استقبل قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم الجمعة ، في قاعة بولس السادس بالفاتيكان، المشاركين في الدورة الثانية والثلاثين التي تنظمها محكمة التوبة الرسولية حول سرّ الاعتراف.
وألقى البابا فرنسيس كلمة رحب بها بضيوفه وقال: في مقابلة أجريتها مؤخرا، وبتعبير غير معتاد، قلت إن "المغفرة هي حق من حقوق الإنسان". في الواقع، إنها أكثر ما يتوق إليه قلب كل إنسان، وبمنحنا لمغفرة الله بسخاء، نساهم نحن المعرِّفون في شفاء البشر والعالم؛ ونعاون في تحقيق ذلك الحب وذلك السلام الذي يتوق إليه كل قلب بشري؛ ونساهم، اسمحوا لي بالقول، في "إيكولوجيا" روحيّة للعالم.
وأضاف البابا فرنسيس ، حسب ما نشرته الصفحة الرسمية للفاتيكان: أود أن أقدم لكم بعض الأفكار للتأمل ومراجعة الحياة حول ثلاث كلمات رئيسية: الاستقبال، والاصغاء، والمرافقة. ثلاثة أبعاد أساسية لخدمة المعرِّف؛ ثلاثة وجوه للحب يضاف إليها الفرح الذي يصحبه على الدوام. على الاستقبال أن يكون ميزة المُعرِّف الأولى. إنه ما يساعد التائب على الاقتراب من اَلسرِّ بالروح الصحيحة، ولكي لا ينغلق على نفسه وعلى خطيئته، بل ينفتح على أبوة الله، وعلى عطية النعمة.
وأشار البابا فرنسيس الي ان العنصر الثاني هو الإصغاء. والإصغاء – كما نعلم - هو أكثر من الاستماع، ويتطلب استعدادًا داخليًا يقوم على الاهتمام والجهوزيّة والصبر. أي أنّه علينا أن تترك أفكارنا وأنماطنا لكي نفتح عقولنا وقلوبنا حقًّا على الإصغاء. فإذا كنتَ، أثناء حديث الآخر، تفكر فيما ستقوله له، وبماذا ستجيب، فأنت لا تُصغي إليه، بل إلى نفسك. في بعض الاعترافات أحيانًا لا يجب أن نقول شيئًا - أعني نصيحة أو إرشاد – وإنما علينا فقط أن نصغي ونغفر. إنَّ الاصغاء هو شكل من أشكال الحب الذي يجعل الآخر يشعر بأنه محبوب حقًا. وكم من مرة يصبح اعتراف التائب أيضًا فحص ضمير للمُعرِّف! أمام بعض نفوس المؤمنين، قد يبادرنا السؤال: هل لدي هذا الوعي بيسوع المسيح الحي؟ هل لدي هذه المحبّة إزاء الآخرين؟ وهذه القدرة لكي أُسائل نفسي؟ إنَّ الاصغاء يتطلّب نوعًا من إفراغ الذات: أفرغ نفسي من الأنا لكي أقبل الآخر. إنه فعل إيمان بقوة الله وبالمهمة التي أوكلها الرب إلينا. بالإيمان فقط يفتح الإخوة والأخوات قلوبهم للمُعرِّف؛ وبالتالي، من حقهم أن يتمَّ الإصغاء إليهم بإيمان، وبتلك المحبة التي يحفظها الآب لأبنائه. وهذا الأمر يولد الفرح.
تابع البابا فرنسيس : الكلمة الأساسية الثالثة هي المرافقة. إنَّ المعرِّف لا يقرر مكان المؤمن، فهو ليس سيد ضمير الآخر. المعرِف يرافق ببساطة، بكل ما أوتي به من حصافة وتمييز ومحبة، مسيرة اكتشاف الحقيقة ومشيئة الله في خبرة التائب الملموسة. إن هدف المعرِّف على الدوام هو الدعوة الشاملة إلى القداسة، ومرافقتها بتكتم. وبالتالي فالمرافقة تعني الاعتناء بالآخر، والسير معه. لا يكفي أن نشير إلى هدف معين، إذا لم نكن مستعدين لكي نسير في جزء من الطريق معًا. ومهما كانت محادثة الاعتراف مختصرة، فمن خلال بعض التفاصيل، يمكننا أن نفهم ما هي احتياجات الأخ أو الأخت: ونحن مدعوون للإجابة عليها، ولنرافقه في فهم وقبول إرادة الله، التي هي على الدوام درب الخير الأعظم، درب الفرح والسلام.