دعت دولة الإمارات اليوم إلى تبني نهج واقعي ومنطقي وإيجابي للتحول في قطاع الطاقة، وذلك بما يضمن أمن الطاقة ويعزز النمو الاقتصادي.
جاء ذلك خلال الكلمة الرئيسية التي ألقاها الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، في "منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي" الذي ينعقد على هامش "القمة العالمية للحكومات" التي تستضيفها إمارة دبي.
وأكد الجابر أن تراجع الاستثمارات طويلة الأمد في النفط والغاز واتباع نهجٍ غير واقعي لمواكبة التحول في قطاع الطاقة يجعل الأسواق أكثر عرضة عُرضة للصدمات الجيوسياسية.
وخلال الكلمة الرئيسية التي ألقاها في الدورة السادسة من منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي، الذي أقيم اليوم في "إكسبو 2020 دبي"، بحضور سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية، وكبار الرؤساء التنفيذيين لقطاع الطاقة والمسؤولين الحكوميين، شدد على حاجة العالم إلى مواصلة الاستثمار في مصادر الطاقة منخفضة التكلفة وقليلة الانبعاثات والقادرة على توفير احتياجات العالم الأساسية من الكهرباء خلال مرحلة التحول في قطاع الطاقة، داعيًا إلى اتباع نهج عملي لمواكبة التحول في قطاع الطاقة يضمن أمن الطاقة العالمي ويسهم في استمرار النمو الاقتصادي.
وقال: " نشهد جميعًا مدى حساسية أسواق الطاقة للاضطرابات الجيوسياسية في العالم. وإلى جانب هذه الاضطرابات، يعود سبب التقلبات في أسواق الطاقة إلى اختلالات هيكلية أساسية، فقد أدّى تراجع الاستثمارات طويلة الأمد في النفط والغاز إلى جعلِ الأسواق أكثر عرضةً للعديد من المخاطر".
وتابع: " وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، فإنّ الاستثمارات السنوية في النفط والغاز هي أقل بمقدار 200 مليار دولار من المستوى المطلوب لضمان مواكبة الطلب العالمي على الطاقة خلال الفترة الممتدة حتى العام 2030.
ونشهد تراجع العرض مقابل الطلب في أسواق النفط على المدى القريب، حيث ارتفع الطلب بحوالي 3 ملايين برميل مقارنة بالعام الماضي، ومن المتوقع أن يعود إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد بحلول الربع الأخير من هذا العام ".
وأضاف: " أنّ الضغوط التي تدعو إلى خفض الاستثمار في الموارد الهيدروكربونية تواجه الآن حقيقة واضحة، ومن الضروري تبني سياسات لمواكبة التحول في الطاقة تكون قادرة على تلبية احتياجات العالم الفعلية من الطاقة ".
وقال: " إن اتباع نهجٍ غير واقعي يتجاهل المبادئ الاقتصادية الأساسية، سيؤدي إلى تراجع العرض مقابل الطلب، خاصةً في الأسواق الأكثر عُرضة للصدمات الجيوسياسية، لأن تراجع الاستثمار في مصادر الطاقة التي يعتمد عليها الاقتصاد العالمي، سيؤدي إلى حدوث أزمة في جانب العرض تؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي، إذ لا يمكننا أن نتخلى ببساطة عن منظومة الطاقة الحالية قبل إنشاء منظومة جديدة".
وأوضح أن العديد من واضعي السياسات في بلدان أخرى حول العالم، من بينها عدد من الدول الأوروبية، قد بدأوا بقبول هذا الواقع.
وأضاف: " أدرك واضعو السياسات أن التحوّل في قطاع الطاقة بحاجة إلى مزيد من الوقت. وهم يعملون على تعديل سياساتهم لضمان أن أمن الطاقة لن يتأثر على المدى القريب، بسبب أهدافٍ طويلة الأمد. لقد توصلوا الآن إلى استنتاج مماثل لما توصلنا إليه منذ فترة، وهو أننا يجب أن نعمل على خفض الانبعاثات، وليس خفض معدلات النمو والتقدم".
وأكد خلال حديثه على أن دولة الإمارت تعتمد نهجاُ استباقيًا وإيجابيًا ومتوازنًا يركز على دعم النمو، والاستدامة، ويراعي الحد من تداعيات تغير المناخ.
وقال: " نعمل في دولة الإمارات على زيادة الاستثمار في مصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات والخالية من الكربون. كما نعمل على زيادة السعة الانتاجية لنفطنا الذي يعد الأقل كثافة عالميًا في الانبعاثات، لتصل إلى أكثر من 5 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2030، وذلك بالتزامن مع مضاعفة القدرة الإنتاجية لمحفظة مشاريعنا في قطاع الطاقة المتجددة خمس مرات.
ونعمل كذلك على رفع السعة الإنتاجية من الغاز الطبيعي بنسبة 30%، لتعزيز قدرتنا على توفير المزيد من إمدادات الغاز الطبيعي المسال".
وأضاف: " لتحقيق ذلك، تتبنى دولة الإمارات استراتيجية تستند إلى دراسات جدوى اقتصادية، وإيمان راسخ بأنّ التحوّل المدروس في قطاع الطاقة يرسم مسارًا مرنًا لتطوير صناعات جديدة، وتوفير المزيد من فرص العمل، وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام على المدى الطويل".
وقال: " عندما بدأت دولة الإمارات الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة قبل أكثر من خمسة عشر عامًا، كان تحديد الجدوى الاقتصادية لهذه الاستثمارات أمرًا صعبًا، إلا أن قيادتنا الرشيدة تبنّت رؤية استشرافية أثبتت نجاحها وفعاليتها عبر حقائق ثابتة. واليوم، تعتبر دولة الإمارات موطنًا لعدد من أكبر محطات الطاقة الشمسية وأقلها تكلفة في العالم".
واختتم كلمته بالقول: " من موقعنا كمسؤولين في قطاع الطاقة، علينا أن ندفع قُدمًا نحو تبنّي خطط واقعية ومنطقية للتحول في القطاع، وأن نعمل معًا على صياغة خريطة طريق واضحة ومبنية على أسس متينة، وأن نتبنى سياساتٍ تعزز استقرار أسواق الطاقة، ونواصل الاستثمار في مصادر الطاقة الجديدة والمستقبلية. وعلينا أن لا نوقف الاستثمار في منظومة الطاقة الحالية، قبل بناء منظومة الطاقة الجديدة. وإذا اتبعنا هذا النهج، سنعزز قدرتنا على زيادة المرونة، ودفع عجلة الازدهار، وتحقيق النمو المستدام للجميع".
ويُعد منتدى الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي تجمعًا دوليًا رائدًا يضم الحكومات والصناعة وقادة الفكر، والذي يناقش جدول أعمال الطاقة العالمي لهذا العام. ويعقد المنتدى بالشراكة مع وزارة الطاقة والبنية التحتية بدولة الإمارات.