الأربعاء 12 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

مشروع لأطباء بلا حدود لمعالجة أطفال طاجيكستان من مرض السل

أطباء بلا حدود
أطباء بلا حدود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 

يعتبر مرض السل واحدًا من الأمراض صعبة التشخيص والعلاج، فإذا أصاب الأطفال -الفئة الأكثر عرضة للمرض- فإن الأمر يزداد تعقيدًا مع نظام علاج مرهق يصحبه تنمر وشعور بالوحدة، لذلك فإن الحاجة للوصول إلى طرق تشخيص مُكيَّفة ونهج شامل للعلاج أمر تزداد أهميته.

من أجل ذلك، يشكل علاج السل وتشخيصه لدى الأطفال جزءًا من مشروع مبتكر تديره أطباء بلا حدود بالتعاون مع وزارة الصحة في طاجيكستان. 

وتختلف أعراض الإصابة بمرض السل لدى الأطفال عن البالغين حيث تشبه الأعراض لدى الأطفال أمراضًا أخرى في أغلب الأحوال، وبالتالي قد يعالجهم الأطباء المتخصصون على أساس أنهم مصابون بنوع منا لفيروسات أو الأمراض مثل الزكام أو التهاب الشعب الهوائية بحسب الدكتورة زوفليا دوسماتوفا طبيبة لدى أطباء بلا حدود.

وتضيف دوسماتوفا، "عادة ما يكون الأطفال غير قادرين على التعبير عما يؤلمهم بالتحديد ووصف المشاكل التي يعانون منها. في الواقع قد يعاني الطفل من تضخم في الغدد الليمفاوية، وما يرافقه من فقدان للوزن والشهية دون أن يلاحظ والديه ذلك".

وتابعت: إذا لم يتم تشخيص مرض السل في الوقت المناسب قد يتطور بسرعة، وفي أسوأ الحالات يمكن أن يؤدي إلى الوفاة. وغالبًا ما يصيب مرض السل أجزاء أخرى من الجسم غير الرئتين (مثل الغدد الليمفاوية داخل الصدر) وبالتالي لا يمكن تشخيصه بواسطة الأشعة السينية، ويعد الفحص بالتصوير المقطعي المحوسب، الذي قد يسمح باكتشاف هذا النوع من السل، مكلفًا للغاية ولا يتم استخدامه كثيرًا.

تحاول أطباء بلا حدود بالتعاون مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في طاجيكستان، التغلب على هذه الحواجز. وافتتحت هذه المؤسسات في العام 2011 برنامجًا يركز على مرض السل لدى الأطفال، وبدأت بتتبّع المخالطين في الأسر وتشخيص الأطفال الذين كانوا على اتصال بالمصابين بالسل.

تتبع المخالطين

تقول دوسماتوفا "في معظم الحالات، يلتقط الأطفال العدوى من أفراد العائلة. يقضي الأطفال الصغار الكثير من الوقت مع والديهم أو أجدادهم الذين قد يكونون مصابين بالسل وهكذا يلتقطون العدوى."

ولذلك فإن تتبع المخالطين يعد طريقة فعالة للتعرّف على الحالات "المستترة" التي قد يصعب اكتشافها في المجتمع سواء بسبب غياب الأعراض أو عادات التماس الرعاية الصحية أو نقص التثقيف الصحي أو التعرّض للوصم،ويؤثّر ذلك على حالات السل الكامن والسل لدى الأطفال على وجه الخصوص.

وبفضل تتبع المخالطين تم تشخيص إصابة طفلي سورايو بالسل، بيبسولا البالغة من العمر ست سنوات وزين الدين البالغ من العمر ثماني سنوات، وهما يخضعان حاليًا للعلاج.

تقول سورايو، "كنت أعلم أن أبي مريض، ولأنني أدرك أن المرض معدي، تركتُ أطفالي في منزل زوجي." وتضيف، "كنت أخشى أن يصابوا بالمرض. وبعد ثلاثة أشهر، أحضرت أطفالي إلى منزل والديّ، حيث أعيش."

تتابع سورايو، "ثم جاءت منظمة أطباء بلا حدود وأجرت أشعة سينية وفحوصات أخرى. وعندما أكدت لي أن أطفالي مصابين بالمرض، لم أصدق ذلك."

