منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، ظهرت تقارير متفرقة تفيد بأن الحكومة تجري محادثات مع صندوق النقد، إلا أن قرار البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار ورفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع زاد من التكهنات بأن تتوصل الحكومة قريبا إلى اتفاق بشأن جولة أخرى من المساعدة المالية من الصندوق.
وخلال الساعات الماضية، كشف مجلس الوزراء، أن مصر قد تقدمت بطلب إلى صندوق النقد الدولي لبدء المشاورات بين الطرفين بخصوص برنامج جديد، يهدف إلى مساندة الدولة المصرية في خططها الخاصة بالإصلاح الاقتصادي الوطني الشامل، وقد يتضمن البرنامج تمويلا إضافيا لصالح مصر.
وأضاف مجلس الوزراء، في بيان له الأربعاء، إن الاقتصاد العالمي، خاصة الاقتصادات الناشئة في الوقت الحالي، يتعرض لصدمات خارجية متزامنة، متمثلة في ارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل غير مسبوق، وارتفاع تكلفة التمويل في ضوء قيام العديد من البنوك المركزية العالمية بزيادة أسعار الفائدة لديها لكبح جماح التضخم المتزايد، بالإضافة الى التداعيات الاقتصادية السلبية الكبيرة للأزمة الروسية الأوكرانية، والتي ساهمت في وجود مزيد من الارتفاعات في أسعار الطاقة، والسلع الغذائية والمعادن، وكذلك تزايد حالة عدم اليقين والذعر من قبل المستثمرين، مما أدى الى تراجع وتخارج استثماراتهم من العديد من الدول الناشئة.
وفي البيان، صرح السفير نادر سعد، بأن أولويات الدولة المصرية خلال المرحلة الحالية تتمثل في سرعة اتخاذ مختلف السياسات والإجراءات التي تضمن استقرار الأوضاع الاقتصادية والمالية للبلاد، والعمل على توافر السلع الأساسية للمواطنين، بالإضافة إلى الإعلان عن، وكذا تنفيذ، حزمة مالية متكاملة من التدابير والإجراءات التي تستهدف تقديم المساندة الكافية للقطاعات الاقتصادية، والفئات الأكثر تأثرا بالصدمات الخارجية المتزامنة.
على الجانب الآخر، قال صندوق النقد الدولي، إن مصر طلبت دعم من الصندوق لتنفيذ برنامجها الاقتصادي الشامل. وبحسب سيلين ألارد، رئيسة بعثة مصر لصندوق النقد، فإن "البيئة العالمية المتغيرة بسرعة والتداعيات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا تشكل تحديات مهمة للبلدان في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مصر.
وأوضحت أن من شأن مجموعة من تدابير الاقتصاد الكلي والسياسات الهيكلية أن تخفف من تأثير هذه الصدمة على الاقتصاد المصري وتحمي الضعفاء وتحافظ على مرونة مصر وآفاق النمو على المدى المتوسط. وتحقيقا لهذه الغاية فإن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات لتوسيع الحماية الاجتماعية المستهدفة وتنفيذ مرونة سعر الصرف هي خطوات مرحب بها، بحسب آلارد.
وأضافت أنه سيكون استمرار مرونة سعر الصرف ضروريًا لامتصاص الصدمات الخارجية وحماية الهوامش المالية خلال هذا الوقت المضطرب، كما ستكون هناك حاجة إلى سياسات مالية ونقدية حكيمة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، موضحة أن الموظفين يعملون عن كثب مع السلطات المصرية للتحضير لمناقشات البرنامج بهدف دعم أهدافنا المشتركة المتمثلة في الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام والغني بالوظائف والشامل على المدى المتوسط لمصر.
ويرى خبراء الاقتصاد، أن موافقة صندوق النقد الدولي على حزمة تمويل جديدة لمصر ستمثل شهادة ثقة جديدة من مؤسسات التمويل الدولية في الاقتصاد المصري، كما أن الإجراءات المتخذة خطوة استباقية لمواجهة التضحم العالمى فضلا عن امتلاكنا لاحتياطات نقدية كبيرة تكفى احتياجاتنا لـ7 شهور وقاربنا من 41 مليار دولار كاحتياطي للنقد الأجنبي.
