في كل عام، وفي الحادي والعشرين من مارس، يحتفل العالم كله بالأم، في ما يسمى بعيد الأم، وهذا أمر جد مهم وجميل ومقدس وجليل، أن نلفت أنظار الغافلين من الأبناء الذين شغلتهم دوامة الحياة، وأنستهم عن غير قصد منهم أمهاتهم اللواتي أرضعنهم وسهرن عليهم حتى شبوا وكبروا وأصبحوا قامات كبيرة فمنهم المهندس والطبيب والضابط والقائد، كل في مجاله، لكن مسؤولياتهم شغلتهم عن الحب والعطف والحنان الذي كان ينبغي عليهم أن يشملوا به أمهاتهم، شغلتهم الدنيا عن الدين، فلا تحلو حياة دون دين، والدين أوصانا بأمهاتنا وآبائنا، وأسال هؤلاء هل تستقيم حياتكم، هل حقا أنتم سعداء، كيف تنامون على وساداتكم دون أن تقبلوا رؤوس أمهاتكم، وتجلسوا تحت أقدامهن، لا عذر لكم حتى وإن عذروكم.
الرجل يأتي إلي النبي صل الله عليه وسلم يطلب الإذن بالذهاب إلى الجهاد، فيقول له النبي هل لك من تعول، قال لى أم طاعنة فى السن، قال تحت قدميها فألزم، وهذا أعظم الجهاد.
والرجل يأتي لعمر بن الخطاب يقول لي أم أقوم على خدمتها وأسهر على راحتها هل أكون قد وفيتها حقها، يرد الفاروق ولا يساوي ذلك طلقة من طلقات مخاضها.
ثم أليس بر الأم ذكره الله تعالى في القرآن الكريم، سيدنا المسيح عليه السلام، (وبرا بوالدتي)، سيدنا يحيي (وبرا بوالدي)، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم (من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله، قال أمك ثلاث مرات)، تكريما للأم، وفي الرابعة، قال أبوك.
نعم إنها الأم أغلى ما في الكون، إنها الخير كله، إنها سعادتنا في الدارين وطريقنا إلي الجنة، ألم يقل النبي (الجنة تحت أقدام الأمهات).
إنها الأم التي يرزقنا الله من أجلها وعندما تلقى الله ينادي ملك من السماء قائلا، يا فلان ماتت من كنا نرزق من أجلها فابحث لك عن عمل صالح نرزقك من أجله.
إنها الأم التي تسهر عليك وأنت مريض ولا تجف دموعها، إنها الأم التي تضع خدها على خدك وتتمنى أن ينتقل منك المرض إليها لتشفى أنت، دون أي غرض ولا مصلحة اللهم إلا الحب.
إنها الأم التي يصاحبك دعائها في حياتها وبعد مماتها.
إنها الأم التي تأتي إليها محملا بهموم الدنيا وتجلس معها وتضع رأسك على كتفها وتشكو إليها وتسمعك لساعات طويلة لا تكل ولا تمل وتقدم لك النصح والإرشاد وتقدم لك كل ما تملك من أجل أن تراك سعيدا.
إنها الأم التي تفرح لفرحك وتبكي لبكائك، تسعد بك وبأبنائك.
إنها الأم التي تسهر أمامك وأنت تذاكر ويالا فرحتها وسعادتها يوم تفوقك ونجاحك.
نعم مشاغلنا كثيرة ومسؤولياتنا جسيمة، لكن أما فكرنا يوما أننا بودهم نسعد، ألم يقل ربنا قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة فى القربي، وهل هناك قربى أقرب إليك من أمك التي عانت في حملك، قاست في مخاضك، وفي إرضاعك، وفي وفي وفي.......، كثيرة هي الأشياء، كثيرة هي الأفضال، كثيرة هي وربنا لو جلسنا أياما وشهورا نعدد ونحصي ما فعلته فلم ولن نوفيها ولن نستطيع الحصر والعد.
