التليف الكيسي هو مرض اضطراب وراثي مزمن، ينتج عن طفرة في جين CFTR (الذي يعمل على ترميز قناة الكلوريد)، وهو مرض متعدد الأجهزة بسبب وجود هذا الجين في أجهزة الجسم المختلفة، ويسبب التليف الكيسي ضررًا شديدًا للرئتين والجهاز الهضمي وأعضاء أخرى في الجسم، فهو يؤثر في الخلايا التي تنتج المخاط والعرق والعصارة الهضمية، ويتسبب في جعل الإفرازات لزجة وسميكة بدل أن تكون رقيقة وزلقة، وهذا بدوره يؤدي إلى انسداد الأنابيب والقنوات، وخاصة في الرئتين والبنكرياس.
وتعد الإصابة الرئوية السبب الرئيسي للمراضة والوفيات في التليف الكيسي، إذ تتفاقم بسبب وجود الإفرازات الكثيفة واللزجة، بالإضافةإلى زيادة التهاب مجرى الهواء، والالتهابات المزمنة المتكررة التي تتخللها نوبات رئوية حادة، ومن الممكن أن يتسبب التليف الكيسي بمضاعفات في الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي والتناسلي، وأيضًا يسبب مضاعفات أخرى أهمها اختلال توازن الشوارد والتجفاف، إذ قد يضطرب توازن المعادن في الدم لدى الأشخاص المصابين نظراً إلى أن تع قهم يحتوي على كمية كبيرة من الأملاح، وهذا بدوره يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالتجفاف، وخصوصًا عند ممارسة التمارين الرياضية أو التواجد في الطقس الحار أو في حالات الإجهاد، والحمى،والقيء، والإسهال، أو الإفراط في ارتداء الملابس.
فجميع هذه الحالات السابقة تتسبب في استنفاد الكلوريد والصوديوم والبوتاسيوم، إذ أنه في ظل الظروف العادية، يمتص الكلوريدوالصوديوم من العرق عبر قناة CFTR في الغدد العرقية، ولكن عندما يتعرق مرضى التليف الكيسي بإفراط ، لا يحدث هذا الامتصاص،مما يؤدي إلى إفراز كميات كبيرة من كلوريد الصوديوم وانخفاض مستويات هذه الأيونات في الدم، ويحدث أيضاً فرط ألدوستيرون ثانوي معقلاء استقلابي بسبب زيادة إعادة إمتصاص البيكربونات وانخفاض بوتاسيوم الدم الناجم عن إفراز البوتاسيوم من النبيبات الجامعةالكلوية.
ونظراً للخطورة المحتملة للتغيرات الأيونية السابقة الذكر، بما في ذلك مخاطر اضطراب نظم القلب مع السكتة القلبية، وشلل العضلات معإصابة عضلات الجهاز التنفسي أو تشنج الحنجرة، والتكزز و القلاء الاستقلابي، فمن المهم اتباع بعض التوصيات، إذ يعتمد العلاج علىالاستبدال المناسب للسوائل وتصحيح النقص في الشوارد وتصحيح القلاء بكميات عالية من الصوديوم والكلوريد والبوتاسيوم وتكون الوقايةالمناسبة منه بإضافة الملح إلى النظام الغذائي (1-4 غ / يوم، حسب عمر المريض)، وتجنب الحالات التي تؤدي إلى تعرق مفرط، مع إعطاءالمكملات المناسبة أثناء النشاط البدني الشاق.
وعلى الرغم من أن التليف الكيسي مرض متفاقم ويتطلب رعاية يومية ، ولكن الأشخاص المصابين بالتليف الكيسي عادة ما يكونون قادرينعلى ممارسة الأنشطة اليومية، وفي الوقت الحالي يتمتع هؤلاء المرضى بنوعية حياة أفضل بالمقارنة مع العقود السابقة، إذ أدى فهم آلية المرض والتقدم السريري في التشخيص والعلاج إلى إحراز تقدم كبير في السيطرة عليه، وازداد متوسط البقاء على قيد الحياة لجميعالمرضى المصابين بالتليف الكيسي بمقدار 10 سنوات خلال العقدين الماضيين.