تشخيص أفضل

لأن تحليل البلغم هو أفضل وسائل تشخيص المرض، ولأن الأطفال يواجهون صعوبة في إنتاجه بأنفسهم افتتحت أطباء بلا حدود غرفة مخصصة لتحفيز خروج البلغم عبر آلة البخاخات التي من خلالها يستنشق الطفل محلول السايلين المركز، مما يؤدي إلى السعال وإنتاج البلغم.

تشرح زاميرا رحمونوفا وهي ممرضة تعمل مع أطباء بلا حدود في مستشفى الأطفال لعلاج السل في العاصمة دوشانبي، "نقوم بتحفز خروج البلغم من أجل التشخيص وأثناء العلاج لتحديد ما إذا كان الطفل معديًا ويجب عليه البقاء في المستشفى أو أنه لم يعد معديًا ويمكن علاجه في المنزل." 

وتضيف، "بمجرد أن يصبح لون البلغم أبيض شفاف وتكون نتائج الاختبارات الأخرى مثل الأشعة السينية جيدة، يمكنه العودة إلى المنزل ومواصلة العلاج هناك."

علاج المراقبة المباشرة هو المسمى الذي يطلق على استكمال علاج الأطفال في منازلهم بمتابعة عائلاتهم، ومن أجل ذلك يزور الأطباء العائلات من أجل توعية الأمهات أو غيرهن من مقدمي الرعاية الطبية بالأدوية التي يحتاجها أطفالهم ووقت تناولها وكيفية تخزينها.

وتجري فرق أطباء بلا حدود عادةً فحوصات طبية شهرية وتقدّم الأدوية والغذاء والدعم النفسي لمساعدة الأطفال وعائلاتهم على تحمل العلاج كجزء من برنامج علاج المراقبة المباشرة من الأسرة الفريد من نوعه.

حول هذا الأمر تقول الدكتورة دوسماتوفا، "قبل اعتماد علاج المراقبة المباشرة من الأسرة، كان علينا إقناع الوالدين بأن طفلهما يجب أن يبقى في المستشفى حتى لو لم يكن مصابًا بالعدوى. كان الأمر صعبًا لأن المستشفى قد تكون بعيدة، ولا يملك الوالدين دائمًا المال لزيارة المريض فيها. وفي النهاية، لا أحد يرغب في البقاء في المستشفى لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر."

الدعم النفسي والتغلب على الوصم

الدعم النفسي أحد الجوانب الرئيسية في هذا البرنامج حيث يصعب علىالأطفال فهم ما يحدث في أجسادهم. لماذا أصيبوا بهذا المرض؟ ماذا سيحدث لهم؟ فيراودهم الكثير من الخوف النابع من الوصمة المنتشرة حول هذا المرض بحسب مديرة أنشطة الصحة النفسية في أطباء بلا حدود في طاجيكستان تانيا مرشد.

من أجل ذلك تشكل محاربة الوصمة والمعلومات المضللة والمخاوف من خلال تثقيف العائلات أحد أهداف مشروع أطباء بلا حدود في طاجيكستان.

تقول مرشد، "قد يؤدي أحد الأدوية إلى تغيير لون جلد المريض وقد يتعرض للتنمر أو المضايقة من قبل أقرانه بشأن ذلك. وبالنسبة للمراهقين، خاصة المراهقات، قد يؤثر ذلك على فرصهم في الزواج، لأن العائلات الأخرى قد تقول، 'ما خطب هذه العائلة؟ لا نريدها أن تصيبنا بمرض السل. 'لذلك، يمكن أن تؤثر كل هذه المشكلات على مستقبلهم ويمكن أن تسبب الحزن والقلق والتوتر والعزلة."

تجارب المرضى

تحكي ماهينا البالغة من العمر 21 عامًا، والتي تعاني من مرض السل المقاوم للأدوية المتعددة عن تجربتها فتقول "تقبّل بعض أصدقائي الأعزاء إصابتي بالسل، ولكن البعض الآخر لم يتقبل ذلك." 

