شهدت جماعة الإخوان الإرهابية، عبر تاريخها الممتد لأكثر من تسعة عقود ماضية، العديد من الظواهر والتحولات الحاسمة، مثل حتمية وجود صراع الأجيال داخل الجماعة، وتحول مركز القيادة للمرة الأولى من القاهرة إلى عواصم أجنبية مثل لندن وإسطنبول، وتغير مفهوم "قوة الجماعة" التي كانت دائما قادرة على احتواء الخلافات والصراعات، ومحاولة كل طرف متصارع نزع الشرعية عن الطرف الآخر؛ وذلك بحسب دراسة حديثة، صادرة عن مركز "تريندز للأبحاث".
وحملت الدراسة عنوان "صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين.. تاريخية الأزمة ومساراتها المستقبلية"، للكاتب مصطفى زهران، الباحث في الحركات والتيارات الإسلامية والطرق الصوفية.
ووفقًا لكلمة "زهران" في تصدير "ملخص تنفيذي"، فإن الأحداث المهمة تسهم بقدر كبير في صناعة الظاهرة ورسم ملامحها وتحديد توجهاتها وفق سياقاتها المنتجة لها، وفي تناول جماعة الإخوان المسلمين وصراعاتها الجيلية على امتداد تاريخها وأطواره التكوينية لا يمكن النظر إليه والتعامل معه دون ربط هذه الأحداث الكبرى من سياقات سياسية ومجتمعية محلية وإقليمية ودولية من جهة، ومتلازمة الصراع التي رافقتها منذ تأسيسها على يد حسن البنّا 1928 إلى يومنا هذا، بعضها ببعض من جهة أخرى، وقد ذهب الكثير من الباحثين والدارسين في حقل العلوم الاجتماعية نحو دراسة قضية الصراع بين الأجيال داخل الإخوان ودأبوا في سياق ذلك على إطلاق تسميات وتوصيفات عدة عليها كان من بينها على سبيل المثال لا الحصر: جيل الستينيات، والسبعينيات، والتسعينيات،… إلخ، وجيل الوسط، والإصلاحيين، والمحافظين.
وأضاف "زهران": بيد أننا في هذا العمل قدمنا معالجة مختلفة في سياق تناولنا لقضية الصراع داخل جماعة الإخوان المسلمين ترتبط بشكل كبير في تقسيمنا له بالأحداث المهمة السياسية على وجه الدقة، ووفق تلك الرؤية تم تقسيم صراع الأجيال داخل جماعة الإخوان المسلمين إلى أربعة أجيال جاءت على النحو التالي: (الجيل الأول: من الملكية إلى الجمهورية والحكم الناصري، الجيل الثاني: جيل المرحلة الساداتية والعمل الطلابي في الجامعات، الجيل الثالث: جيل الثمانينيات والتسعينيات ومطلع الألفية – ونظام مبارك، والجيل الرابع: مخاضات الـ 25 من يناير 2011 وإفرازات الـ 3 من يوليو 2013).
مستكملا: وكان من الطبيعي أن نبحث في سياق هذه التراتبية الجيلية عن أهم الظواهر التي تمخضت عن هذا الصراع من ثنائية المحافظين والإصلاحيين وظاهرتي المدونين الشباب والكتائب الإلكترونية، وتجربة حزب الوسط وأخيراً ظاهرة الإخوان المنشقين، وعرجنا إلى تناول معضلة الشباب وإشكاليتهم داخل جماعة الإخوان.
واختتم "زهران" دراسته بحديث حول النزوح نحو العنف والراديكالية داخل الجماعة، التي برزت بشدة عقب أحداث الثالث من يوليو 2013، وذروة ما وصل إليه الصراع بين الفرقاء داخل جماعة الإخوان.