تابعنا على مدار شهر ماض منافسات بطولة الأمم الأفريقية والتى حصلنا فيها على المركز الثانى وخسارتنا أمام نفس الفريق فى التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022.
أحدثكم كمواطن محتك بالواقع المصرى منذ زمن بعيد فمن المؤكد لست خبيرًا رياضيًا ولا كرويًا وبالكاد مارست الرياضة منذ صغرى لاعبًا لكرة القدم بجانب بعض الرياضات الاخرى ولكني قارئ ومتابع لكل ما يدور على الساحة ومن ضمنها الواقع الرياضى.
والواقع الرياضى المصرى يفرض نفسه لأسباب وجيهة فنحن شعب عاشق لكرة القدم فى كل بيت مصرى عشاق الساحرة المستديرة ومتابعون بالملايين لذا فهى قادرة على تغيير المزاج العام بالفرح وقت الانتصار وبالحزن وقت الهزائم فهى تمثل متعة لكل الطبقات ويمارسها الجميع كبارًا وصغارًا كرياضة غير مكلفة وبأقل الإمكانيات.
نتيجه لهذا العشق المسيطر على عشاق المستديرة تصبح الرغبة فى الانتصار متعه عشاقها ولا شئ سواه فنصعد بالفائز إلى عنان السماء وفى حالة الخسارة نقذف به إلى سابع أرض.
حاول الكثيرون من الإصلاحيين الرياضيين على مدار سنوات طويلة توصيف الحالة الرياضية المصرية فى كل الألعاب بلا استثناء ووضعوا أيديهم على المشكلات كما وضعوا حلول لهذه المشكلات حتى نستطيع أن نكون في مصاف الدول الرياضية الكبرى ولكن كنا دائمًا وأبدًا نصطدم بعدم وجود إرادة ولا إمكانيات تساعد على تحقيق تلك الغايات والأهداف.
نسأل أنفسنا لماذا نفشل فى المسابقات الكبرى؟ لماذا تتعدد الإصابات للاعبين؟.. لماذا نحقق بطولات على مستوى الناشئين ولا نحققها على مستوى الكبار؟.. لماذا حققنا بعض الإنجازات فى الألعاب الفردية ؟ لماذا لا تستمر الإنجازات.. لن تجد إجابات ولكن قد تجدها فى الأسئلة. التالية:
هل المدربون مؤهلون لتربية وتثقيف وتدريب النشء؟.. هل لدينا منشآت وساحات لممارسة الرياضة تكفى ملايين المصريين ؟ هل يوجد استثمارات رياضية؟.. هل يوجد رياضة بالمدارس والجامعات؟.. هل لدينا توجيه رياضى؟.. هل لدينا متخصصون ومراكز للطب الرياضى؟.. هل لدينا أعداد اللاعبين فى مختلف الألعاب وفق أسس علمية ؟
…….الإجابة بـ(لا) لكل ما سبق
نحن أمام واقع رياضى صعب يعتمد على ظهور نجم ونلقى كل المسئولية عليه فى تحقيق أحلام ١٠٠ مليون مصرى وهذا ظلم كبير للطرفين واصبح فى الجمهورية الجديدة غير مقبول.
البطل والبطولة لا تولد ولكن تخلق بالتدريب والتأهيل والتوجيه والرعاية والاحتكاك فالأمر برمته مبنى على أسس علمية وسنظل ندور داخل تلك الحلقة المفرغة إن لم نقرر والان وفورًا أن لدينا مشروع دولة لصناعة جديدة بفكر مختلف.
أى رياضة فى الدنيا لها أضلاع نجاح من إدارة وإمكانيات ومدرب ومنشآت واختيار العناصر الصالحة للعبة وفق قواعد اختيار دقيقة قائمة على المواهب والإمكانيات البدنية والصحية النفسية والرغبة في المنافسة.
اسألوا أنفسكم ماذا فعلتم مع أبنائكم عندما مارسوا الرياضة هل تمارس الرياضة التى يحبها؟ أم مارس الرياضة المتاحة ؟ ام مارس الرياضة التي يفضلها الآباء؟.. إن كل ما سبق خطأ بالغ لأن المفترض أن بالتوجيه الرياضى ننتقى ما يصلح لأبنائنا وفق المواهب والإمكانيات البدنيه والصحيه فقد نكون أضعنا على ابناؤنا فرصه ذهبيه ان يكون بطل العالم في لعبة معينة لمجرد توجيهنا الخاطئ له منذ الصغر لممارسة لعبة أخرى.
