شهدت مصر على مر التاريخ الكثير من الاكتشافات الكبيرة والعظيمة التي أذهلت العالم، ربما كان أشهر تلك الاكتشافات وأعظمها مقبرة الملك توت عنخ أمون التي عرفت باكتشافها كاملة دون سرقة أي من محتوياتها ونظرًا لعظمة ما عثر عليه داخل المقبرة، وكان أحد الاكتشافات العظيمة على مر التاريخ والتي تنافس عظمة اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون هي مقبرة اكتشفت عن طريق الصدفة عام 1881 وعرفت بإاسم «الخبيئة».
هذه المقبرة كانت “معزة” عائلة عبد الرسول هي السبب في اكتشاف هذا الكنز، والتي عرفت بخبيئة الدير البحرى حيث عرفت بأنها من أكبر الاكتشافات الأثرية العظيمة سنة 1881 والتى لا يضاهيها عظمة بعد ذلك التاريخ إلا اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون.
وتبدأ قصة اكتشاف الخبيئة قبل عشر سنوات من هذا التاريخ و تحديدا سنة 1871 ميلادية، حيث كان أحمد ومحمد عبد الرسول يتحدثون وهم جالسون على حجر في الدير البحري وعلى مقربة منهم كان هناك بعض الماعز تبحث عن شيء تأكله داخل الأرض وفجأة ابتعدت واحدة من الماعز لترعى ولكن الماعز ابتعدت أكثر فأكثر.
فقام أحمد ليتبعها فخافت الماعز واتجهت نحو الصخور وفي النهاية اختفت، وعندما وصل أحمد إلي مكان اختفائها وجد أن هناك تجويف في الأرض وجذب انتباهه سريعا مدخل البئر فمال عليه، فهاله وجود بئر فى هذا المكان وما يعنيه ذلك فنزل جريا يخبر أخيه محمد بما شاهده واقترب الأخوين من البئر حاملين معهم مصباحين وحبل حيث كان الليل قد خيم على المكان وألقي محمد بإحدى طرفي الحبل إلي أحمد الذى ربطه بصخرة فقام محمد في ذات الوقت بربطه حول خصره.
وبدأ محمد في النزول في البئر تحت ضوء المصباح الذى كان يحمله أخيه الذي ظل وافقا بالأعلى وصاح أحمد بأن البئر عميقة جدا (10 أمتار تقريبا) ورد عليه محمد هيه لسه عايشه المعزة فطلب منه محمد الإسراع بإطالة الحبل لكى ينزل وهو يشعر بخوف كبير من المكان المجهول وعندما لامست رجليه قاع البئر وجد الماعز ولكنه وجد أيضا مدخلا إلي ممر منحوتا في الصخر غير مزين وبدأ فى النزول وفجأة اصطدم بشئ يتضح بعد ذلك بفضل نور شعلة المصباح أنه تابوت ملون بالأبيض والأصفر.
وبالقرب منه وجد تابوتا ثانيا ثم ثالثا وبالقرب من هذه التوابيت التي كانت تصطف الأرض كانت هناك تماثيل أوشابتى وأواني حفظ الأحشاء وزهريات من البرونز وبعض المشغولات الذهبية ولم يصدق أحمد نفسه فقد اكتشف كنزا كبيرا مثل مغارة علي بابا، ولقد ظل سر اكتشاف الخبيئة سنة 1871 حتى سنة 1881 ينحصر اكتشافها فى محيط عائلة عبد الرسول ولمدة عشر سنوات حيث كانوا يستخرجوا منها ما خف وزنه وغلى ثمنه غير مهتمين وعابئين بالمومياوات حيث كان فى ذلك الوقت لا قيمة لها إلا بما تغطيها بالذهب والأحجار الكريمة.
ولكن شاءت الأقدار ان ينكشف سرها فقد كان احمد عبد الرسول يبيع كنوز المقبرة ويضعها فى أجولة أرز فى مخبأ سرى بمحل العطارة حيث قام فاروق البرجوازى المصرى بشراء فازاتين أو زهريتين تعودان إلي العصر الفرعوني في حالة رائعة ولكن لسوء حظهما كان يراقبهم ويراقب المخبأ كمال مساعد جاستون ماسبيرو بشكل حذر الذى اشترى الزهريتين من فاروق فيما بعد وقام بعرضهما على مدير الآثار المصرية جاستون ماسبيرو فى ذلك الوقت الذى أعجب بجمالهما ودقتهما النادرة مما يرجح ان يكونوا لملوك عظام ، فما كان ماسبيرو إلا أن ابرق إلي رئيس شرطة الأقصر أمرا بالقبض علي أحمد عبد الرسول وطالبا من الخديوي فتح تحقيق فى هذا الموضوع.
ولكن التحقيق الذى أجراه ماسبيرو بصرامة أدى إلي نتيجة أولية وهو شهادات في صالح المتهم فأطلق سراح أحمد بشكل مؤقت ولكنه عزم النية على مراقبته وتسبب هذا الامر في وقوع خصومة بين أحمد و إخوته فمنهم من كان يريد تسليمها ومنهم من كان يرفض ذلك بدعوى ان الخطر زال، لكن فى النهاية تم الكشف عن الخبيئة وتسليمها بعد عشر سنوات من اكتشافها لمدير الآثار المصرية جاستون ماسبيرو الذى أعلن فى خطاب عالمى رسميا اكتشافا استثنائيا يضم أربعة وأربعون مومياء ترجع إلي الدولة الحديثة مثل مومياء أحمس محرر مصر وتحتمس الثالث الفاتح ورمسيس الثاني الكبير و أبيه سيتي الأول، وفى النهاية تم نقل جميع المومياوات إلى متحف بولاق فى ذلك الوقت ولكنهم موجودون الآن فى المتحف المصرى.