الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

دراسة أثرية ترصد معالم أجمل قصور أسرة محمد على "قصر يوسف كمال بالمطرية"

دراسة أثرية ترصد
دراسة أثرية ترصد معالم أجمل قصور أسرة محمد على
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

دراسة أثرية للباحثة نورهان نبيل مصطفى ماجستير فى الآثار الاسلامية ترصد معالم أجمل قصور أسرة محمد على قصر الأمير يوسف كمال بالمطرية من حيث البناء ومنطقة البناء، فقد بناه الأمير يوسف كمال بمنطقة المطرية للإسترخاء و البعد عن زحام العاصمة وترك لنا ارثًا لا بأس به من التحف داخل القصر وتاريخ مشرف زاخر بالمواقف المشرّفة.

دراسة أثرية ترصد معالم أجمل قصور أسرة محمد على "قصر يوسف كمال بالمطرية"

وتشير الباحثة نورهان نبيل مصطفى إلى أن الأمير يوسف كمال هو حفيد محمد على باشا، واسمه كاملًا يوسف كمال بن أحمد كمال بن أحمد رفعت بن إبراهيم باشا بن محمد على باشا ، وهو رحّالة وجغرافى مصرى كان شديد الولع باصطياد الوحوش المفترسة، وقد سافر فى سبيل ذلك إلى إفريقيا الجنوبية وبعض بلاد الهند وغيرها، كما احتفظ بالكثير من جلود فرائسه وبعض رؤوسها المحنطة وكان يقتنيها بقصوره العديدة بالقاهرة والإسكندرية ونجع حمادى مع تماثيل من المرمر ومجموعة من اللوحات الفنية النادره.

وتضيف نورهان نبيل مصطفى أن الأمير يوسف كان مغرمًا بأحداث التاريخ وجغرافية البلاد ومن هنا أنفق على ترجمة بعض الكتب الفرنسية التي اختارها فنقلت إلى العربية وطبعت على حسابه منها "وثائق تاريخية وجغرافية وتجارية عن إفريقيا الشرقية" من تأليف مسيو جيان و"المجموعة الكمالية في جغرافية مصر والقارة" (13 مجلدًا ) بالعربية والفرنسية وكتاب ( بالسفينة حول القارة الإفريقية) ، و( رحلة سياحة في بلاد الهند والتبت الغربية وكشمير 1915 ) .

 وكان يوسف كمال من أغنى أغنياء مصر ، ففي عام 1937 قدر إيراده بمئة ألف جنيه وفي عام 1934 قدرت ثروته بحوالي عشرة ملايين جنيه وكان في هذا العام أغنى شخصية في مصر، بينما في عام 1948 كان يمتلك حوالي 17 ألف فدان تدر دخلاً يقدر ب 340 ألف جنيه في العام، ومنح مقتنياته (التحف) الإسلامية للمتحف الإسلامى وأهدى آلاف الكتب المصورة إلى دار الكتب وجامعة القاهرة، وأنفق من حر ماله فى تنمية عددًا كبيرًا من القرى فى صعيد مصر، واشتهر بحبه للفنون الجميلة وشغفه بشراء اللوحات الفنية، وكان يجوب العالم من أجل شراء القطع الفنية النادرة ليهديها للمتاحف.

ويلقى  خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن فكرة إنشاء مدرسة للفنون الجميلة طرحها النحات الفرنسى ( جيوم لابلان ) وتحمس لها الأمير يوسف كمال وعزم على تنفيذ الفكرة وظل هو ولابلان يخططان لإنجاز المشروع ودام التشاور والدراسة لستة أشهر، وفى ١٣ مايو ١٩٠٨ كانت المدرسة التى أسسها يوسف كمال من حر ماله قد فتحت أبوابها لأصحاب المواهب ولم تشترط المدرسة تقديم مصروفات، فقد كان الالتحاق بها مجانًا دون تقيد بسن، بل كانت تتولى توفير أدوات الرسم بلا مقابل وكان القبول بها لا يحتاج سوى الخضوع لاختبار قبول، وكان محمود مختار فى طليعة من تقدموا ونبغوا فيها ومعه كوكبة من رواد الفن التشكيلى فى مصر، ومنهم المصور يوسف كمال والمصور محمد حسن، ومما يذكر للأمير يوسف كمال أنه فى عام ١٩١٤م عرضت عليه رئاسة الجامعة لكنه اعتذر واكتفى بأن يكون عضوًا فى مجلس إدارتها، وحينما اضطر حسين رشدى باشا للتخلى عن الجامعة اختير هو رئيسًا لها، وفى فترة رئاسته هذه كان يرسل النوابغ من طلابها للدراسة فى الخارج على نفقته الخاصة ، وحين تعرضت الجامعة لضائقة مالية بسبب الحرب العالمية الأولى تبرع لها بألفى جنيه . 

وأسهم الأمير يوسف كمال في تنمية عدد كبير من القرى المصرية في صعيد مصر، وأدخل بعض التقنيات الزراعية الحديثة في منطقة نجع حمادي، وعُرف بالوطنية حتى إنه أعاد في مطلع الخمسينيات إلى مصر معظم ممتلكاته التي كانت في الخارج، وبعد ثورة يوليو 1952 غادر مصر وأقام في أوروبا حتى توفي في مدينة أستروبل بالنمسا عام (1389 - 1969م ) بنى قصر يوسف كمال بالمطرية عام 1908 وقد صممه مهندس القصور الملكية الشهير أنطونيو لاشياك وهو من أشهر المعماريين الذين وفدوا إلى مصر في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وقد استغرق بناء القصر 13 عامًا، ونظرًا لأن الأمير يوسف كمال أشتهر بالصيد فقد تحول هذا القصر إلى  متحف  عقب ثورة 1952،  إذ كان غنيًا بالحيوانات المحنطة التي اصطادها أثناء رحلاته إلى أفريقيا.

