هوارد كارتر كان رساما ولا علاقة له بالآثار.. والصدفة قادته للاكتشاف
الحمارة والمياه سبب الاكتشاف وزاهي حواس كوماندوس السياحة
لا يمكن أن تكون زرت مدينة الأقصر فى قلب صعيد مصر، ولم تسمع عن عائلة عبد الرسول، سواء من خلال شرح المرشد السياحي لك داخل أحد المعابد عن بداية اكتشافات الآثار فى الأقصر، أو من خلال جلوسك فى أحد المقاهى أو المطاعم.. فهى واحدة من أشهر عائلات الأقصر، تمتلك فى البر الغربى وتحديدا فى منطقة القرنة المقاهى والفنادق وغيرها من الأماكن، والتى تقيم فيها معظم البعثات الأجنبية التى تعمل فى البر الغربى للتنقيب عن الآثار.
اشتهرت العائلة بالاكتشافات الأثرية الكبيرة منها الـ40 مومياء التى اكتشفهم الجد الأكبر فيما تسمى بخبيئة الدير البحرى قديمًا، ولكن أشهر الروايات التى ارتبطت باسم العائلة هو اسم الطفل حسين عبدالرسول، ذو الـ12 عاما، والذى اشتهر منذ ذلك الحين عندما اكتشف أول سلمة في سلالم المجد، والتى قاد بها هوارد كارتر إلى اكتشاف مقبرة الفرعون توت عنخ آمون.
هناك الكثير من الغموض يحيط بهذه القصة وحقائق كثيرة متضاربة كان يجب أن نبحث أكثر فى خباياها ونعرف أكثر، فذهبنا إلى الأقصر، لنجري حوارا مع الابن الوحيد الذى ما زال على قيد الحياة لأبناء الحاج حسين عبدالرسول وهو نوبى حسين عبدالرسول.. فإلى نص الحوار.
■ لعب الحاج حسين عبدالرسول وهو فى سن 12 دورا فى اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون..فما الدور الذى لعبه؟
- والدى حسين عبد الرسول كان صغيرا، وكان يعمل مع جدي «محمد»، فجدى مكتشف خبيئة حتشبسوت الدير البحرى المكونة من ٤٠ مومياء عام ١٨٨٥، وحاليا الـ ٤٠ مومياء تم نقلهم إلى متحف الحضارة، عبر موكب المومياوات، وهذا الاكتشاف كان باسم جدي.
كان اللورد كارنفون يمول هوارد كارتر لإنجاز الاكتشافات، وتقابل اللورد مع « كارتر»، فى ذلك الوقت كان« كارتر» رساما أمام فندق «ونتر بلس» ومعبد الأقصر يرسم صورا ولوحات للسياح مقابل حصوله على المال، وقابله اللورد كارنفون بالصدفة، وأخبره عن مقبرة توت عنخ آمون فى البر الغربي، وكانت عائلة آل عبد الرسول مشهورة بعملها فى الآثار، فعرض عليه الاتصال بالعائلة لمساعدته.
وبالفعل حضر اللورد و«كارتر» للمنطقة، وتقابلا مع أجداي، وبدأت عملية البحث خطوة خطوة حتى اكتشفوا المقبرة، ووالدى كان وراء هذا الاكتشاف، وكان عمره وقتها ١٢ عاما فقط، وكان يطلق عليه« طفل الماء»، لأنه كان يساعد الناس فى الحصول على المياه دون مقابل، كان والدى يركب الحمار الصغير، لأنه كان الطفل المدلل ويحظى بمكانة خاصة لدلى «كارتر»، وكان يحمل المياه على الحمار، وعندما قام بإنزال المياه سقطت نقطة مياه على أول سلمة من المقبرة، فظهرت حاجة غريبة غير مستوية.
في ذلك الوقت كان مهمة « كارتر» للتنقيب واكتشاف المقبرة على وشك الانتهاء، وكاد يفقد الأمل، فبداية العمل كانت عام ١٩١٢، وبعد عامين قامت الحرب العالمية الأولى، وتوقفت أعمال التنقيب خلال الفترة من ١٩١٤ إلى ١٩١٨، ثم عاود « كارتر» العمل، فالاكتشافات الحقيقية بدأت ١٩٢٠، وظهرت المقبرة عام ١٩٢٢.
وعندما اكتشف والدى المقبرة، فرح « كارتر»، ووالدى قال له « هنا فى حاجة زى سلم»، وبعد ما « كارتر» شاهد السلالم، بدأت عملية الحفر، ورغم أنه كان لا يسلم على أحد من العمال، غير أنه من الفرحة كان يحضنهم، وأطلق على هذا اليوم »Day of Days» يوم الأيام.
واستمر عمل العمال لعدة أشهر حتى تم استخراج مقتنيات المقبرة من الذهب والآثار، ووجد هوارد كارتر العقد الشهير ولبس العقد لوالدى وصوره صورة بالكاميرا بالعقد لأنه «وش السعد عليه»، وبعد أسبوع الحكومة استردت العقد من والدى، وهو موجود الآن فى المتحف المصري.
■ هناك أقاويل كثيرة وقصص كثيرة تقال على عائلة عبد الرسول.. اكتشافات الخبيئة وسرقات.. أين الحقيقة ؟
-العائلة لها تاريخ طويل فى اكتشاف الآثار، وكان جدى هدفه التنقيب عن الآثار لصالح بلده، ومول على نفقته الخاصة بعض الأعمال فى عمليات التنقيب،، فجدى كان من كبار المزارعين فى البلد، وليس لنا علاقة بالسرقات، فتجار الآثار يظهر عليهم الثراء الفاحش، وهذا حالنا كما ترينه.
