تكشف الحضارة المصرية القديمة كل يوم عن سر جديد من أسرارها، ورغم ما يأتينا من جديد تظل المعلومات القديمة عن هبة النيل، راسخة فى وجدان المصريين والعرب والعالم أجمع.
حينما كانت مصر دولة ذات حدود واضحة، ومعالم بارزة ونظام حكم قائم، ودستور وشرائع وأعراف ونُظم رى وزراعة وعمارة وتشييد وبناء، كان العالم يعيش تحت وطأة الجهل والحياة البدائية، ومن معالم عظمة مصر وتقدمها إضافة للعلوم السابقة الذكر، أنها عرفت الإله الواحد، وقدّسته بل وتقرّبت له وقدمت له القرابين، واتخذت مقدسًا من نبات أو طير أو حيوان واعتبرته رمزًا للخير الذى فاض به الرب على شعب مصر، بل ورفعت هذا المُقدس وأعلت من شأنه وبنت له المعابد ونقشت رموزه على جدران المعابد وأطلقت عليه لقب الإله.
لم يكن لقب الإله الذى أطلق على هذه المقدسات مقصودا به الإله الأكبر خالق الكون، وإنما إله خاص بشأن معين من شئون الحياة، كالزراعة والخصوبة، والنيل، والهواء، كنوع من أنواع العرفان والشكر لهذا المُقدس وفق المعتقد المصرى القديم.
خلال الشهر الفضيل تصحبكم «البوابة» فى رحلة للتعرف على أشهر مقدسات مصر القديمة التى كان لها النصيب الأكبر لدى المصريين من التقديس والإجلال والاحترام.
الإله حورس، أو إله الشمس عند قدماء المصريين، والذى بدأ تشييد معبده فى عهد بطليموس الثالث سنة ٢٣٧ ق.م، واستغرق بناء هذا المعبد حوالى ٢٠٠ سنة، حيث تم الانتهاء من إنشائه فى عهد «بطليموس الثالث عشر» فى القرن الأول قبل الميلاد.
اسمه باللغة المصرية القديم «حـر»، أو: «حور»، وباليونانية «حُورَس»، وهو أحد أهم وأقدم المعبودات المصرية على الإطلاق، وارتبط منذ ظهوره بالملكية وشرعية الحكم، وذلك باعتباره الوريث الشرعى لأبيه «أوزير»، وعلى ذلك فإن الملك كان يعتبر هو «حـور» على الأرض، أو ممثلًا له على عرش مصر تمثيلًا فعليًا أو رمزيًا.
تاريخيًا كان عمل حورس لجميع ملوك مصر المثال الأعلى حيث إنه انتقم لأبيه من قاتله، وكان عادلا، ولذلك كانوا يتخذون اسم «حورس الحي» وهو من أقدم الألقاب الملكية فى مصر القديمة، وذكر اسمه فى العصور القديمة مقترنا بحاتحور والملك العقرب الأول.
وحورس موجود على لوحة نارمر أو لوحة الملك مينا الشهيرة وهى من عهد الأسرة الأولى فى مصر وهو يمسك برؤوس أعداء مصر المهزومين ويقدمهم إلى الملك، وحتى الأسرة الرابعة كان لقب فرعون يتكون فقط من اسم حورس، وخلال تلك الأسرة ظهر أيضا اسم حورس الذهبى، كلقب ثان للملك.
عُرف حورس بلقب «إله السماء»، وهو الشكل الرئيسى للمعبود «حورس» «سيد السماء»، وهو أقدم صورة ارتبطت بهذا المعبود، وتشير الأساطير إلى أنه صقر برأس حر شاهين سماوى، عينه اليمنى تمثل «الشمس»، واليسرى تمثل «القمر»، والنقاط المميزة لصدره تمثل النجوم، وجناحاه يصوران السماء، بينما تسبب حركتهما الرياح.
وقد عُبد «حورس» فى هذه الصورة فى بعض الأماكن التى ترجع إلى بداية الأسرات، مثل «هيراكونبوليس» «الكوم الأحمر»، بالإضافة إلى تقديس وعبادة الصقر «حـور» فى عدد من الأماكن المحلية والإقليمية.