لا يختلف اثنان على موهبة الممثل الأمريكى صامويل جاكسون، الذى استطاع أن يتربع على عرش السينما الأمريكية بما يزيد علي 150 فيلما خلال مسيرة بدأت منذ سبعينيات القرن الماضى ولا تزال مستمرة حتى الآن.
تفرد مسيرة جاكسون تنبع من قدرته على التأرجح على مختلف أوتار الأداءات التمثيلية، فإن كنت من محبى الأكشن فحتما ستجد ضالتك فيه وإن كنت ممن يفضلون الكوميديا فهو من القلائل الذين يعرفون كيف ينتزعون ضحكات الجمهور، أما على مستوى الأفلام الدرامية الجاد فأداؤه يلمس القلوب بصدقه لدرجة تجعلنا كمشاهدين نشعر بأنه فرد منا أو حتى على الأقل يعبر عن أوجاعنا.
رحلة فنية طويلة كانت تستحق أن تكلل بالتتويج من قبل الأكاديمية، التى أعلنت عن منحه جائزة الأوسكار للإنجاز الإبداعى خلال حفل جوائز النسخة الـ94.
بدأ جاكسون رحلته مع السينما عام 1972، بدور صغير قدمه فى فيلم "Together for Days" للمخرج مايكل شولتز، استمر بعدها فى لعب أدوار محدودة حتى النصف الثانى من ثمانينيات القرن الماضي، قبيل أن يلفت الأنظار فى عام 1988، بفيلم الكوميديا الشهير " Coming to America" للنجم إيدى مورفي، وبعدها بعام واحد انطلقت مسيرة جاكسون الحقيقية بعد أن أسند إليه المخرج سبايك لى دور "لاف دادي" بفيلم "Do the Right Thing" لتتحول أعين كبار مخرجى هوليوود نحو هذه الموهبة الجديدة.
فى عام 1990، حظى جاكسون بفرصة العمل مع المخرج مارتن سكورسيزى فى فيلم "Goodfellas" مؤديا دور ستاكس إدواردز أمام الكبير روبرت دى نيرو، وبعدها بثلاثة أعوام نجح فى اقتناص دور أرنولد فى فيلم المغامرة الشهير "Jurassic Park"، قبل أن تحين لحظة مولد هذا الممثل الحقيقية عام 1994، حين قدم دور جولز وينفيلد بفيلم "Pulp Fiction" للمخرج كوينتين تاراينتينو، والذى نال عنه ترشيحه الوحيد لجائزة الأوسكار كأفضل ممثل مساعد. براعة جاكسون فى أداء دور رجل العصابات بجانب وقوفه أمام واحد من أهم نجوم السينما فى ذلك الوقت وهو جون ترافولتا، فتح له الباب أمام أدوار البطولة وجعله أيقونة رئيسية فى أفلام تاراينتينو التالية، أهمها: "Django Unchained" و"The Hateful Eight".
فى عام 1996، قدم جاكسون واحدا من أهم أدواره فى فيلم "A Time to Kill"، وجسد خلاله دور كارل، الأب الذى يلجأ إلى تنفيذ عدالته الخاصة بعد أن فشل النظام القضائى الأمريكى فى إدانة رجلين أبيضين اغتصبا ابنته وتركاها تنازع الموت. هنا يمكن القول بأن جاكسون كسر حائط التنميط الذى كاد ينساق وراءه خاصة فى أفلام الحركة، ليكشف عن وجه آخر من وجوهه التمثيلية المتعددة.
حقق الفيلم نجاحات متكررة نراها فى عام 1998، بفيلم "The Negotiator"، وبعدها بعام لعب ويندو فى فيلم الخيال العلمى الشهير " Star Wars"، لتشهد الألفية الثالثة مرحلة جديدة ومختلفة من أعمال جاكسون الناجحة.
فى عام 2008، كانت استديوهات مارفل فى أوج انتشارها بعالمها السينمائى وأبطالها الخارقين، وبالطبع أوجد جاكسون مكانا لنفسه وسط هذه العوالم وصراعاتها المعقدة بشخصية "نيك فيوري" رئيس منظمة "شيلد" المكلفة بمهمة الدفاع عن العالم من أى غزو محتمل أو قوى شريرة مجهولة. كانت محطة مارفل فارقة فى مسيرة جاكسون والتى قدم فيها ما يزيد علي 10 أفلام معظمها ذائعة الصيت والإيرادات بشباك التذاكر العالمي.
ربما ظهور جاكسون فى أفلام مارفل لم يضف له الكثير على المستوى التمثيلى، ولكنه وفر له أرضية جماهيرية واسعة. ليظل تعاونه مع تاراينتيو محطة فاصلة فى مشواره، كونه من القلائل الذين أمنوا بإبداع جاكسون ونجح فى توظيفه بأدوار مختلفة لا تزال عالقة فى الأذهان.