الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

العملية الأوكرانية.. نقاط الفوز (1من4)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ اليوم الأول لدخول القوات الروسية إلى أوكرانيا، كتبت أن ما يحدث ليس حربًا، ولا حتى معركة، لكنها عملية عسكرية. وحيث مضى أكثر من شهر على تلك العملية، فلا ننتظر حتى انتهائها أو إيقافها كي نُقيّم الخاسرين والفائزين.

وأرى شخصيًّا أن إغراء روسيا برفع العقوبات إن هي أوقفت إطلاق النار وتفرغت للتفاوض، ما هي إلا محاولة خادعة من الغرب، لإثناء روسيا عن سرعة تحقيق مطالبها، وإعطاء أوكرانيا فرصة لتكديس الأسلحة، وبدء جولة جديدة من العراك تحت دعاوى فشل المفاوضات وانفجار الأوضاع.

 وبالطبع لا يوجد فائز في جميع العناصر، ولا خاسر في جميع العناصر، لكن لكل طرف جوانب فائزة وجوانب خاسرة. وفي ضوء المساحة المتاحة للنشر، سنحاول اختصار عدد اللاعبين -وهم كُثر- وربما تشمل جميع دول العالم! ونتناول هنا نقاط الفوز فقط، حيث نقاط الخسارة ظاهرة للجميع من قتلى وجرحى وخسائر في المعدات والممتلكات والاقتصاد والسياسة وزيادة الأسعار والعقوبات وزيادة معدلات التضخم، وغير ذلك. وسنكتفي بـ 20 نقطة لكل طرف [روسيا والولايات المتحدة وأوربا وأوكرانيا].

أولاـ روسيا: فازت في المجالات الآتية:

  1. تأكدت روسيا تماما، من مدى كره الغرب لها، وأن تفكيك وتغيير أسس الحكم في روسيا وإسقاط قياداتها الوطنية هو هدف ممتد للهدف الذي تحقق بتفكيك الاتحاد السوفيتي، ومن ثم سترسم روسيا خططها واستراتيجياتها وسياساتها المستقبلية على هذا الفهم. وأن عليها أن تتخلى عن حسن نيتها تجاه الغرب، حيث تخلت سابقا عن أجزاء من أراضيها وعن وجودها في ألمانيا الشرقية، ووافقت على استقلال عدد من جمهورياتها دون مقابل اقتصادي ودون تعويضات.

2. عرفت أن قوة إعلامها لا تنافس قوة الإعلام الغربي، وأنها بحاجة الى بناء قوة إعلامية عالمية لإيصال وجهة نظرها.

3. نجحت في فك الارتباط والاعتقاد بأن النظام الشيوعي مرتبط بالإلحاد ومحاربة الأديان، وأكدت بأن الأديان مكون أساسي من تكوين وثقافة الدولة الروسية. وهو ما جذب لها تعاطفا كبيرا وجنبها عداء جزءا معتبرا من أتباع الديانات السماوية وجنبها نظرات سلبية كانت سائدة.

4. فوجئت بأن حجم  التأييد لها على مستوى الشعوب غير الأوروبية كبيرا، وأن معظم الشعوب ترفض واقع عالم أحادي القطب. وأن هذا التأييد  أقوى مما هو على مستوى الحكومات. وهو ما سيجعل روسيا تنفتح من جديد مثلما كان الإتحاد السوفيتي، لزيادة فرص التعليم المتاحة لأبناء الدول النامية، ومزيد من نشر الثقافة والكتب والترجمة لتعريف الشعوب بالمزيد عن التراث والتاريخ والأدب والفن الروسي.

5. تأكدت أن قوة اقتصادها لا تتناسب مع قوتها النووية والفضائية ولا مع اتساع مساحتها. وبالتالي ستقوم بوضع خطط جبارة لتقوية اقتصادها، وزيادة علاقاتها التجارية مع دول كبرى مثل الصين والهند، ومع دول أخرى غير غربية، وهو ما يساهم في عدم فاعلية أية عقوبات يدشنها الغرب ضد روسيا.

6. تأكدت أنها متأخرة في منافسة الإغراءات المادية التي تقدمها الدول الغربية لأفراد الدول المجاورة، وأن الاعتماد على أنظمة حكم موالية لروسيا في تلك الدول ليس طريقا مضمونا على المدى المتوسط والطويل، وبالتالي عليها أن تعتمد على نفسها، وأن تقدم المزيد من طيب المعيشة والرعاية لشعبها.

7. تأكدت من نجاح الغرب في تأجيج حجم  كره غالبية الشعوب في معظم الدول المجاورة لروسيا، وأن عليها أن تتعامل مع تلك الحقيقة، وبالتالي عليها أن تستحدث سياسات جديدة لمنع استخدام تلك الدول كخنجر في قلب روسيا. 

