كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن ملامح برنامجه الانتخابي للفوز بولاية رئاسية ثانية، قبل 3 أسابيع من الدور الأول للانتخابات التي ستنظم الجولة الأولى منها في 10 أبريل المقبل، وجولة الإعادة في 24 أبريل المقبل.
وعقد مؤتمراً صحفياً أمام نحو 300 صحافياً فرنسياً وأجنبياً ممثلين وسائل إعلام نحو 60 دولة، و أوضح الرئيس المنتهية ولايته ما يرغب في تحقيقه، في حال إعادة انتخابه، من حيث التعليم، والبيئة، والعمل، والقدرة على الشراء، والأمن أو المؤسسات.
وفي أثناء تقديمه لبرنامجه الانتخابي، أكد أنه في مواجهة "عودة المأساة"، وأن مشروعه يقوم على "3 قناعات فلسفية": "عودة السيادة الشعبية"، و"الثقة في التقدم"، على الصعد التكنولوجية والعلمية و الاجتماعية، و"الإنسانية".
ويرى أن هذا يعني اتخاذ "خيارات تاريخية في بعض الأحيان"، سواء بالنسبة إلى فرنسا أو إلى الاتحاد الأوروبي. وقال ماكرون إنه سيستخدم الفترة الثانية لتعزيز اقتصاد فرنسا وتأمين مستقبل شعبه، وتعهد بأن يعزز سيادة فرنسا إذا فاز بفترة رئاسية ثانية في الانتخابات، والعبور بالبلاد مما أسماها حقبة أزمة جديدة.
وقال ماكرون: «نحن عند مفترق طرق؛ حيث يمكننا إحداث فارق حقيقي »، مسلطاً الضوء على الحرب الدائرة عند أبواب الاتحاد الأوروبي والتحدي العالمي لمواجهة تغير المناخ.
وأعلن بأنه يسعى لجعل فرنسا دولة أكثر استقلالية وهذا هو هدفه الرئيسي، وتعهد ببذل قصارى جهده لحماية البلاد إذا ظل رئيساً.
وأشار الرئيس ماكرون بأنه يأسف على وصفه الحلف الأطلسي قبل نحو عامين، بأنه "ميت دماغياً" مبرراً بأن الوضع في أواخر عام 2019، عندما أدلى بهذا التصريح، كان مختلفاً عن اليوم، وأكلد بأن الحلف لا غنى عنه للتعامل مع الغزو الروسي لأوكرانيا قال الرئيس الفرنسي، إن غزو روسيا لأوكرانيا أحدث "صدمة كهربائية" لحلف شمال الأطلسي ومنحه وضوحاً استراتيجياً جديداً كان ينقصه.
وقال ماكرون:"ستحتاج الدولة إلى السيطرة على عدة جوانب من قطاع الطاقة"، مضيفا :" سيتعين علينا استعادة السيطرة الرأسمالية على العديد من القطاعات الصناعية الفاعلة"، ومن أجل "جعل الأمة أكثر استقلالية في مواجهة الأزمات" و"لتكون قادرة على مواجهة حرب شديدة القسوة يمكن أن تعود إلى قارة أوروبا"، يرغب ماكرون في "إعادة الاستثمار في نموذج كامل للجيش"،ويريد المرشح القيام بذلك مع رئيس أركان القوات المسلحة من أجل “إعادة تقييم كل الاحتياجات التي تظهر في ظل الحرب التي تعيشها أوروبا”، وستكون أيضاً حول "اكتساب القدرة على التكيف" و"المرونة".
تعزيز الاستقلال الزراعي
وأوضح ماكرون، الذي يرغب بالتالي في الترويج لتمييز المزارعين الشباب ودعمهم، قائلاً: "لقد وصل العديد من مزارعينا إلى سن التقاعد". في الوقت نفسه، يريد مراجعة الاستراتيجية الزراعية الأوروبية "من المزرعة إلى الشوكة" مع توقعه حدوث انخفاض في الإنتاج الزراعي. ويعتقد إيمانويل ماكرون أن هذه الإستراتيجية "تم التخطيط لها لعالم ما قبل الحرب، ولكن لا يمكن لأوروبا بأي حال من الأحوال تحمل إنتاج أقل".
وحذر إيمانويل ماكرون، من أزمة غذائية عميقة مقبلة خلال 12-18 شهرًا القادمة، لاسيما في إفريقيا والشرق الأوسط بسبب الحرب في أوكرانيا. كما أضاف ماكرون، أن على أوروبا قاطبة أن تتحمل مسؤولية المساعدة في تلك المسألة كما أعلن أن الدولة بحاجة إلى فرض سيطرتها على بعض الشركات العاملة في مجال الطاقة، وذلك في إطار خطة لتعزيز استقلال البلاد، حسبما أفادت بلومبرج.