وتضيف، "عند معرفتهم بإصابتي ببكتيريا قد تسبب العدوى، توقفوا عن التحدث معي. شعرت بالألم قليلًا لأنهم أحبوني فقط عندما كنتُ أتمتع بصحة جيدة."

وتشكل تجربة سورايو مع طفليها بيبسولا وزين الدين جانبًا آخر من القصة،فعندما علم جيرانها بإصابة طفليها لم يسمحوا لأطفالهم باللعب معهم. كان ذلك في البداية، لكن أطفال الجيران عادوا للعب معهم بعد أن فهموا أنهما ليسا معديين وأنهما يتلقون العلاج. 

 

تطوير العلاج بالأدوية

يحتاج الأطفال المصابون بالسل إلى تناول حبوب متعددة كل يوم، لحسن الحظ، حدث تطور هائل، خاصة في علاج الأشكال المعقدة من السل مثل السل المقاوم للأدوية المتعددة.

في العام 2017، طوّرت أطباء بلا حدود دليلًا إرشاديًا لتشخيص مرض السل لدى الأطفال وعلاجه في جمهورية طاجيكستان يوصي بأنظمة علاج أقصر باستخدام الأدوية الأحدث مثل ديلامانيد وبيداكويلين. كما اعتمدت وزارة الصحة الطاجيكية هذه الإرشادات التي طورتها منظمة أطباء بلا حدود، وأصبحت إحدى دولتين فقط حتى الآن في منطقة أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى اللتين عملتا على تضمين توصيات منظمة الصحة العالمية في إرشاداتها الوطنية.

تقول الدكتورة دوسماتوفا، "بدأنا في استخدام أنظمة علاجية جديدة للأطفال المصابين بالسل المقاوم للأدوية المتعددة والتي تتضمن أدوية جديدة تم تغيير استخدامها، مثل بيداكويلين أو ديلامانيد أو كلوفازيمين، وكنا نراقب مدى فعاليتها." 

وتضيف، "أفضت هذه الأدوية إلى نتائج جيدة وليس لها أي آثار جانبية."

في السابق، كان يتعين على الأطفال الحصول على حقن مؤلمة لها آثار جانبية خطيرة، مثل فقدان السمع. وتسببت الأدوية الأخرى بالغثيان والقيء أو الإسهال. أمّا الأدوية التي أوصت بها حديثًا منظمة الصحة العالمية فإما ليس لها مثل هذه الآثار الجانبية أو تكون ضئيلة للغاية بحسب الدكتورة زوفليا دوسماتوفا.

 

ساعد عمل الدكتورة دوسماتوفا في منظمة أطباء بلا حدود على تغيير رؤيتها لمرض السل لدى الأطفال من ناحية العلاج ورعاية المرضى. وترى دوسماتوفا أن عمل أطباء بلا حدود في طاجيكستان حقق قدرًا لا يُصدق من التقدم.مختتمة بالقول" يعدّ هذا المشروع فريدًا من نوعه في هذه المنطقة لأننا بدأنا في تشخيص الأطفال على وجه التحديد وعلاجهم."

 

أطباء بلا حدود

أطباء بلا حدود منظمة دولية مستقلة وإنسانية تقدم الرعاية الصحية المجانية للأشخاص المحتاجين، من دون أي تمييز تأسست رسميًا في 22 ديسمبر/1971 وتقدم حاليًا خدماتها الطبية والإنسانية في أكثر من 70 بلدًا حول العالم.

 

 

WhatsApp Image 2022-03-23 at 6.23.12 PM
WhatsApp Image 2022-03-23 at 6.23.12 PM
WhatsApp Image 2022-03-23 at 6.23.15 PM (1)
WhatsApp Image 2022-03-23 at 6.23.15 PM (1)
WhatsApp Image 2022-03-23 at 6.23.15 PM (2)
WhatsApp Image 2022-03-23 at 6.23.15 PM (2)
WhatsApp Image 2022-03-23 at 6.23.15 PM (3)
WhatsApp Image 2022-03-23 at 6.23.15 PM (3)
WhatsApp Image 2022-03-23 at 6.23.15 PM
WhatsApp Image 2022-03-23 at 6.23.15 PM