في أحدث مؤلفاتها، تغوص الدكتورة راندا رزق، أستاذ الإعلام التربوي بجامعة القاهرة، وأمين عام المجلس العربي للمسئولية المجتمعية، في أول دراسة أنثروبولوجيا باللغة العربية عن تاريخ العنصرية في العالم الجديد، للوصول إلى الجذور التي يُعاني منها المجتمع الأمريكي حتى الآن. رغم عقود من الحريات وتطوير القوانين.
قبلها، نشرت العديد من الدراسات والأبحاث والمؤلفات، منها "فيدرا.. امرأة في ملتقي الحضارات"، و"التربية المسرحية.. أثر المسرح على مستقبل التعليم"، و"المسرح التنموي.. النظرية والتطبيق، ومجموعة قصصية باسم "وزارة الوفيات". وحصلت على العديد من الجوائز وشهادات التقدير منها: شخصية العام لسنة 2021 من الملحقية الصينية الثقافية بالصين وذلك تقديرًا لجهودها المستمرة في مجال تريوج الثقافة بين البلدين، وجائزة الكاتبات الشابات لسنة 2003 عن مجموعة "وزارة الوفيات".
وفي كتابها "أمريكا الأفريقية"، الذي بدأت في جمع خيوطه منذ عام 1995، تتبع العنصرية الأمريكية منذ وصول أول السفن القادمة من أفريقيا إلى العالم الجديد في القرن الـ 16، والقرون الحافلة بتاريخ من الاستعباد، حتى انطلاق حركات التحرر، والحركات المناهضة للعنصرية.
عبر تتبع الفن الأفرو-أمريكي، يدخل القارئ في رحلة بطلها الأساسي هو الفن، الذي لعب دورًا كبيرًا في التشابك الثقافي وتعزيز العلاقات. لترصد راندا في كتابها الظروف الفنية والاجتماعية للسود داخل المجتمع الأمريكي. مُلقية الضوء على حركة الزنوج كنموذج لحركات المقاومة التي تبناها السود، كرد فعل على الأوضاع التي عانوا منها خلال هذه الحقبة. كان أشهر هؤلاء -حتى الآن- مارتن لوثر كينج ومالكوم أكس. وغيرهم ممن سعوا للتخلص من قيود الرجل الأبيض، واستخلاص حقوقهم المنهوبة تحت سوط السادة في المزارع والمصانع. مما دفعهم إلى ابتكار تشابك معقد من الإمكانيات الفنية والبدنية والذهنية والخطابية لدحض فكرة العنصرية ضد الأفارقة. تقول: ربما نجحوا لعقود، لكن النيران تحت الرماد هي ما أنتج أزمة عنصرية كادت تطيح بأمريكا قبل بضعة أعوام، حينما قُتل المواطن جورج فلويد على يد شرطيين من البيض.
تضيف في حديثها لـ "البوابة نيوز": هذا العمل هو دراسة معمقة للحالة الأفرو-أمريكية، ولاسيما الفن بوصفه تمثيلًا حقيقيًا للعلاقات الإنسانية، بكل ما مرت به هذه العلاقات من شد وجذب. وتعزيز هذه الصورة عن طريق رصد نماذج تحليلية وتطبيقية، لتحليل التداخل والاشتباك الثقافي الناتج عن هذه العلاقات المضطربة.
وتابعت بالقول: يتناول الكتاب التشابك الأفرو-أمريكي من منظور أنثروبولوجي، عن طريق تحليل الروح الشعبية والطقوس الإفريقية في العشرينيات والثلاثينيات.
بالإضافة لرصد التمرد الاجتماعي في الفنون الأفرو-أمريكية في فترة الأربعينيات والخمسينيات، وخاصة المسرح، حيث قمت بتحليل مسرحية "حدود الحياة" كنموذج تطبيقي.
في جانب آخر من حياتها، شغلت راندا منصب الملحق الثقافي السابق لمصر في كازاخستان. إحدى الجمهوريات الخارجية من شرنقة الاتحاد السوفيتي السابق. والتي -ربما- كادت تلقى المصير الحالي لأوكرانيا لولا أن موقعها الجغرافي بعيد عن أوروبا.
تفسر راندا مسببات الحرب الروسية- الأوكرانية من منظور ثقافي مؤكدة أنه بعيدًا عن -العوامل العسكرية- فإن مسببات الحرب معقدة للغاية. تقول: الثقافة الروسية لا زالت تعتبر الجمهوريات السابقة من توابع الاتحاد السوفيتي ويجب أن تأتمر بأمر موسكو. والتشابك والتداخل على مستوى القوى الناعمة والموروثات والمعتقدات لا زالت مختلطة في هذه المنطقة.
