السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تايه يا أولاد الحلال

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تنبهت مؤخرا لوجود جهاز صغير الحجم يستخدمه المواطن العادي في بعض العواصم الغربية لتتبع بعض الأشياء المهمة، مثل مفاتيح السيارة وحقيبة السفر والمحفظة، أو أي من الأغراض الأخرى ذات القيمة التي يخاف الشخص أن ينسى مكانها أو يتخوف من تعرضها للسرقة. وبهذه الطريقة، إذا ضاعت أو تمت سرقتها يمكن أن يجدها صاحبها في وقت أقل بكثير من ذي قبل من خلال الجهاز المرتبط بتليفون صاحبه حيث يرسل إشارة بمكان الشيء المفقود. 

تملكني فضول الصحفي لمعرفة اسم الجهاز وخاصياته ومكان بيعه، خاصة وأني من الأشخاص الذين يغنون "تائه يا أولاد الحلال" حتى إني أطلقت على نفسي "ألفة تبحث".. من كثرة الأوقات التي أقضيها وأنا أبحث عن متعلقاتي التي من فرط خوفي أن أنسى مكانها أضعها بكامل الحرص في أماكن معينة ولكن غالبا ما أنساها هي أيضا! وشعرت كأنني وجدت دواء ثمينا سيخلصني من عناء البحث وشقاء النسيان.

 لأني لست أفضل من يتحدث عن"الهاي تك"، مقارنة بالشباب من زملائي الصحفيين الماهرين في هذه التقنيات، فسأحاول استخدام مهارات الوصف لدي وليس مهارات معرفة التكنولوجيا المتطورة.

هو عبارة عن جهاز بحجم العملة المعدنية يسمى "اير تاغ "، يتم ربطه بمفتاح أو حقيبة ظهر أو تحت كرسي السيارة أو داخل دولاب الملابس أو في صندوق مخصص لحفظ الأشياء المهمة. ويُمكِّنُ للمستخدمين من تعقب متعلقاتهم بسهولة نسبية. 

شعرت أيضا بأهميته للأشخاص الذين تقدمت بهم سنوات العمر وأصبحوا ينسون أشياءهم، أو للذين أصابتهم آفة النسيان وهم بعدُ صغار؛ كذلك لتتبع الأهالي لذويهم من صغار وكبار السن والحيوانات الأليفة. ولا أدري هل وصل هذا الجهاز إلى أسواقنا، لكني شاهدت أيضا من خلال أفلام الفيديو المتاحة كيف يتم استخدامه لتتبع السيارة في مكان إيقافها بالمآرب. ولعل كثيرين يعانون مثلي وهم يبحثون عن سياراتهم بعد أن تركوها في المآرب وظنوا أنهم سيتذكرون الطابق والعلامة. كما يساعد الجهاز على تتبع السيارات في حالة السرقة ومطاردة السارق أيضا. 

واكتشفت أن شركة أبل هي صاحبة هذا الاختراع وقد صممته لغرض نبيل وهو التتبع بهدف الحفاظ على السلامة والمساعدة في العثور على الأشياء المفقودة. وهذه نعمة من نعم التكنولوجيا التي أصبحت تُسهِّل حياتنا. 

غير أن الوجه الآخر لهذا العمل النبيل هو أن أجهزة التتبع الذكية الصغيرة أصبحت تستخدم، على العكس من ذلك، في مواقف شائنة وبطرق تثير مخاوف تتعلق بالخصوصية والسلامة، مثل التعقب والمطاردة والمراقبة والسرقة. وأصبح المجرمون يستغلون الجهاز الرخيص وصغير الحجم لتتبع السيارات والبيوت التي يريدون سرقتها، أو فيما هو أسوأ كالاختطاف والمطاردة. وقد سجلت الشرطة في عديد المدن الأمريكية، على سبيل المثال، زيادة في عدد القضايا التي تتهم أشخاصا يستخدمون هذا الجهاز الذي لايتجاوز سعره الثلاثين دولارا لمطاردة شخص آخر، لدرجة أن الشرطة نشرت تحذيرات لتوعية المواطنين بهذه المخاطر. 

وقد دفعت هذه المخاوف الشركة المصنِّعة إلى نشر دليل أمان للجهاز. وذكرت الشركة أنه بالإمكان الكشف عن تتبع "ايرتاغ" غير المرغوب فيه. وأوضحت أنه من السهل كشف ما إذا كان هناك جهاز تتبع من خلال خاصية في تليفونات ايفون، كما صممت أيضًا وفي خطوة نادرة تطبيق اكتشاف لنظام أندرويد لمنع التعقب. إذا قام شخص ما بوضع جهاز "اير تاغ" على السيارة أو في الحقيبة، فسيتلقى المستخدمون من خلال " اي أو اس" إشعارًا بأن علامة "اير تاغ" غير معروفة تتعقبهم. وسيتلقون تنبيها على هاتفهم بأن الجهاز موجود ويتعقبهم وربما كان مسافرا معهم! 

وبمجرد تلقي التنبيه على الهاتف المحمول، سيتمكنون من معرفة المدة التي استغرقها في السفر معهم، والمسار الذي استغرقه، وبعد ذلك سيعطيهم أيضًا الرقم التسلسلي للجهاز الذي يتعقبهم، وبالتالي من السهل الوصول إليه وكشف هوية المتتبع وتطبيق القانون. أما أكثر الأماكن التي تم كشفها خلال تحقيقات الشرطة ويستخدمها المجرمون لوضع جهاز التتبع، فهي الجيوب والحقائب والأمتعة وخلف لوحات الترخيص بالسيارة وفي تجويف العجلات أو بين المقاعد أو تحت مقاعد السيارة. ونظرا لصغر الجهاز فقد كان من السهل إخفاؤه ومن الصعب اكتشافه. 

إنه عالم مجنون قد يسهل علينا حياتنا باختراعات بسيطة ولكن التكنولوجيا دائما تحمل الوجهين: النعمة والنقمة ونظل نسير في ركابهما نتطلع إلى الغريب المدهش الأخاذ ونشتكي من الضرر الذي غالبا ما نكون قد اشتريناه بمالنا، و"يا فرحة ما تمت"!

olfa@aucegypt.edu