الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الاحتفال باليوم العالمي للسعادة وبعيد الأم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يحتفل العالم باليوم العالمي للسعادة يوم ٢٠ مارس، وتحتفل معظم بلدان الوطن العربي بعيد الأُم يوم ٢١ مارس من كل عام، وهو التاريخ الذي اقترحه الكاتبان علي ومصطفي امين، في عمودهما "فكرة" بأخبار اليوم، لكي يتناسب مع بداية فصل الربيع، وليكون رمزًا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة التي تمثلها كل ام. الامومة في حد ذاتها، تمثل الحماية والاطمئنان اللذان هما اهم مقومات السعادة، فلذا فعيد الام هو بذاته عيد للسعادة والسرور.
في كل الثقافات، ومنذ فجر التاريخ، ادرك الانسان ان السعادة لا يمكن أن تُشتري بالمال، وان السعادة شعور عام، مرتبط بالعطاء والرضا، اكثر من كون الانسان قادرًا علي تحقيق احتياجاته المادية. ففي دراسة أصدرها عدد من علماء النفس الأمريكيين في عام 2001، تبين أن المال والشهرة ليست هي وسائل جلب السعادة، وأثبتت الدراسات أن الثراء الفاحش والشهرة، ليست بالضرورة مجلبة للسعادة، إلا أن الشعور بالثقة بالذات والرضا عن النفس، والتقارب مع الآخرين، خاصة افراد الاسرة هي التي تعمق الإحساس بالسعادة.
ربما تكون فكرة الاحتفال بعيد الأُم، اقدم من الاحتفال باليوم العالمي للسعادة بقرن كامل، حيث يعود الاحتفال بعيد الام الي سنة ١٩١٢، عندما اقترحت مواطنة أمريكية مصطلح
"Mothers’ Day "
تكريماً لكل الأمهات في العالم، وانتقلت الفكرة من الولايات المتحدة الي كل دول العالم. 
أما اليوم العالمي للسعادة
International Day of Happiness 
الذي اعتمدته الأمم المتحدة في دورتها رقم ٦٦ في سنة ٢٠١٢، وبدأ الاحتفال به في سنة ٢٠١٣، فجاء لتأكيداً لأهمية السعادة في حياة البشر، ولدفع سبل تحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتوفير الرفاهية والسعادة لجميع الشعوب.
واذا كانت الامهات هي احد اهم مسببات السعادة في الحياة، الا ان التعريف الدقيق للسعادة هو أمر فلسفي شديد التعقيد، حيث يرجع الاهتمام بمفهوم السعادة الي أكثر من ٢٥٠٠ سنة، حيث اهتم الفلاسفة الاوائل مثل كونفوشيوس وسقراط وأرسطو وبوذا بدراسة مفهموم السعادة، وإذا ما كانت هي شعور مادي بالاكتفاء والرفاهية، ام هي شعور روحاني بالرضا والسكينة، ام هي مزيج من الاثنين معا. 
ومن منظور الدين الإسلامي، تعتبر السعادة اكثر من كونها مجرد حالة مؤقتة من الفرح والبهجة، الي عملية مستمرة، تهدف إلى تحقيق السعادة الأبدية، وراحة البال وطمأنينة القلب، والرضا في الدنيا، والنعيم الأبدي في الآخرة.
منذ العام ٢٠١٢، تقوم منظمة الأمم المتحدة باصدار تقرير عن مؤشرات السعادة في كل دول العالم، وهي مؤشرات مرتبطة بمدى رضا الشخص عن حياته. يعتمد  التقرير على ٦ معايير لقياس السعادة، وهي معايير مادية تشمل، نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، ومتوسط عمر الفرد عند الولادة، وحرية الفرد في اتخاذ القرارات الخاصة بحياته، وجودة الخدمات خاصة في مجالي الصحة والتعليم، وانعدام معدل الفساد في المجتمع، وانتشار معدل العدل. 
الا ان مفهوم السعادة نسبي، يختلف من شخص إلى آخر، ومن بلد إلى آخر. 
ووفق تقرير عام ٢٠٢٠ (متوسط درجات السعادة على مدار الأعوام  ٢٠١٧-٢٠١٩)، كانت فنلندا هي الدولة الأكثر سعادة في العالم، تلتها الدنمارك وسويسرا وأيسلندا والنرويج حسب استطلاع جالوب العالمي. ولكن عند رجال الدين واتباع الديانات السماوية، تكمن السعادة في شعور الإنسان بالرضا، عند توفيقه بين مصالحة الدنيوية، وقناعاته الدينية. ولذا فهناك فارق كبير بين التعريف المادي والتعريف الروحي للسعادة. 
فالشعور بالسعادة عند المؤمنين بالله، هو انشراح الصدر، ورضا النفس، وطمأنينة القلب، وراحة الضمير، الناتج عن استقامة السلوك الخارجي، المدفوع بقوة الإيمان الداخلي.
بالرغم من ان الفارق بين بداية الاحتفال بعيد الام، وباليوم العالمي للسعادة، هو قرن كامل من الزمان، وربما يكون ذلك قد حدث بالصدفة، إلا ان احداً لم يفكر في ربط الحدثين معًا. الاحتفال بعيد الام، يجلب معه السعادة، حيث تمثل الام في حياة كل منا كنز لاينضب من السعادة، فذكر اسم أمي او التحدث عنها، يدخل علي نفسي السرور، وعلي روحي السكينة والرضا، وعلى قلبي البهجة والسعادة. ولذا، فإن اقتران الاحتفال بعيد الأم، هو في حد ذاته احتفالا بعيد السعادة.
في يوم الاحتفال بعيد الأم، أدعو الله سبحانه وتعالى أن يرحم أمي وأن يسكنها فسيح جناته، مع اطيب الامنيات لكل أم بموفور الصحة وكامل السعادة.