الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوادث وقضايا

مأساة في بولاق الدكرور.. حكاية مقتل الطفلة «سجدة» على يد والدتها.. المتهمة وضعت لرضيعتها أقراص علاج الصرع في اللبن.. والزوج حاول تضليل الشرطة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جريمة في حق البراءة.. تحت عباءة المرض والاهتزاز النفسي سجلت ربة منزل تدعي «هدير. ز. م.خ» في عامها الثلاثين واحدة من أبشع الجرائم التي شهدها الشارع المصري خلال العام الحالي، عندما وضعت أقراص علاج الصرع الخاص بها لطفلتها الرضيعة «سجدة» التي أتمت عامها الأول منذ عدة أيام داخل اللبن لتتناوله الطفلة وتصرخ حتي فاضت روحها البريئة إلي خالقها، وكتبت والدتها شهادة وفاتها بيدها داخل شقتهم الكائنة بحي بولاق الدكرور غرب محافظة الجيزة.

قبل عام وأيام قليلة ولدت «سجدة» وسط أم تعاني من مرض الصرع والاضطراب النفسي، وأب مهمل ترك ابنته لزوجته المريضة ترعاها وهي في حاجة أيضًا لرعاية، ليعود أمس الأول ويجد صغيرته تستنجد بصراخها المتواصل من شىء ما ويخرج من فمها رغاوي، ثم تحول الصراخ إلي أنين مع انخفاض في الصوت ليعلم بما حل بها، وعلم أن زوجته أعطتها من أقراص علاج الصرع التي تتناولها الزوجة كعلاج لها، حمل الأب نجلته الصغيرة وذهب بها مسرعًا إلى المستشفي في محاولة لإسعافها، ولكنه فور وصوله وتوقيع الكشف الطبي عليها بمعرفة الطبيب تبين وفاتها.

مع محاولة الطبيب معرفة ما حل بالطفلة، أدعي والدها بأنها سقطت من أعلي السرير، عاد الطبيب توقيع الكشف علي الطفلة مرة أخرى لم بجد بجسدها النحيل علامات ارتطام بالأرض أو كسور، لكنه وجد مسحوقًا بفم الرضيعة يحوي مادة غريبة غير اللبن، علم الطبيب حينها أنه أمام جريمة، فأبلغ قسم شرطة بولاق الدكرور التابع له المستشفى.

تفاصيل تلك الواقعة المأساوية كما دونتها سجلات ضباط مباحث قسم شرطة بولاق الدكرور بمديرية أمن الجيزة، كانت بتلقي اللواء هشام الطماوي، مساعد مدير أمن الجيزة لقطاع الغرب، إخطارًا من الرائد محمد طبلية، رئيس وحدة مباحث بولاق الدكرور، يفيد بتلقيه بلاغًا من المستشفى العام باستقبال جثة طفلة وادعاء والدها سقوطها من أعلي السرير علي غير الحقيقة.

وعلي الفور انتقلت قوة أمنية إلي المستشفى وبالفحص تبين أن الطفلة تدعي «سجدة. م.م» في عامها الأول، وبمناقشة والدها وبتضييق الخناق عليه أقر بقيام والدتها «هدير- ٣٠ سنة»، تعاني من مرض واهتزاز نفسي بإعطاء الطفلة أقراص علاج الصرع في اللبن ولقيت مصرعها متأثرة بذلك.

وعقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن مسبق من النيابة العامة، أمكن ضبط المتهمة واقتيادها إلي ديوان القسم، وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة والعرض على النيابة العامة لمباشرة التحقيقات، والتي انتدبت طبيبًا شرعيًا لتشريح جثة الطفلة وصرحت بدفن الجثة عقب بيان الصفة التشريحية لها وإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوفاة.

وأمرت النيابة العامة بجنوب الجيزة بعرض المتهمة علي مستشفى الأمراض النفسية لبيان سلامة قواها العقلية والنفسية ومدي إدراكها بارتكاب الجريمة، ولا تزال التحقيقات مستمرة.

