عقد قطاع شؤون الإنتاج الثقافى، ملتقى الهناجر الثقافى الشهرى بعنوان "المرأة المصرية عبر العصور"، مساء أمس الأربعاء، بمركز الهناجر للفنون في ساحة دار الأوبرا المصرية، بحضور الدكتورة رقية شلبى عميد كلية البنات جامعة عين شمس سابقا، والدكتورة نيفين مكرم أستاذة الذكاء الاصطناعي بأكاديمية السادات للعلوم والتكنولوجيا، ومها مروان مقرر المجلس القومي للمرأة بالقاهرة، والدكتورة وفاء عبد السلام الداعية والواعظة بوزارة الأوقاف، والدكتورة آلاء فوزي المدير التنفيذي لمركز الإعلام الدولي والاتصال الحضاري بكلية الإعلام جامعة القاهرة، والكاتبة الصحفية والناقدة الفنية دينا شرف الدين، وأدارت اللقاء الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مدير ومؤسس الملتقى، وذلك وفق بيان صادر عن الملتقى اليوم.
في البداية أعربت الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مدير ومؤسس الملتقى، عن سعادتها بهذا الحضور وامتنانها لمشاركة هذه الكوكبة المتميزة من القامات النسوية البارزة قائلة: إن المرأة المصرية أيقونة النجاح ومفتاح الحياة وتمثل الرقم الأهم فى المعادلة الوطنية وضمير الوطن، وبطبيعة الحال حتى لا يستاء الرجال، فإن الكون كله يتكون من النساء والرجال، والإنسانية كلها تتلخص فى رجل وامرأة، ونحن نتحدث اليوم عن نساء أبدعن وأجدن وأضفن إلى التاريخ الإنسانى الكثير والكثير، وهناك نساء صنعن الأحداث الوطنية فمثلا أول عصيان مدنى فى التاريخ الذى قامت به سيدة، فبالطبع جميعنا نذكر الشدة المستنصرية فى عهد المستنصر بالله فى العصر الفاطمى خلال السبع سنوات العجاف.
وتابعت: وتعكس الأساطير المصرية القديمة الدور الكبير للمرأة المصرية مثلا نجد إيزيس التى جمعت رفات زوجها أوزوريس لكى يصبح مؤهلًا للحساب، مرورًا بالملكة حتشبسوت التى حكمت البلاد عشرين عاما، ووصلت حدودها إلى القرن الأفريقي، وكيليوباترا وسطوتها الواسعة فى فترة حكم الإمبراطورية الرومانية، وبالمثل انفردت بالحكم الملكة نفرو وكذلك الملكة تى، والملكة إياح حتب والدة الملك أحمس طارد الهكسوس من بر مصر، كما كانت شجرة الدر أول ملكة مسلمة تعتلى عرش البلاد، هذه السلطانة الحكيمة التى كانت تتميز برجاحة العقل وسداد الرأى، وفى العصر الحديث لدينا عائشة عبد الرحمن بنت الشاطئ التى تعد من أوليات الكاتبات فى الأهرام بعد مى زيادة، والتى توفيت إثر أزمة قلبية وهى تؤدى دورها التنويرى بالمجلس الأعلى للثقافة، ولدينا نبوية موسى راهبة العلم، وسميرة موسى عالمة الذرة، وروز اليوسف أم الصحفيين، واستشهدت بأحد أشهر أبيات شاعر النيل حافظ إبراهيم، الذى كتبه واصفًا مكانة المرأة ودورها المحوري للمجتمع بأسره:
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها.. أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا.. بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ
ويظل الرجل طفلا حتى تموت أمه فإذا ماتت شاخ فجأة، والقت بعض الأبيات لأمير شعراء فلسطين الشاعر محمود درويش:
أحنُّ إلى خبز أُمى
وقهوةِ أُمى
ولمسةِ أمى..
وتكبرُ فىَّ الطفولةُ
يوماً على صدر يومِ
وأعشق عمرى لأنى
إذا مُتُّ ،
أخجل من دمع أُمى!
