إريكسن، رجل محارب لا يخشى الموت، بإصراره على مغازلة الساحرة المستديرة رغم أزمته الشهيرة باقترابه من مغادرة الحياة، محمولًا على نعش يحمله زملاؤه بمنتخب بلاده، الذين شاهدوه وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، لكن القدر كان له رأى آخر عندما أنعش الجهاز الطبى قلبه خلال مباراة منتخب الدنمارك أمام نظيره الفنلندى فى يونيو الماضي، فى إطار منافسات دور المجموعات ببطولة كأس الأمم الأوروبية «يورو 2020»، التى أقيمت العام الماضى.
وإثر تعرض كريستيان إريكسن لسكته قلبية، غاب عن الوعى لمدة 5 دقائق أرعب خلالها الملايين من عشاق كرة القدم؛ بسبب توقف قلبه وسقوطه أرضًا بشكل مفاجئ، وفور إنقاذه من الموت بعد استخدام جهاز مزيل الرجفان مرة واحدة ونقله للمستشفى، أصر على عودته للملاعب مرة أخرى، لكن لم يعلم أحدًا أنه سيعود بهذه السرعة، رغم أن أزمته كادت أن تنهى مسيرته فى المستطيل الأخضر بمنعه من ملامسة الجلد المدور فى قادم المواعيد.
بعدها خضع «إريكسن» لزراعة جهاز تنظيم ضربات القلب، وهو جهاز لمنع خطر الموت المفاجئ، وتعافى وخرج من المستشفى، لكن هذا الجهاز لا يسمح له بممارسة كرة القدم على المستوى الاحترافى وفقًا لما تنصه القواعد فى الدورى الإيطالى، حيث كان وقتها لاعبًا فى صفوف إنتر ميلان، ليقرر النادى فسخ تعاقده مع صاحب الـ30 عامًا.
وأصبح حينها حلم العودة للعشب الأخضر يراوده باستمرار، حيث قضى بعض الوقت فى التدريب مع نادييه السابقين، أودينس البلجيكى وأياكس الهولندى، حتى وقع عقود انضمامه إلى نادى برينتفورد بالدورى الإنجليزى فى الانتقالات الشتوية الماضية لمدة 6 أشهر فقط، ليجد الفريق الذى يمنحه الفرصة بقيادة مواطنه «توماس فرانك» الذى أشرف على النجم الدنماركى سابقًا حين كان مدربًا لمنتخب تحت 17 عامًا، ليعود للمشاركة فى المباريات للمرة الأولى فى 14 فبراير الماضى فى مواجهة ودية أمام فريق ساوثيند، قبل أن يشارك فى اللقاءات الرسمية أمام نيوكاسل فى الجولة 27 بالـ«بريميرليج»، ليتلقى تحية خاصة للغاية من الجماهير، ليخوض 3 مباريات حتى الآن بمعدل لعب 218 دقيقة.
وبدأت قبلة الحياة ترتسم على قلب «إريكسن»، عندما صنع أول هدف لفريقه الجديد بعد استكمال مشواره الكروى أثناء مواجهة بيرنلى فى الجولة 29، حيث عاد لصناعة الأهداف بالدورى الإنجليزى مجددًا، بعدما غاب عن هوايته منذ ديسمبر 2019 بصناعة هدفه الأول فى الدورى الإنجليزي، حيث كانت آخر أهدافه بقميص ناديه السابق توتنهام، الذى سجله البلجيكى فيرتونخن فى شباك وولفرهامبتون.
ولكن متوسط ميدان برينتفورد، تلقى نبأ سعيدًا بعودته لتمثيل منتخب الدنمارك، بعدما استدعاه كاسبر هيولماند، المدير الفني، لخوض مباراتين وديتين خلال مارس الجاري، وذلك منذ تعرضه للنوبة القلبية، ليعود أمام المنتخب الصربى فى المباراة التى ستشهد عودة «إريكسن» إلى ملعب «باركن»، الذى شهد مشهده المؤلم فى يورو 2020.
وخطف «إريكسن» وقت سقوطه قلوب الجماهير، ليستمر التعاطف معه فى واقعة طريفة شهدتها مباراة نورويتش سيتى ضد برينتفورد فى الجولة 28 من عمر مسابقة الدورى الإنجليزي، حينما ارتكب نجم منتخب الدنمارك خطأ على «براندون ويليامز» لاعب وسط نورويتش، وبدا أن الأخير شعر بالغضب بعد ارتكاب الخطأ، وكاد يدخل فى شجار مع «إريكسن»، قبل أن يلتفت لهوية المخطئ بحقه والتعرف عليه، وبعدما وجد «ويليامز» أن مرتكب الخطأ هو كريستيان إريكسن، عانقه وابتسم له، مبديًا التعاطف معه، جراء الأزمة الصحية الكبيرة التى مر بها المحارب الدنماركي.