وعندما ذكرت قصة السرقات، تدخلت الحكومة، رغم أن وقتها كانت هناك سرقات من قبل الباشوات، والتصقت الصفة بالعائلة، رغم أن العائلة لم تسرق شيئا من الآثار على مدى تاريخها، فالموميات الأربعون موجودة فى المتحف المصري.
■ هل الأفلام التسجيلية التى تتم صناعتها عن العائلة وعن وادى الملوك والمقابر.. يكون ليكم دور فيها؟
- حاليا هناك بعثات أثرية تابعة لوزارة الآثار، فى الستينيات كانوا يحتاجون أحدا من العائلة معهم، لعدم وجود مفتشى آثار فى ذلك الوقت، كانوا يأتون إلى هنا ويجلسون مع الوالد وعمي، وكانت أى بعثة أثرية تأتى وتحتاج مساعدة، كانت العائلة تقدمها لهم.
والآن نسجل مع القنوات الأجنبية من كل العالم، ولا توجد مفيش قناة أجنبية لم تسجل مع العائلة، بالإضافة إلى القنوات المصرية.
■ فندق المرسم تمتلكه العيلة يمتد تاريخه لأكثر من مائة عام.. فما قصته ؟
- يعود تاريخ الفندق إلى أكثر من مائة عام، واكتسب الفندق شهرة عبر البعثات الأوروبية التى كانت تأتى إلى مصر للتنقيب فى محيط منطقة وادى الملوك والبر الغربي، ولم يكن موجدا غير هذا الفندق ووينتر بالاس وسافوى فى الأقصر فى البر الشرقي. وتفضل هذه البعثات الإقامة فى الغرب لتكون قريبة من الأماكن الأثرية.
الزائر الأوروبى دائما يحب يغير طريقة المعيشة الأوروبية والجو، ويعيش فى مكان مختلف وحاجة ريفية، وفى الماضى لم تكن هناك فنادق الخمس نجوم، فكانوا منبهرين بالفندق، وهم من قام بالدعاية للفندق فى الخارج.
■ وما المجالات التى يعمل بها أفراد العائلة الآن؟
- الشباب فى العيلة لما طلعت لقت أنا جدى الفتى الشهير حسين عبدالرسول أو أن عيلتى كانت مشهورة باكتشاف جزء كبير من آثار مصر، والشباب فى العيلة كان لديه شغفب للعمل فى المجال نفسه، مرشدين ومرشدين سياحيين أو يبقوا مفتشى آثار، أو العمل فى ترميم الآثار، لكن لم نأخذ حقنا فى تعيينات الآثار، أما الإرشاد والمفتشون، الحمدلله، هناك من يعمل بهم فى العيلة، وابنى فى سنة أولى كلية سياحة وفنادق.
■ حدثنا عن السياحة فى الأقصر.. وهل تأثرت بجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية؟
- السياحة فى الأقصر الآن جيدة، ولكنها بالطبع تأثرت بجائحة كورونا، وبدأت فى التحسن تدريجيا، لكن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت أيضا، وتأثيره أكثر على السياحة الشاطئية فى شرم الشيخ والغردقة، خاصة من دول روسيا وأوكرانيا والدول المجاورة لهما.
لكن فى الأقصر تعتمد على السياحة الثقافية خاصة من دول ألمانيا وانجلترا وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا، وبعضهم لهم منازل فى الأقصر ومتزوجون من مصريين.
■ عالم المصريات الكبير دكتور زاهى حواس..ماذا يعنى لك؟
- الدكتور زاهى حواس من كبار علماء الآثار، وهو راجل دارس الآثار المصرية ويعتبر مرجعا لكل الأثريين، والبعثات الأثرية، كما أنه أيضا « كومندا» فى السياحة.
■ ما قصة المخرج الأمريكى الذى انبهر بالشبه الكبير بين ابنك والحاج حسين عبدالرسول؟
- جاء مخرج أمريكى لتصوير فيلم عن اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وكان يبحث عن ممثل يقوم بدور الحاج حسين عبد الرسول فى سن ١٢ عاما، وأرسلت له صورة ابنى مرتديا الشال الأبيض، فقال لى أنا أريد أحدا يمثل الدور وليس الصورة، فأخبرته أنه ابنى ولم يكن مصدقا الشبه الكبير بينه وبين جدي.
■ من مناطق الجذب السياحي في الأقصر منزل هوارد كارتر.. هل ترى أن العائلة أحق منه؟
-الحظ لعب مع «كارتر» بعدما قام اللورد كارنفون بتمويله لاكتشاف المقبرة، وبعدها الحكومة المصرية عينته فى الآثار، وبنى استراحة له فى البلد، وأخذت شهرة كبيرة، بينما العائلة التى ساعدته فى الاكتشاف لم تأخذ نفس الشهرة.
■ كيف توجد البيوت بالقرب من الجبل ووادى الملوك؟
- البيوت هنا كلها كانت معمولة بالطوب اللبن الطوب الأخضر لأن البناء بالحديد المسلح هنا كان ممنوعا، وكل المنطقة اللى بجوار الجبل ووادى الملوك دى كانت مسكونة بيوت وناس، ومنذ عام ٢٠١٠ تم نقل الناس من هناك للمنطقة هنا سموها مدينة القرنة الجديدة.
لكن كان كل أثرى يأتى هنا ممكن يقعد فى بيت هنا قرب الجبل، وبعثة ألمانية هنا ليها بيت، وفى بيت تابع للبعثة البولندية عند معبد حتشبسوت، وفى عند وادى الملكات حاجة اسمها الملقادا يعنى منطقة مقابر.