8. تأكدت أنها في حاجة ماسة لأن يتناسب عدد سكانها القليل نسبيا إذا ما قورن مع مساحتها الشاسعة. وبالتالي لابد أن تتبنى استراتيجيات وسياسات جديدة لسد تلك الفجوة [مساحة روسيا حوالي مرة ونصف مساحة الولايات المتحدة، بينما عدد سكان الولايات المتحدة أكثر من ضعف عدد سكان روسيا. ومساحة روسيا تعادل أربعة مرات مجموع مساحات دول الاتحاد الأوروبي، بينما مجموع عدد سكان الاتحاد الأوروبي يماثل حوالي ثلاث مرات عدد سكان روسيا].

9. تأكدت أن ثرواتها الطبيعية في مجالات الطاقة والمعادن والحبوب، في حاجة الى إعادة ترتيب وتوظيف وتوزيع. وذلك حتى لا يكون الاستفادة منها قابلا للتعطيل والإضرار بأفعال الغرب مستقبلا. وكذلك ضرورة استنباط وإنشاء طرقا جديدة للنقل الجوي والبري والبحري لربط روسيا بالعالم في حالة حدوث إغلاق للحدود الغربية معها.

10. تأكدت أنها في حاجة ماسة الى تسريع خطواتها نحو عدم الإعتماد على الدولار الأمريكي، وأنها في حاجة الى بذل مزيد من الجهد والوقت والاهتمام لتكوين تحالف مع عدد آخر من الدول للوصول لهذا الهدف.  

11. تأكدت أنها في حاجة ماسة إلى زيادة الاستثمار في جيشها وبرامجها الدفاعية. فقد ثبت أنه لولا قوتها النووية لتم افتراس روسيا والقضاء عليها [ ميزانية الجيش الأمريكي حوالي 14 مرة ميزانية الجيش الروسي، وميزانية الجيش الصيني تساوي 4 مرات ميزانية الجيش الروسي] كما ثبت أنها في حاجة لتقديم الكثير من المزايا لأفراد جيشها.

12. تأكدت أنها في حاجة الى تكوين حلف عسكري جديد، مقابل وجود حلف شمال الأطلنطي. ولم يعد من المقبول أو من التوازن، أن تواجه روسيا وحدها حلفا من 30 دولة من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا.

13. تأكدت روسيا أنها تأخرت في خطوتها الاستباقية ضد أوكرانيا، وأن أوكرانيا كانت على وشك أن يستخدمها الغرب للقضاء على الدولة الروسية. وبالتالي على روسيا أن توسع من مجال تحديد مناطق التهديد للمصالح الحيوية والوجودية لروسيا، والتي على روسيا أن تضع  خطوطا حمراء لمحاولات التدخل فيها. وأن تأخذ زمام المبادرة فيها.

14. تأكدت روسيا أن الأقليات الروسية في الدول المحيطة، هي مخزون استراتيجي لصالح الدولة الروسية، ولابد من زيادة الروابط معهم، وتقديم كل عون لدعهم وضمان عدم اضطهادهم.

15. تأكدت روسيا أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات والفعاليات والمحاكم والساحات الدولية، لم تعد ساحة مناسبة لعرض وجهة نظرها والدفاع عن مصالحها، وأن ذلك سيظل سائدا لمدد طويلة، وبالتالي لا بد من البحث عن ساحات أخرى على المستوى الدولي للشعوب مثل المؤتمرات في داخل روسيا وفي خارجها بالدول الصديقة والمحايدة.

16. اقتنعت روسيا بضرورة استنباط وإنشاء طرقا جديدة للنقل الجوي والبري والبحري لربط روسيا بالعالم في حالة حدوث إغلاق للحدود الغربية معها.

17. تبني روسيا لأنظمة وسياسات مالية للحفاظ على أرصدتها المالية بالخارج، وعدم تعرضها للمصادرة والضياع بفعل الدول الغربية. وكذلك أنظمة لحماية بنوكها وعملتها النقدية.

18. تأكد روسيا أنها محاطة بالأعداء الموالين للغرب، ومن بينهم اليابان وكوريا الجنوبية وتيوان واستراليا. ولابد من وضع خطط وسياسات لإبطال الأضرار التي يمكن أن تأتي من أفعالهم ومشايعتهم للغرب.

19. اقتنعت روسيا بضرورة عودة الاهتمام بصناعة الطائرات المدنية الروسية وتوجيه حجم كبير من الاستثمارات لها، وجذب بعض الدول مثل الصين والهند والباكستان وغيرها للإستثمار المشترك، حتى يمكن الوقوف في وجه الحظر الغربي لتلك المنتجات وقطع غيارها في حالة حدوثه. 

20. الاهتمام بعقد اتفاقات طويلة المدى مع أكبر عدد من الدول النامية في افريقيا وأسيا لمدها بالحبوب والطاقة وأنظمة الدفاع والتدريب وبرامج التنمية.