يقول الخبير الاقتصادى الدكتور على الإدريسى: وكالة فيتش الدولية أعلنت منذ 10أيام ماضية عن امكانية اتفاق بين مصر وصندوق النقد الدولى على برنامج جديد، والاجراءات المتخذة خلال الأيام الماضية تؤكد أن هناك نية حقيقة حول اتفاق جديد بشكل نقدى ومالى وفنى، فجزء مرتبط بالإصلاحات بجانب السياسات وأخر مرتبط بالمستوى النقدى والمالى الذى بدأ بتخفيض فى سعر الصرف حيث سمح البنك المركزي للجنيه بالانخفاض أمام الدولار بنسبة 16% ورفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، وهما قد يكونا ضمن الشروط المفروضة للحصول على قرض من الصندوق ما يتبعه إجرءات أخرى مفادها إعادة النظر فى فاتورة الدعم فى الطاقة والمحروقات وتحرير أسعار البنزين.
ويواصل الإدريسى لـ"البوابة نيوز": ترجع أهمية القرض فى شهادة بالجدارة الائئتمانية فى مصر ورفع ثقة المستثمرين ومؤسسات التمويل الدولية وهنا لا تكمن أهمية القرض فى حجمة النقدى بقدر ثقة المؤسسات الدولية وجذب الأموال الساخنة للدخول فى الاقتصاد المصرى وجذب المزيد من المستثمرين، ويظل الرهان الأكبر على الاصلاحات الهيكلية والوصول لدرجات أعلى من الاكتفاء الذاتى على مستويات الزراعة أو الصناعة وتقليل نسب الاستيراد التى تصل لـ60إلى 70% وهنا نبدأ فى تقليل نسب القروض أو التأثر من الموجات التضخم العالمية المستوردة.
الجدير بالذكر فقد لجأت مصر إلى صندوق النقد الدولى ثلاث مرات في السنوات الست الماضية. وكانت المرة الأولى في عام 2016 عندما حصلت على تسهيل ائتماني بقيمة 12 مليار دولار والذي كان مرتبطا بحزمة من الإصلاحات الاقتصادية التي كان من بينها تعويم الجنيه، وفي عام 2020، حصلت مصر على قرض "اتفاق استعداد ائتماني" بقيمة 5.2 مليار دولار، كما تسلمت 2.8 مليار دولار من خلال أداء التمويل السريع.
ومن جانبه يعلق الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، مصر عضو من أعضاء صندوق النقد الدولى ولها حصة تقدر بقرابة 3مليار دولار فى الصندوق وهى دولة متفاعلة مع الصندوق وغيره من المؤسسسات الدولية، كما أن اللجواء للاقتراض من الصندوق لا يعد نقيصة من نواقص الاقتصاد.
ويضيف جاب الله لـ"البوابة نيوز": مصر لها تاريخ طويل من التعامل مع الصندوق وهناك لجان تزور مصر كباق دول العالم يوجد سقف لما يقرضه الصندوق لكل دوله من قروض منخفضة التكلفة وبضوابط متنوعة، وتسعى مصر لخطة إصلاح منذ نوفمبر 2016 بشكل متنوع فى المحاور وقد تم الانتهاء من المرحلة الأولى 2016-2019، حيث تسير فى مرحلة إصلاح هيكلى وتواجه تحديات كباق دول العالم، ولها أدوات متنوعة للتعامل مع صندوق النقد الدولى والبنك الدولى ومؤسسات التمويل الدولية مثل البنك الأسيوى والافريقيى ونمتلك ودائع خليجية تؤمن الاقتصاد وتطرح المزيد من السندات الخضراء سندات الساموراي كنوع من تنويع مصادر الاستدانة وبفترات أطول.