تضيف أن هناك صلابة وموقف من الشعب والمجتمع الأوكراني في الحرب الجارية مع روسيا، مشيرة إلى أن تحليل المشهد الآن، سواء في أوكرانيا أو باقي الجمهوريات التي تحررت من قبضة الكرملين. هو وجود حالة من التعاطف مع أوكرانيا "لأن الشعب الأوكراني محب للحياة والتذوق والجمال وليس دمويا ولا يرغب في الحرب"، حسب قولها.
تؤكد: تخلي أوكرانيا عن الانضمام إلى الناتو سيرضي روسيا، لأن موسكو تعرف جيدا الشعب الأوكراني. لافتة إلى أن روسيا تريد أن تبعث برسالة إلى العالم بأنها لازالت تلك القوة العظمى الآمرة. وأن تلك المنطقة كانت تسيطر عليها في فترة من الفترات الماضية. ولازالت مسيطرة.
وكأستاذ للإعلام التربوي بجامعة القاهرة، تتحدث راندا رزق عن المشهد الإعلامي المصري الحالي. والذي وصفه الكاتب الصحفي مجدي الجلاد قبل أيام بـ "صحافة المهرجانات"، مشيرًا إلى حالة الفوضى التي نتجت عن تعدد الوسائل والاتجاهات والخلط بين وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام. تقول: يعتبر الإعلام أحد أهم الأدوات الفعالة في توعية المواطن المصري، في شتي المجالات خاصة التنمية المجتمعية وتنمية الأسرة. إذا ما أخذنا الجانب الأسري المتأثر بالإعلام، سنجد أن الرئيس نفسه تحدث بشكل مباشر حول أهمية الانتظار فترة من الوقت بعد الزواج لتحديد مصير العلاقة الزوجية، حتى إذا حدث انفصال لا يكون هناك ضحايا من الأطفال. من مسؤوليات الإعلام نشر ثقافة التنمية المستدامة التي تسعى إليها الدولة، ومن ضمنها شؤون التنظيم التي لا تقتصر على الاكتفاء لطفلين فقط، بل من أهم ثوابتها عدم الإسراع في الإنجاب وكأنه سبق.
تضيف: لأن 2022 هو عام المجتمع المدني، فيجب تكتف والتنسيق بين المجتمع المدني والمجالس القومية المختصة للتنشيط الحملات الإعلامية والاعلانية، لنشر الثقافة الكافية لدور المرأة في المجتمع واستقرار الأسرة ودورها المهم والكامل في تنمية الأسرة وبالتالي تنمية المجتمع. كما يجب تدريب شباب الصحفيين والإعلاميين في المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، لتعريفهم بكيفية نشر ثقافة التنمية المجتمعية والأسرية.
وبمناسبة شهر مارس، وهو شهر المرأة، تتحدث راندا عن تمكين المرأة في ظل استراتيجية التنمية المستدامة مصر 2030. تقول: الرئيس السيسي وضع المرأة على مدار 7 سنوات على رأس أولوياته بالفعل والعمل، فكانت مشاركة في السياسة والاقتصاد والاجتماعي والفن والرياضة وكل شيء. فالمرأة أصبحت تلعب دورا قياديا في كل تلك المجالات، فحصلت على أعلى نسبة تمثيل في البرلمان وأعلى عدد وزيرات في الحكومة، وتم تعيين قاضيات في مجلس الدولة، لتكون أول امرأة تعتلي منصة القضاء لأول مرة في تاريخ مصر في عهد الرئيس السيسي.
وشددت على أن هذا الدعم يدعونا للفخر بجهود الرئيس السيسي ودعمه للمرأة بصورة مستمرة في مختلف المجالات، معبرة عن سعادتها البالغة لأنها عاشت ورأت هذه اللحظات السعيدة لكل امرأة مصرية مخلصة. تقول: الجمهورية الجديدة كانت حلم واصبحت واقع الآن يتحقق بفضل رؤية الرئيس السيسي. وهو حلم تأخر كثيرا جدا ولم يكن هناك من يسعى لتحقيقه أو العمل عليه، مؤكدة أنه يجب أن يعمل المجتمع كله لتحقيق رؤية مصر 2030 "من أجل أن نصبح دولة عظمى لا يمكن لاحد أن يعايرها بفقرها أو أن يثني ذراعها عن تحقيق الامن والامان للمنطقة كلها". لافتة إلى أن المرأة لا ينقصها أي شيء في الجمهورية الجديدة سوى تحقيق طموحاتها على أرض الواقع وهو ما صار يحدث من خلال الدعم المقدم للمرأة وفتح جميع الأبواب أمامها وتذليل العقبات "لذلك أقول إن المرأة تعيش أزهى عصورها وعليها أن تحقق طموحاتها".