وفي سياق متصل، علق الدكتور أحمد فخري، أستاذ علم النفس وتعديل السلوك بجامعة عين شمس، علي تلك الواقعة المأساوية قائلًا، إن الاضطرابات النفسية والعقلية لها تأثير كبير على الحالة المزاجية والسلوكية وطريقة التفكير لدى الإنسان المصاب بأي منها، ولكن هناك فرق بين المصاب باضطراب نفسي والمصاب باضطراب عقلي، ففي المرض النفسي المريض تضطرب علاقته بنفسه ومشاعره ومزاجه فيشعر بالقلق أو الحزن أو الاكتئاب أو الوسواس أو الانطواء، ويكون المريض واعيا بعلاقاته بالآخرين ويؤدى عمله الذى يكلف به في أغلب الأحيان ويمكن في أحيان كثيرة لمن حوله القدرة على كشف ما يعانى منه والتعامل معه بصورة طبيعية، أما الأمراض العقلية واضطرابات التفكير فهي تؤثر على سلوك وتفكير ومشاعر المريض وتؤدى إلى تدهور علاقته بالآخرين من حوله، وهى ما يطلق عليها الأمراض الذهنية، حيث يصاحب المريض تلك الاضطرابات بعض الهلاوس السمعية والضلالات الفكرية التي تهيئ للمريض بعض الأفكار والأحاسيس غير الموجودة أو غير مرتبطة بالواقع.

وأضاف أستاذ علم النفس وتعديل السلوك بأن حالة تلك السيدة من التقييم المبدئ لحالتها احتمال معاناتها من الاضطراب في التفكير، حيث ترسم لها الضلالات الفكرية بعض الأفكار المغلوطة مع عدوان موجه تجاه الخارج، وأيضًا الاكتئاب للخلاص من حياتها وحياة المقربين منها، ونجد أن تلك المريضة تتصرف بدون إدراك لنتاج سلوكياتها، وهى تعتقد أن تلك التصرفات لحماية طفلها من الإصابة بمرض الصرع التي عانت منه لسنوات، كما نجد أن كثيرًا من الأهل والأقارب تتجاهل التصرفات والسلوكيات التي تنظر بخطورة سلوكيات أحد أفراد الأسرة الذى يعانى من مرض نفسي خوفا من الوصم والتمييز اجتماعيًا، وأحيانًا يرجعون تلك الحالات إلى السحر والشعوذة أو البعد عن الدين، وأحيانًا أخرى لارتفاع أسعار العيادات النفسية ودخول المستشفيات النفسية.

وطالب «فخري» مؤسسات وهيئات المجتمع التوعوية والتربوية والإعلامية والتنفيذية التحرك لنشر ثقافة التعامل مع المريض النفسي، وأهمية تغيير الصورة السطحية عن المرض النفسي والأفكار المغلوطة، وكذا تسليط الضوء على تلك القضية إعلاميًا، ومن خلال الحملات التوعوية والمدارس والجامعات، وتوفير مستشفيات ومنتجعات صحية لرعاية تلك الفئات التي تزايدت أعدادهم، وأيضًا تدريب الكوادر المؤهلة لرعايتهم وكيفيه تقديم الخدمات المناسبة لهم.

كما ناشد أستاذ علم النفس الجمعيات الأهلية في المناطق الشعبية والعشوائية أن تقوم بالدور التوعوي لنشر ثقافة التعامل مع المريض النفسي داخل الأسرة وتوجيهه الوجهة المناسبة لرعايته وتقديم العلاج والمتابعة له، لأن المرض النفسي يحتاج لمتابعة لفترة من الزمن، وأيضاً وجب علي الأسرة أن تسرع في علاج من يعانى من أي اضطراب أو مرض نفسي دون تردد واتباع الأسلوب العلمي الصحيح في رعاية المريض حتى لا ينعكس بالسلب علي نفسه فى البداية ثم على الأسرة والمجتمع المحيط به.