الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

في عيد ميلاد عبدالرحيم علي.. معلم الخير والتسامح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نقابل في حياتنا أشخاصا يؤثرون فينا ويعلمون في شخصياتنا، بعضهم يترك أثرا طيبا وآخرون يحفرون جراحا، وقليلون يعلمون ويغيرون في شخصياتنا، وعبدالرحيم علي أحد هؤلاء النادرين الذين يشقون في النفس أحرف خير وتسامح، فقبل أن أقابله كنت شخصًا يحسب أن التنازل والتسامح أمام أشخاص سيئين ضعفا، كنت أصر أن أخرج من كل شيء منتصرا، وإن خرجت مهزوما كانت مرارة ذلك تطاردني، وأشغل بالي وحياتي حتى أثبت العكس، وعندما بدأت في العمل بالبوابة نيوز في عام 2013، عرفت ذلك الرجل للوهلة الأولى، يمكنك أن تكتشف أولى مميزاته وهي حبه للخير، ووفاؤه منقطع النظير لأصدقائه، فالرجل يحيط نفسه بأصدقائه القدامى، وظللت أسمع لحكايات كيف جمع أغلب أصدقائه القدامى معه حينما أسس حلمه وجريدته البوابة نيوز، ليشاركوه حلاوة الحصاد الذي تعب وجد واجتهد من أجله سنوات عمره.
ولم يمهلني الزمن وقتا طويلا كي أكتشف شخصية الصعيدي الجدع ابن البلد لينسى معها مسئولياته التي تضخمت مع الزمن بعد أن أصبح يمتلك صحيفة وعضوية البرلمان ويجوب أوروبا بحثا عن مشروعه الجديد، ليطارد أعداء الوطن في الخارج، ففي عام 2015 مر ابني عبدالرحمن بأكبر أزمة صحية كادت أن تعصف بحياته وحياتي معه ووسط شعوري بالعجز وقلة الحيلة واليأس من الحصول على سرير في غرفة عناية مركزة سواء بأحد المستشفيات الخاصة أو الحكومية، لأن فلذة كبدي كان يعاني وقتها من التهاب رئوي حاد استطاع التهام 75% من رئتيه الصغيرتين، وهو ما زال في عمر ثلاثة أشهر وما كان مني وقتها إلا أن اتصلت به مستنجدا، بعد اليأس، وقتها فقط شعرت بأنني لدى سند بعد الله سبحانه وتعالى، ظل معي على الهاتف حتى لا يصيبني التوتر وأجرى اتصالا بابنته الكبرى الدكتورة غادة حتى تتواصل مع أحد المستشفيات الكبرى في المهندسين، والتي كانت تعالج فيه أبناءها، لتكتشف أنها أيضا لا تحوي سريرا فارغا في العناية المركزة، وقتها شعرت بالعجز إلا أن شخصيته الحنونة والمدركة لغلاوة الأبناء وجه لي كلاما حادا بالهدوء وأن أبقى معه على الهاتف حتى تواصل مع مالك أحد أكبر المستشفيات الخاصة في منطقة المهندسين وظل معي على الهاتف حتى تلقيت اتصالا هاتفيا من مالك المستشفى بالتوجه إلى مقر المستشفى، الذي يعالج به أشهر الفنانين والشخصيات العامة، توجهت دون تفكير في أي تكاليف مادية فلو خسرت حياتي في سبيل الإبقاء على حياة ابني كنت سأكون راضيا وطوال 5 أيام في غرفة رعاية مركزة مجهزة فندقيا ظلت زوجتي وابني رغم تحسن حالة عبدالرحمن، في اليوم الثالث رفض الأطباء خروجه حتى الاطمئنان الكامل على عودة رئتيه للعمل بشكل سليم ثم جاء وقت الخروج ليخبرني مشرف الدور في المستشفى بضرورة التوجه للحسابات حتى أتسلم ابني، وكنت وقتها قد استدنت مبلغا كبيرا حتى أستطيع سداد مصاريف المستشفى الباهظة إلا أنني فوجئت بمدير الحسابات يخبرني بأن الفاتورة تم سدادها بالكامل، وقتها اتصلت بهذا الرجل الأصيل عبدالرحيم علي، وأنا غاضب أنني حملته أزمة خاصة بي وغاضب من نفسي أنني طلبت مساعدته، وكعادته امتص ثورتي ببساطة بأنه لم يدفع شيئا وأن مالك المستشفى جامله حبا وتقديرا، فقد كان وقتها عبدالرحيم علي، وما زال، يجوب الأرض شرقا وغربا دفاعا عن وطنه يحمل روحه فداء لها والجميع بالفعل يتمنى أن يعبر له عن تقديره وامتنانه لما يفعله من أجل الوطن والأجيال القادمة، خرجت وأنا أشعر بأن هناك طوقا حديديا حول رقبتي يمتلكه هذا الرجل سيبقى إلا أن تخرج روحي امتنانا له.