نعم ورب المشارق والمغارب، من أراد أن يحيي في رغد من العيش وسعادة فعليه بإرضاء أمه، ومن أراد أن يعيش حياة هنية فليجتهد قدر طاقته في إسعادها، ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها فأولئك كان سعيهم مشكورا، وسعيه في الدنيا، من أولوياته بر أمك، بروا آبائكم تبركم أبنائكم، فإذا أردت الآخرة والجنة فقم على أمك ولا تبخل عليها ولو حتى بتكلفة مكالمة من جوالك ورب السموات والأرض ما تنفقه سيكتب في أعمالك الصالحة وتؤجر من الله تعالى.
وبرها بطاعتها شريطة ألا يكون في معصية الخالق، بمعنى قم عليها وصاحبها فى الدنيا معروفا، لكن وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما، وصاحبهما فى الدنيا معروفا.
هذا بالنسبة للذين شغلتهم الدنيا عن الآخرة، فما بالنا بمن لا شغل لهم وتحيي أمه معه ويراها كل يوم رأي العين ويعقها ويفضل زوجته عليها، بل وقد يصل به الأمر إلي إهانتها إرضاء للست هانم بنت الحسب والنسب، لا والله بنات الأصول هي التي تعين زوجها على طاعة الله، فإن كان عاقا لوالدته تنهاه عن ذلك، إن كان غير واصلها تأخذه من يده إليها، تطعمها قبل أن تطعم أولادها، تطلب منه أن يصنع كل الخيرات لأمه.
ما بالنا بمن يذهب بأمه إلى دار مسنين، لماذا تفعل ذلك يا أيها الأبله الأحمق، ويقدم لك عذرا أقبح من ذنب، الشقة ضيقة، الشقة ضاقت بوجود أمك، سبحان الله، يا تافه أمك قد تكون هي التي اشترتها لك، أو الذي يجعل أمه توقع بالإكراه على ميراثها له، سبحان الله، ما هذا الحال الذي وصلنا إليه، ونطلب من الله رفع الغلاء ودفع البلاء، نرفع أولا نحن الظلم عن أنفسنا بظلمنا لأمهاتنا، نقول يارب ولا يستجاب دعاء، كيف ونحن عقوق لامهاتنا.
سيداتي وسادتي أعزكم الله تعالى، إياكم ثم إياكم من عقوق الأم، حتى لا تكون عاقبتكم الخسران المبين وحتى لا يكون عيشكم ضنكا وحتى لا تحشروا يوم القيامة عميانا، وحتي لا تتعثروا في حياتكم ويتلعثم لسانكم وقت مماتكم ويكون حالكم مثل علقمة الصحابي الصوام القوام، لكن من منا بلا خطيئة، كان يفضل زوجه على أمه فتعثر في النطق بالشهادتين حال وافيته وهو الصوام القوام، لولا عفوها عنه ما كان نطقها.
ولا يكون حالكم مثل العابد جريج الذي أتهم زورا وبهتانا في جريمة زنا وهو منها براء، وهو من هو في ورعه وزهده وتقواه، لكن من منا بلا ذنوب وعندما أحضر لدفع التهمة عنه وجد السيدة التي ادعت عليه، فشاهد وجهها،فتبسم، وقائلا تحققت دعوة أمي عندما نادتني وأنا في للصلاة ولم أجبها، فقالت له لا أماتك الله يا جريج حتى ترى وجه العاهرات وها قد رأيته، أنظروا لم يلبي ندائها وهو يصلي، فما بالنا بمن تنادي عليه مئات المرات والأفندي مشغول بأولاده، بزوجه، يا أخي يمكن جائعة، يمكن لا تستطيع الذهاب لقضاء حاجتها، هل تنتظر وهي مسنة لا تقضي حاجتها لأنك مشغول بولاد الأكابر ألا سحقا لك ولاولاد الأكابر سيصبكم صغار من الله بما فعلتم.
نصيحتي اغتنموا الفرص وهي حية ترزق نالوا رضاها حتى يرضى عنكم ربكم فتسعدوا.
في عيدك يا أمي أهديك قول الله تعالى رحمة ونور في قبرك (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)
.. نعم ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا
آراء حرة
ست الحبايب
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق