يثير القلق في ظاهرة النازيين الجدد لا يتعلق بأشكالها السياسية بقدر ما يتعلق بطابعها الاجتماعي والثقافي الأعم الذي يشمل قطاعا عريضا من الشباب المؤيد لهم والمناصر لأفكارهم اكبر بكثير من القطاع المحدود المحصور في أعضاء هذه المنظمات المعروفين برؤوسهم الحليقة. بمعنى آخر فإن في دولة مثل إيطاليا لا يثير 2500 عنصر من حليقي الرأس قلق السلطات هناك، بقدر ما يقلقهم التعاطف الذي تبديه جموع الشباب الاخرين نحو هذه العناصر، والذي يبرز بشدة في الأحياء الفقيرة وفي ملاعب كرة القدم، حيث تشتد روح العداء للأجانب والحقد العنصري الذي أخذ يشتد في الاعوام الاخيرة بصفة خاصة ضد المهاجرين في الدول الأوروبية. حيث تختلط الطبقات الكادحة الفقيرة من السكان البيض مع المهاجرين من السود تتضاعف مشاعر الحقد والكراهية التي تطيح بـ مبادئ التضامن والوائم وتفجر ما يشبه حربا شرسة بين الجماعات المختلفة والمتنازعة على كسب لقمة العيش. وبالتالي تتحول الكراهية الغريزية للأجانب التي تكمن دائما في ثقافة الطبقات الضعيفة المغلوبة على امرها الى نوع من ثورة جنونية غاضبة تتخذ فيها حتما الاجنبي دور كبش الفداء وهم في حقيقة الأمر لا ينتمون ايديولوجيا الى اليمين المتطرف ولكنهم يئسوا من الوضع الاجتماعي والسياسي وارادوا ان يعبروا عن احتجاجهم وعدم رضائهم عن المسئولين السياسيين سواء من اليمين او اليسار بالتصويت لصالح اليمين المتطرف.
الأمر برمته كما رأى الفيلسوف الكبير هيجل هو عودة التاريخ للوراء خطوة استعدادا للقفز لمستقبل جديد خطوات.