من بين أحداث كثيرة مرت على مصر في اليوم الأول من شهر رمضان، عبر مئات السنين، لكن يظل مثل هذا اليوم مرتبطًا بذكرى الفتح الإسلامي لمصر سنة ٢٠ هجرية (٩٤١ ميلادية)، ودخول جيش المسلمين إليها، وسيطرته، طوال عدة شهور، على حصون مصر الرومانية.
قبل الفتح الإسلامي، كانت مصر ولاية رومانية تتبع الإمبراطورية البيزانطية، وحاكمها هو «المقوقس» الذي يُعد آخر حاكم بيزنطي لمصر. في الوقت نفسه، كان المسلمون يواصلون مسيرة النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، في فتح البلاد ونشر الإسلام، التي بدأها خليفة المسلمين والصحابي «أبو بكر الصديق» بتثبيت دعائم الدولة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية، ثم واصلها خليفة المسلمين والصحابي «عمر بن الخطاب» بفتوحات خارج الجزيرة العربية؛ كالانتصار على دولة الفرس، وفتح دمشق وأجنادين وبيت المقدس، ثم جاء الدور على قارة أفريقيا؛ بفتح مصر.
في ديسمبر ٦٣٩ ميلادية، وافق خليفة المسلمين، عمر بن الخطاب، على الزحف نحو مصر، بعد إلحاح من قائد جيش المسلمين آنذاك؛ عمرو بن العاص، لعدة أسباب؛ أولها أن مصر تمثل مكانة كبيرة للمسلمين بسبب ذكرها في القرآن الكريم، وتبشير النبي محمد بفتحها وتوصيته بأهلها خيرًا، ولأنها تكامل أمني بالنسبة لباقي الدولة الإسلامية، خاصة وأن مصر امتداد طبيعي لجنوب فلسطين الذي سيطر عليها المسلمون.
قاد عمرو بن العاص جيشا من المسلمين إلى مصر، مكونا من حوالي ٤ آلاف جندي، وتمكن من اجتياز العريش سريعًا، ثم خاض عدة حروب مع جيوش الروم، انتصر فيها جميعها، إلى أن أصبح الطريق نحو القاهرة ممهدًا للمسلمين، فبلغ جيش المسلمين قرية «أم دِنِين» فى موقع حى العباسية حاليًا، لكن في المُقابل؛ حشد الروم عتادهم لمنع عمرو بن العاص من دخول المدينة، ولما بلغ الأمر إلى خليفة المسلمين عمرو بن الخطاب، أرسل بالإمدادات من العتاد والجنود، بقيادة «الزبير بن العوام»، وجرت مواجهات كبيرة بين الجيشين، كان النصر حليفًا فيها لقوات عمرو.
بعد معركة «أم دِنِين» تجمعت قوات الروم في حصن بابليون، الذي يُعد من أقوى الحصون آنذاك. وعلى الناحية الأخرى، وصل «بن العاص» بجنوده إلى الحصن بعد معارك محدودة في الطريق، واستعد للمواجهة الحاسمة في فتح مصر.
حاصر عمرو بن العاص حصن بابليون لمدة ٧ أشهر، دار خلالها مفاوضات بينه وبين «المقوقس»، حاكم مصر البيزنطي، وانتهت بقرار الأخير بالاستسلام مُقابل الصلح والجزية، غير أن «هرقل» إمبراطور الأمبراطورية البيزانطية رفض عقد الصلح، فظل الحصار.
ولما ورد للمسلمين خبر موت «هرقل»، في الوقت الذي انحسر فيه فيضان النيل حول الحصن، قرروا اعتلاء الحصن ودخوله وحسم المعركة، فسقط الحصن (٢٠ هجرية/٦٤١ ميلادية) الذي شكل عاصمة الحكم الرومانى في مصر، في يد عمرو بن العاص، وكان سقوطه بدايه لسقوط ما تبقى من حصون الروم، ليكون بذلك الفتح الإسلامي العربي لمصر.