ولم يشر ماكرون إلى أي من تلك الشركات، لكنه قال إن هذه الخطوة ستكون جزءا من استراتيجية تشمل تعزيز حملة حكومته لإصلاح أسواق الطاقة وفصل أسعار الكهرباء والغاز. ومن أجل "الاستمرار في الاستثمار" و"تعزيز القدرة التنافسية للشركات".
وشرح إيمانويل ماكرون أنه سيتم إلغاء الضريبة على القيمة المضافة، مشيراً إلى المساهمة في القيمة المضافة للشركات، فهو يريد أيضاً مواصلة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، ويريد إيمانويل ماكرون كذلك إنشاء “هيئة أركان الحق في المعلومات”، هذا الجهاز سيسمح في "إنشاء العناصر التي تجعل من الممكن الدفاع عن المعلومات الحرة والمستقلة"، وقبل كل شيء ضمان "نموذج اقتصادي قابل للتطبيق للحصول على معلومات حرة ومستقلة".
تعزيز الاستقلال المعلوماتي الفرنسي
ويرى ماكرون أنه من الضروري إنشاء ميتافيرس أوروبي، وهو يعتقد أن هذا "موضوع رئيسي للسماح لجميع المبدعين لدى فرنسا بعدم الاعتماد على الممثلين الأنجلو ساكسونيين أو الصينيين الذين يمكنهم التحايل على قواعد حقوق النشر والحقوق المجاورة.
الاستثمارات في الطاقة النظيفة
ويعتزم ماكرون مواصلة الاستثمارات الهادفة إلى تقليل الاستهلاك، من خلال استهداف التجديد الحراري لـ 700 ألف منزل سنوياً، كما أنه يريد تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري من خلال تطوير الطاقة النووية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية، ومن خلال التدابير التحفيزية مثل إنشاء آلية تأجير السيارات الكهربائية "للأسر ذات الدخل المنخفض".
وذكر الرئيس أنه من خلال قانون البرمجة البحثية (LPR) لعام 2021، تم استثمار 25 مليار يورو على مدى 10 سنوات، ويرى أنه من الضروري الآن "مواصلة الاستثمار والإصلاحات" في التعليم العالي والبحث (ESR)، وذلك بفضل محورين: تعزيز استقلالية الجامعات، من أجل "تحقيق أفضل المعايير الدولية"، ووضع منظمات البحث "على المستوى الاستراتيجي"، من أجل "الاستمرار في تدريب أفضل العقول"، واستقطاب "أفضل المواهب العالمية". - إصلاح المدرسة الثانوية المهنية - يهدف إلى "تخطيط الاحتياجات من مهارات الأمة" بشكل أفضل، وبالتالي يريد إصلاح المدرسة الثانوية المهنية "لجعلها طريقاً للتميز".
ويقول في هذا الخصوص: "نحن ندرب الأشخاص الذين لا يتوافقون مع احتياجات سوق العمل"، ويرغب بالتالي في "الانفتاح أكثر على الشركات، من خلال تغيير منطق التدريب تماماً". في الجامعة، ستُفتتح أيضاً "دورات قصيرة وشخصية تتوافق مرة أخرى مع الاحتياجات" ، وسيستمر إصلاح التدريب المهني الذي تم خلال هذه الولاية. - العمل أكثر - في "شرط الاستقلال"، يعتقد إيمانويل ماكرون أنه "يجب على الجميع العمل أكثر".
وهي قضية حسب قوله، ستكون ممكنة بفضل "الهدف القابل للتحقيق المتمثل في التوظيف الكامل" في 5 سنوات. وقال مدافعاً عن الإصلاحات الاقتصادية في فترة ولايته "إنها ستعزز خلال السنوات الخمس المقبلة ما قمنا به في السنوات الخمس الماضية". يريد المرشح ماكرون أن يكون لدى المستفيدين من دخل التظامن النشيط (RSA) التزام من 15 إلى 20 ساعة من النشاط في الأسبوع بهدف الاندماج المهني، وتحويل الجهاز إلى "دخل من النشاط". - رفع سن التقاعد القانوني إلى 65- يتمنى ماكرون أن يتم تأجيل سن التقاعد القانوني، بشكل تدريجي إلى 65 عاماً ( حاليآ 62 عاماً) ومع ذلك، فهو يوافق على أن "المهن الطويلة، وقضايا الإعاقة" يجب أن تخضع للتفاوض من قبل الفروع المهنية لتكييف النظام مع "واقع المهن".