لم تمهلني الحياة كثيرا كي أنسى فضلا آخر لعبدالرحيم علي، بعد حادث سير مأساوي أدى لخسائر كبيرة بسيارتي وسيارة أخرى اصطدمت بها، بالإضافة لإصابات خطيرة للأسرة التي كانت تستقل السيارة الأخرى أدت لنقلهم لمستشفى خاص بكورنيش المعادي، ووقتها كنت لا أحمل رخصة قيادة أو حتى رخصة سير وتوجهت بي سيارة شرطة لقسم مصر القديمة أجريت اتصالات ببعض الأصدقاء والحقيقة كان أغلبهم نعم الأصدقاء وجدتهم بجواري في اللحظة، ونتيجة لصعوبة موقفي القانوني اتصلت مرة أخرى بمعلم الخير عبدالرحيم علي، كان وقتها يحتفل بعيد ميلاد ابنته داليا، ترك الاحتفال وجلس يجري مكالمات مع أهالي المصابين ليقنعهم بالتنازل لأن ما جرى قضاء وقدر، ولما له من رصيد حب في قلوب الشعب المصري استطاع بالفعل إقناعهم بالتنازل، بل ورفضوا أن يقبلوا أي مصروفات علاج تقديرا لشخص عبدالرحيم علي، على أن أتحمل مصروفات إصلاح السيارة ليقوم مرة أخرى الرجل بتطويق عنقي، ففوجئت بمدير مكتبه يحضر للقسم ومعه نصف مبلغ إصلاح السيارة اتصلت به لأنني فعلا كنت قادرا على تسديد المبلغ لأجده يبلغني بأنه لم يستطع سوى في التصرف في هذا المبلغ بسبب إغلاق البنوك، لم أشعر بنفسي، هل أفرح لأن حياتي بها مثل هذا الرجل العظيم ترجيته أن أرد المبلغ ورفض بشدة ثم تحت إصراري قال لي: خلاص طلعه لله ومساعدة الفقراء وكأنه وصلني.
ومن وقتها وأنا أتمنى أن يقدرني الله لأرد ولو جزء يسير من خير هذا الرجل الذي غمرني به، وأشهد الله أن ما يحزن هذا الرجل يحزنني وما يسعده يسعدني، ثم فوجئت بعد رحلات عمل في أبو ظبي بعبدالرحيم علي آخر فهو موسوعة ثقافية يقرأ بشراهة، ومدير يعرف كل شيء، بل وكل فرد في مشروعه الإعلامي الممتد من مصر مرورا بالإمارات وأوروبا، ولم يشغله كل هذا لتجده مهموما بزميلة مطلقة أو زميل مريض وبظروف كل زميل وزميلة، وأخيرا درس تعلمته منه هو التسامح، وألا أشغل بالي سوى بالخالق، فرغم فراسته في تقييم الأشخاص فإنه قرر أن يكون متسامحا حتى مع من يغضبونه، ولذلك أصبح عبدالرحيم علي، لأنه كرّس حياته فقط من أجل النجاح والخير، فكان الله له خير معين.