استقبل البابا فرنسيس، صباح اليوم الخميس، في الفاتيكان، الأخوة الماريست المشاركين في مؤتمرهم العام المنعقد في روما يتقدمهم الرئيس العام للرهبنة الأخ إرنستو سانشيز باربا.
وجه البابا فرنسيس بابا الفاتيكان ، لضيوفه خطاباً استهله مرحبا بهم ومعربا عن سروره للقائهم في الفاتيكان، لافتا إلى أن مؤتمرهم العام يشكل مناسبة للتأمل وقراءة علامات الأزمنة وإعادة النظر في المسيرة التي تقوم بها الجمعية الرهبانية، مع إيلاء اهتمام خاص بالركائز الأساسية ومن بينها كلمة الله. وذكّر البابا الحاضرين بأن الكنيسة تدعونا في زمن الصوم هذا إلى وضع الله وكلمته في المقام الأول، وهذا الأمر ليس سهلا، خصوصا وأن الكلمة تطلب منا أن ننظر أبعد من الواقع، وأبعد من الذهنية الدنيوية والمصالح الآنية، من أجل الانفتاح على آفاق الأخوّة الكونية.
وقالت الصفحة الرسمية للفاتيكان منذ قليل، بعد ذلك تطرق البابا فرنسيس إلى نشاط الأخوة الماريست الذين هم عبارة عن عائلة متعددة الأعراق والثقافات، وهذا ما يتطلب تخطي الحدود الجغرافية والفكرية. وأكد أن هذا الأمر لا يعني الانسلاخ عن الجذور الخاصة بكل فرد، لأنه لا يوجد أي تناقض بين الأمانة للجذور والانفتاح على البعد الكوني. ولفت البابا إلى أنه، بحسب النموذج الذي قدمه لنا الرب يسوع، يساعدنا البقاء أمناء لميثاق المحبة مع الشعب الموكل إلى رعايتنا على توفير خدمة خصبة للجميع.
هذا ثم تطرق البابا فرنسيس إلى خدمة التربية والكرازة بالإنجيل التي يقدمها الأخوة الماريست للشبان، بحسب كاريزما مؤسسهم القديس "مارسولان شامبانيا" الذي عرف كيف ينظر أبعد من الواقع، وعلّم الشبان على الانفتاح على الله وعلى آفاق المحبة بحسب الإنجيل، وقاده مثال العذراء مريم، "الأم الطيبة"، التي وجّهت أنظار قلبها أبعد من الواقع، نحو ملكوت الله. وهذا ما تبين من خلال نشيد "تعظم نفسي الرب" الذي تردد فيه صدى مخطط الله الخلاصي، من خلال صوت أَمته المتواضعة. ولفت البابا في هذا السياق إلى أن هذا النشيد يحتوي على نظرة للحياة والتاريخ، وهو مدرسة إيمان وصلاة، تحرر من الانغلاق على الذات، وتعكس فرح الإيمان والرجاء والمحبة بحسب إنجيل المسيح.
تابع البابا خطابه مؤكدا أن كل هذه المفاهيم تنتمي إلى جذور وإرث الأخوة الماريست، ولا بد أن تقترن بالواقع المتغيّر وبصفات الأجيال الناشئة. ولفت فرنسيس – على سبيل المثال – إلى اهتمام الشبان بالقضايا البيئية وأوضح أن الذهنية الدنيوية تلوّث الإيكولوجيا وتقلل من شأنها. بيد أن آفاق الله هي آفاق إيكولوجيا متكاملة، تأخذ في عين الاعتبار البعدين البيئي والاجتماعي، فضلا عن صرخة الأرض وصرخة الفقراء.
وقال البابا فرنسيس في هذا السياق إن الأطفال والفتيان مستعدون ليصبحوا حراساً للخليقة، لكن ينبغي أن يتعلموا أن هذا الالتزام لا يقتصر على الشعارات وحسب، إذ إنه أيضاً نمط حياة، يتطلب صبراً وقوة وعدلا. فالمرء يصبح حارساً للخليقة من خلال مسيرة تربوية.
وأكد البابا أن هذا المثال ينطبق أيضا في المجالات الأخرى: على الصعيد الاجتماعي والسياسي، كما في مجال التواصل والدراسة والعمل، في إطار السعي إلى تحقيق التنمية المتكاملة للشخص البشري. وذكّر ضيوفه بأنهم مدعوون كرهبان إلى الالتزام في التربية الروحية، التي هي أساس وركيزة النمو المتكامل، لافتا إلى أن الرب يسوع هو معلّم الحياة والحقيقة، وهو الدرب الواجب اتباعها لنبلغ ملأنا كرجال ونساء، والروح القدس هو المعلم الداخلي الذي ينبي المسيح فينا.
وشدد البابا على أن الله يحب أن يصنع الأمور العظيمة، من خلالنا نحن الصغار والفقراء، شرط أن ننفتح عليه بتواضع ونقبل كلمته، واضعين أنفسنا بتصرفه بالكامل.
في ختام خطابه إلى الأخوة الماريست سأل البابا الروح القدس أن ينير ضيوفه ويعضدهم في مسيرتهم وخدمتهم. ثم منح الجميع بركاته الرسولية.