وواصلت مستشهدة بعبارة لمحرر المرأة قاسم أمين، والتى ذكرها فى كتابه بعنوان تحرير المرأة، والذى أكمل كتابته القرن الماضى عام 1938 قائلا: إذا تحررت المرأة ستحرك المجتمع إلى الأمام فارتقاء المرأة هو السبيل الوحيد لتقدم ورقى أى مجتمع، واستلهمت كذلك عن قوله المرأة: إذا أردت أن أتخيل السعادة، تخيلتها فى صورة امرأة تحمل عقل وفكر مستنير، وواصلت بمقطع من كتابات لأستاذ الأجيال أحمد لطفى السيد تؤكد أهمية تعليم الإناث: إن تعليم وتربية الإناث أكثر نفعًا للمجتمع من تربية الذكور، وفي ختام كلمتها أكدت أن الأديان السماوية أكدت أهمية دور المرأة، فالإسلام قام على إسلام أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد، والمسيحية قامت على معجزة السيدة العذراء مريم.
من ناحيتها قالت الدكتورة مها مروان، مقرر المجلس القومي للمرأة بالقاهرة، إن شهر مارس ليس فقط شهر المرأة، بل شهر السعادة للمرأة وفعلًا قد صعدت المرأة منصة القضاء بعد أكثر من سبعين سنة فيه، وهذا التأخير كله جراء العادات والتقاليد المغلوطة، رغم أن أحد علماء الدين أكد منذ ما يزيد عن 14 قرن من الزمان، وكان دور المرأة فاعلا، فكانت السيدة زينب رئيسة الديوان أى بما يوازى اليوم رئيسة مجلس الشيوخ، ونحن فى القومى للمرأة نبذل الكثير من الجهود لتعزيز مكانة المرأة المصرية وحماية حقوقها على مختلف الأصعدة.
ومن جهتها قالت الدكتورة الدكتورة رقية شلبى، عميد كلية البنات جامعة عين شمس سابقا، إن المرأة هى رمز السلام فى العالم، وهى أساس المجتمع، وقوتها تكمن فى عقلها وقدرتها على تحمل الشدائد والمسؤليات، فهى السكن والرحمة للرجل، يكفى أن الله عز وجل خص النساء بسورة ضمن كتابه العزيز، وحتى على الصعيد العلمى نجد العلماء فى الصين يحاولون شدة تحمل المرأة، وابتكار عمليات محاكاة يخوضها الرجال لكى يشعروا بما تتحمله النساء، أقدم طبيبة فى تاريخ الإنسانية كانت الملكة مريت بتاح في عهد الملك زوسر من الاسرة التالته رئيسة الأطباء التى عاشت عام 2700 ق.م. خلال عصر الملك زوسر، وفى التاريخ المعاصر كذلك حدث ولا حرج، نجد أول عالمة حشرات كانت امرأة وهى الألمانية ماريا سيبيلا، وأيقونة النساء علم الفلك الإنجليزية السيدة كارولين هيرش، فضلًا عن المخترعة الأمريكية جوزفين كوكران صاحبة اختراع غسالة الصحون وغيرهن الكثيرات.
ومن ناحيتها أضافت الدكتورة آلاء فوزى، المدير التنفيذي لمركز الإعلام الدولي والاتصال الحضاري بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن الأبحاث أكدت أن شابات هذا الزمان، اللاتى يصنف العلم الحديث جيلهن بجيل الألفية، يتجرعن معاناة كبير وضغوط كبيرة من العديد من وسائل التواصل الاجتماعى، التى تصدر مفهوم الجمال الأنثوى ضمن قوالب محددة، مستنسخة وفق ضوابط محددة من تحيد عنها تفتقد لصفة الجمال، هذا على المستوى الفكرى نلاحظ توالى السخرية من فكرة قوة شخصية المرأة واعتمادها على نفسها بنجاح، وكأن هذا النموذج للمرأة الناجحة لا يتصل مع الشخصيات المتوازنة، ويتم تصدير أنه نموذج للمرأة المتمردة المارقة ولا يدعو للفخر، بل فقط يدعو للسخرية، للأسف هذا ما يحدث بواسطة الإعلام الرقمى الجديد.