فريقنا القومى كمثال كيروش مدرب عظيم واقعى وكذلك كوبر وموسيمانى ولا مجال هنا لمقارنتهما بالكابتن حسن شحاته الذى قاد فريق استثنائي لا يتكرر كثيرًا لذلك كانت فترة شحاته طفرة لم تحدث قبلها او بعدها مرة أخرى فى ظل ذلك علينا ان ندرك ان وصولنا للمباراة النهائية انجاز ولو وصلنا لكأس العالم انجاز ولو قدمنا بطولة جيدة هو استثناء فى ظل قواعد عشوائية لن تكون سببًا لتكرار إنجازات إلا فيما ندر ومن الصعوبة الاستمرار على فكرة الاعتماد على فروق فردية لبعض اللاعبين كصلاح فى هذا الجيل على سبيل المثال وليس الحصر.
فريقنا القومي لكرة القدم كمثال صارخ واضح للجميع نحن علقنا عليه آمال البطولة الافريقية والوصول إلى كأس العالم ولم نسأل أنفسنا ما هي إمكانياته وماهى ثقافة لاعبيه الخططية وامكانياتهم البدنية وصحتهم النفسية وهى جوانب كلها متعلقة بالمنافسة فى أى لعبة رياضية وعند اى اخفاق يذهب البعض الى انتقاد اللاعبين والمديرين الفنيين ولكن عفوًا في اختيار أى مدير فنى مرتبط بتاريخ انجازاته ودور المدير الفنى اختيار لاعبين باستطاعتهم تنفيذ فكره فلا وجه للمقارنة لاعبينا بلاعبى الفرق الأخرى المحترفون منذ الصغر ويلقون توجيه ورعاية صحية أو نفسية وبدنية وخططية على أعلى مستوى لأن هناك دولا سبقتنا فى الاستثمار فى الرياضة لذا فإن ما قدمه اللاعبون والمدير الفنى إنجازا.
و أذكركم بمقولة السيد الرئيس عند سؤاله فى إحدى المؤتمرات عن موضوع المدرب الأجنبى والمحلى وكانت إجابة سيادته " مش فارقة يعنى " والمقصود أن القضية ليست فى المدرب اى كان تاريخه ولكن فى التخطيط والتأهيل والتدريب والتوجيه والاستثمار في البشر.
الرياضة شأنها شأن غيرها فهى صناعة بحاجة إلى إرادة و إدارة واستثمار ورعاية بجانب التخطيط والتأهيل والتدريب والتوجيه والمتابعة وقد فطنت الدولة المصرية لهذا الأمر فنجد محاولات مؤخرًا فى التوسع فى الاستثمار الرياضي وزيادة رقعة الممارسة من خلال مراكز الشباب والعمل على تطويرها ربما لم نصل بعد للأهداف والغايات المنشودة لكن المؤكد ان هناك رغبة فى تحسين قواعد الممارسة وأذكركم بموضوعات مطروحة على الساحة مثل التغذية فى المدارس وإشكالية التقزم الذي تحدث عنها الرئيس.
لذا نجد بعض الأندية الكبرى التى انتهجت منفردة هذه المسارات استطاعت أن تحقق إنجازات وتكون رافد أساسي فى دعم المنتخبات القومية فى كل الالعاب بينما اختفت العديد من الأندية الجماهيرية لعدم وجود استثمارات فى مقابل صعود أندية المؤسسات والشركات والأندية الخاصة.
أنا هنا أحدثكم كمواطن يتمنى الخير لكم وأبناءكم وأتمنى الخير لبلادى … مصر ولادة فعلا فى كل المجالات فقط نحتاج التخطيط والتأهيل والتدريب والتوجيه والمتابعة والاستثمار فى البشر ووقتها نستطيع أن نتواجد بقوة فى كل محفل دولى بل وننافس على المراكز الاولى وانا وملايين المصريين نثق فى الجمهورية الجديدة.
اللواء تامر الشهاوى عضو مجلس النواب المصرى ولجنة الدفاع والأمن القومى السابق