كما يخطط المرشح ماكرون لتقليل ضريبة الميراث، عن طريق زيادة الخصم على الميراث في الخط المباشر وكذلك في الخط غير المباشر، أي على سبيل المثال ما يتعلق بميراث ابن الأخ. - الاستثمار أكثر في أطفال فرنسا - وأعلن إيمانويل ماكرون، الذي وضع أولويتين لهذا الغرض، بأنّه "يجب على المجتمع أن يواصل حماية أطفاله بشكل أفضل وأن يستثمر أكثر بكثير في الأطفال".
أولاً، تعزيز "أدوات الرقابة الأبوية على الشاشة" للحماية من المحتوى غير الملائم والتسلط عبر الإنترنت. وهذا يتم على وجه الخصوص من خلال "المحظورات التي يجب افتراضها" وتنظيم المنصات. ثم، الحرب ضد التنمر في المدرسة، والتي "انفجرت بالكامل في السنوات الأخيرة". - المساواة بين الجنسين " القضية الكبرى" - يريد أن يظل النضال من أجل المساواة بين النساء والرجال "القضية الكبرى". ويرى أنّه تم أُنجز الكثير، ويجب الاستمرار بذلك، من خلال زيادة الاستثمار. ويقترح "بذل المزيد من الجهد لدعم الأسر ذات العائل الوحيد ، 85% منهم نساء" ، ومن أجل "صحة المرأة" التي لطالما واجهت "المحرمات" و"الظلم"، وذلك مع الإصرار على طموح آخر، ألا وهو "الشمولية والإعاقة"، إذ يعتقد ماكرون أنه "تم إنجاز العديد من الأشياء"، ويرغب في الاستمرار في اتجاه "المدرسة الشاملة". على وجه الخصوص، يقترح زيادة وقت العمل لأولئك الذين يرافقون الطلاب ذوي الإعاقة (AESH) "حتى 35 ساعة"، لزيادة رواتبهم و"مساعدة الأطفال بشكل أفضل"، لا سيما من خلال مرافقتهم خلال الوقت اللامنهجي.
في مواجهة مشكلة التصحر الطبي، يريد ماكرون "مساعدة الأطباء" في إنشاء نظام "الإحالات": يمكن للممرضات أو الصيادلة أن يجددوا الوصفات الطبية بأنفسهم، من أجل توفير الوقت، كما يريد أيضاً تطوير الاستشارات عن بعد، و"تنظيم توظيف" الأطباء في الإقليم، وجعل العلاقة بين المستشفيات والأطباء الليبراليين أكثر مرونة. ويعتقد أن "العديد من الشباب في المهنة الليبرالية يرغبون في الوصول إلى مستوى المستشفى" والعكس صحيح. ككا يريد إيمانويل ماكرون دفع الإعانات الاجتماعية مباشرة في الحساب المصرفي للمستفيدين، من أجل مكافحة عدم حق اللجوء والاحتيال. - تعزيز الأمن اليومي - ومن خلال قانون البرمجة الجديد، يريد إيمانويل ماكرون إنشاء 200 لواء من قوات الدرك، ومضاعفة وجود قوات الأمن الداخلي "من خلال التوظيف الإضافي ولكن أيضاً التحولات العميقة في وقت العمل"، ومضاعفة الغرامة ضد التحرش بثلاثة أضعاف، وتوسيع الغرامات الثابتة، وجعل تقديم شكوى عبر الإنترنت ممكنة، وإنشاء "قوات عمل جمهورية في الأحياء" خلال "حالات انعدام الأمن" وتجنيد "1500 دورية إلكترونية". وفي السياق، يريد الإستثمار في العدالة وتوظيف 8500 قاض وطواقم في مؤسسات العدالة. - ملف اللجوء - يريد إيمانويل ماكرون كذلك "إصلاح شامل لتنظيم اللجوء وحق الإقامة".
ويتضمن اعتبار أنّ “رفض اللجوء سيجعل مغادرة الأراضي الفرنسية واجباً”، وبالتالي يعتزم الرئيس المنتهية ولايته "التخفيف من وطأة الإجراءات" لوضع حد لـ "عدم كفاءة النظام". جدير بالذكر أن مامرون هو أقوى المرشحين حيث تشير استطلاعات الرأي، التي نشرت في الأسابيع القليلة الماضية، إلى أنه سيحصل على 30.5% من الأصوات في الجولة الأولى للانتخابات في العاشر من إبريل بعدما كانت 25% في الشهر الماضي وتعزز تقدم ماكرون على المرشحين المنافسين في الانتخابات المنتظرة في أعقاب العملية الروسية على أوكرانيا، ولا يزال يعتبر المرشح الأبرز للفوز في الجولة الأولى وقادراً على هزيمة أي منافس في حال اللجوء لجولة ثانية.