ويرصد الدكتور ريحان المعالم المعمارية والفنية للقصر الذى  يطل بواجهته على حديقة اتساعها حوالي 14 فدان ، والقصر على الطراز الأوروبي ويرجع إلى عصر النهضة بداية من واجهة القصر الرئيسية فالأعمدة والزخارف النباتية  تظهر فيها التأثيرات الغربية، والقبة المفتوحة أعلى العقد تبدو أقرب إلى قرص الشمس حينما تتسع بأنوارها على الكون، وفي الواجهة الرئيسة سلم خارجي ذو تصميم مبتكر، إذ يسبقه شكل دائري يشبه حوضًا للزرع يعلوه شكل دائري آخر يلتقي عنده طرفا السلم الخارجي.

أمّا المدخل الرئيسى الذي يؤدي إلى  بهو الاستقبال فتطل أعمدة الطابق الثاني عليه بشموخ وكبرياء تجعل الفرد يشعر كأنه في أحد المعابد الرومانية القديمة، إذ تظهر التيجان فوق الأعمدة الضخمة الرائعة والتيجان الموجودة بأعمدة القصر ذات تأثيرات أوروبية في زخارفها، ويتصدر البهو سلم  رخامي ذو فخامة في التصميم حيث يبدو أكثر اتساعًا في أوله، ثم تضيق درجاته رويدًا حتى يفرق طرفي السلم عند البسطة الصغيرة، ويؤديان إلى الطابق الثاني، أمّا سقف البهو فهو قبو مستطيل يعلوه شرفة تطل على حديقة القصر.  

وينوه الدكتور ريحان إلى أن القصر يجمع فى تصميمه بين طراز النهضة الفرنسية مع طراز النهضة الإيطالية، وللقصر أربع واجهات تبعًا للاتجاهات الأصلية وجميعها تتبارى في الجمال المعماري، وتتميز الواجهات بأنها صممت بنظام الكتل البارزة والكتل الغائرة، فالواجهة الشمالية تتوسطها كتلة مدخل تعلوها شرفة وهذه الشرفة تعلوها قبة، وعلى اليسارتوجد قاعة استقبال أخرى، كان يشغلها الأمير ويتصدر جدار الواجهة لوحة للأمير وبعض رفاقه أثناء إحدى رحلات الصيد.

أمّا الطابق الثاني من القصر فيشمل القاعات والحجرات الخاصة بالمعيشة ومنها قاعة ذات تأثيرات فنية صينية ظهر فيها رسم للتنين في السقف إلى جانب مظاهر حياتية مختلفة، على اليمين القاعة العربية وغرفة الاستقبال المميزة بالتغطيات والعقود الخشبية التي تحيط بالباب الذي يفتح على شرفة القصر الخارجية،وتغطى الجدران بأقمشة ذات ألوان وزخارف متكررة تحيط بها إطارات خارجية، يوجد فيها أعمدة خشبية فيها مسارات فنية، ويتصدر القاعة عقد بتصميم متميز يحيط بإحدى نوافذ القاعة، وتوجد مدفأة من الرخام، وأعلاها دوائر تشبه الشمس تحيط بها إطارات، مذهبة إلى جانب الأشكال الزخرفية المتعددة، ويلي القاعة قاعة طعام وهي تمثل فخامة قاعات القصور الكبرى، إذ الثراء في الزخارف  والألوان  على النوافذ الزجاجية وعلى الأبواب وعلى مختلف جدرانها.

هذا إلى جانب العديد من القاعات التي تظهر فيها تغطية الجدران بالأقمشة والزخارف المختلفة ، ولا تخلو هذه الزخارف من تجميل السقف بلمسات فنية رائعة الجمال،  والقاعة العربية تجعل من يدخلها يعيش في أجواء عصر المماليك إذ جمع الأمير يوسف كمال محتوياتها من قصور بعض المماليك القديمة عندما ننظر إلى السقف تظهر هذه القبة التي يشع زجاجها بضوء الشمس وزخارفها بتناغم جمال الحليات الخشبية مع جمال باقي العناصر الزخرفية، وتتماثل القبة مع النافورة في خط يربط بين مركزيهما، وتشع في هذه القاعة التأثيرات العثمانية على البلاطات الخزفية وعلى أحد جدرانها توجد نافذتان تأخذان الشكل المتطور من فن المشربية إذ تظهر الزخرفة الخشبية التي يغطيها الزجاج الملون فتبدو وكأنها قرص من صناعة النحل .

دراسة أثرية ترصد معالم أجمل قصور أسرة محمد على "قصر يوسف كمال بالمطرية"
دراسة أثرية ترصد معالم أجمل قصور أسرة محمد على "قصر يوسف كمال بالمطرية"
دراسة أثرية ترصد معالم أجمل قصور أسرة محمد على "قصر يوسف كمال بالمطرية"
دراسة أثرية ترصد معالم أجمل قصور أسرة محمد على "قصر يوسف كمال بالمطرية"