وقالت الدكتورة وفاء عبد السلام، الداعية والواعظة بوزارة الأوقاف، إنه حينما تم اختيار واعظات كنت ضمن 144 الأوليات، شاركت بأول ورقة عمل لى وكتبتها حول المبادئ والقيم الأخلاقية التى يدعمها الدين الإسلامى، وكانت بجوارى أختى المكرسة أعدت ورقة عمل حول المبادئ والقيم الأخلاقية التى يدعمها الدين المسيحى، وجدنا فى هذا اللقاء أننا ذكرنا نفس القيم والمبادئ الأخلاقية، ومن هنا أخذنا نعمل سويا جنبا إلى جنب من خلال القومى للمرأة فى خدمة الوطن، أخذنا نناهض العنف ضد المرأة من خلال تصويب المفاهيم الدينية المغلوطة، اكتشفنا أن غالبية الإشكاليات مصدرها عادات وتقاليد خاطئة لا يتضمنها الإسلام لا المسيحية، ووجدنا ترحاب وقبول كبير وهذا هو جمال مصرنا الحبيبة.
ومن جهتها أوضحت الدكتورة نفين مكرم، أن مصطلح تمكين المرأة للأسف يعد سيئ السمعة، ببساطة التمكين يعنى قدرة الشخص على اتخاذ القرار، وبطبيعة الحال من يملك قوته يملك قراره وكذلك العكس صحيح، لذلك نريد تصحيح المفاهيم التى تقلص من عطاء المرأة المصرية وقدراتها اللا محدودة، مثلا نجد من لا تريد الذهاب لطبيبة لأنها امرأة خشية أن تكون احترافيتها أقل من زملائها الرجال، وهنا يجب أن يكون التمكين نفسى بالدرجة الأولى، ومن الأخبار الرائعة أن نسبة البطالة بالنسبة للنساء المصريات تقلصت إلى 16 بالمائة، أعمل فى مجال الطب وتحديدا علاج السرطان، ولولا وجود تطبيقات الذكاء الاصطناعي خاصة خلال فترة تفشى الجائحة، ما كان هؤلاء المرضى استطاعوا المتابعة مع أطبائهم عن بعد وتوفير عنصر تجنب العدوى بشكل كامل لهم، لذلك دائما نؤكد على أهمية تعلم تطبيقات الذكاء الاصطناعى الحديثة، عبر تلقى الكورسات المجانية التى تقدمها وزارة الاتصالات.
وأكدت الناقدة الفنية دينا شرف الدين، الدراما هى الصراع الذى يصل وينتهى بشكل مأساوى وذلك بالنسبة للتراجيديا أو تكون نهاية سعيدة طريفة فى نموذج الكوميدى وما إلى ذلك، بشكل عام تعد الدراما بل الفنون بشكل عام هى أهم المصادر الغير مباشرة التى تسهم فى تشكيل الوعى، وكان فن المسرح أول النوافذ الدارمية التى عرفتها مصر، ولحقه فن السينما فى عشرينيات القرن العشرين، وكانت الريادة للسيدات فى مجال السينما فنجد الرائدة "عزيزة أمير"، التى لقبت بأم السينما المصرية، التى كانت منتجة ومخرجة وممثلة وهى أول من أنتجت فيلم سينما صامت فى مصر وذلك عام ١٩٢٧ بعنوان "ليلى"، وبعدها الفنانة "بهيجة حافظ" التى كانت كذلك كاتبة منتجة ومخرجة وممثلة وأيضا تضع الموسيقى التصويرية وقدمت أفلام كثيرة جدا، أهمها فيلم "ليلى بنت الصحراء" الذى حاز الجائزة الذهبية فى مهرجان برلين للسينما، وبعدها ظهرت المنتجة أسيا داغر التى لقبت بعميدة المنتجين، واكتشفت العديد من الفنانات على رأسهم سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والشحرورة صباح، ولها أفلام شهيرة كثيرة مثل فيلم أمير الانتقام.
تخلل الملتقى فقرات فنية لفرقة "فرانكو كايرو" بقيادة المايسترو ياسر أنور، الذى قدم أصوات شابة منها: الفنان محمد سامى، والفنانة شمس، وقدمت الفرقة بعض أغانى العندليب عبد الحليم حافظ احياء لذكراه، وغيرها من الأغاني التراثية.