ما إن أصدرت وزيرة الثقافة، الدكتورة إيناس عبدالدايم، قراراها بتولى الفنان الكبير حسين فهمى، رئاسة مهرجان القاهرة السينمائى الدولي، اعتبارا من الدورة الـ٤٤ عام ٢٠٢٢، حتى تحولت صفحات معظم نجوم الفن لدعم «فهمي» فى هذه المهمة التى تبدو شاقة وعصيبة، خاصة أنه عاد لتولى المهمة مرة أخرى بعدما سبق وترأس المهرجان لمدة ٤ دورات فى الفترة من ١٩٩٨ إلى٢٠٠١ .
جاءت ولاية «فهمي» الأولى بعد انتهاء ولاية سعد الدين وهبة، حيث ترأس فى الفترة من ١٩٩٨ إلى ٢٠٠١ واستطاع خلال هذه السنوات إحداث طفرة كبيرة فى شكل السجادة الحمراء والضيوف الحاضرين، ولكن الظروف الاقتصادية منعته من الاستمرار لفترة أطول. كما تم ترشيح حسين فهمى لرئاسة المهرجان ثلاث مرات آخرها ٢٠١٨، بعد اجتماع لجنة السينما، وقررت أن يرأس حسين فهمى المهرجان فى عام ٢٠١٨، وكان هناك موافقة مبدئية منه، حينها لكنه اعتذر لأسباب خاصة به، وتم ترشيح محمد حفظى لمدة أربع دورات، رغم أنه كان مخططاً لرئاسة ثلاث دورات فقط.
أما الولاية الجديدة لـ«فهمي» فجاءت فى أعقاب تولى السيناريست والمنتج محمد حفظى رئاسة المهرجان منذ عام ٢٠١٧ وحتى الدورة الأخيرة فى العام الماضى، والتى شهدت هجوماً شديداً على «حفظي» من جانب عدد كبير من المهتمين بصناعة السينما، وتحول هذا الهجوم لحملات شرسة طالبت باقالة "«حفظي» من منصبه أكثر من مرة؟
وكان من أبرز أسباب الهجوم نفاذ تذاكر عروض الأفلام المختلفة، حتى إن هناك عدداً كبيراً من الأفلام نفدت تذاكرها فى اليوم السابق لعرض الفيلم، وعند دخول القاعة اتضح أنها خالية من الجمهور، بالإضافة إلى أزمة اختلاط الفيديو بالسينما، وتكريم وعرض مسلسل تليفزيونى من إنتاج إحدى شركات المنتج محمد حفظى خلال فعاليات المهرجان، واعتبر البعض ذلك الأمر سقطة كبيرة فى عالم المهرجانات، فاختلاط المصالح كان واضحاً للغاية، وأخيراً الأزمة الشديدة التى واكبت إعلان المهرجان عام ٢٠١٨ عن تكريم المخرج كلود ليلوش المعروف بحبه للكيان الصهيونى، وأصبح «حفظي» وقتها فى موقف حرج للغاية حتى تم الإعلان عن اعتذار «ليلوش» عن التكريم .
أما حسين فهمى فقد وصل لرئاسة المهرجان مرة أخرى حاملاً فى جعبته خبرته السابقة فى إدارة المهرجان، بجانب حملات الدعم الكبيرة التى دشنها عدد كبير من الفنانين، منهم الفنانة شهيرة التى قالت عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»: «أحلى خبر سمعته هو تولى النجم الكبير حسين فهمى رئاسة مهرجان السينما مرة أخرى.. نجم فاهم خلوق واعى راقى غير أن أزهى سنين المهرجان كانت أثناء توليه هذا المنصب من قبل.. ألف مبروك للمهرجان وللفن». فيما وصفته الفنانة مها أحمد بأنه « واجهة لمصر وللفنانين المصريين»، وقالت: «الأستاذ النجم حسين فهمى، رئيس مهرجان القاهرة السينمائى اختيار موفق ومشرف جدا جدا.. مبروك يا أفضل واجهه لمصر وللفنانين المصريين».
دعم وهبة وأبوعوف وفريد
حملات الدعم التى تساند حسين فهمى فى الوقت الحالى سبق وساندت بعض رؤساء المهرجان السابقين، ومنهم المؤلف المسرحى والسيناريست ونقيب السينمائيين وقتها، سعد الدين وهبة، الذى استمر فى رئاسة المهرجان لمدة ١٢ عاما، شهدت أزهى فترات المهرجان، حيث صنف المهرجان فى ولاياته كثانى أهم مهرجانات العوالم على مستوى العالم فى تقرير أصدره الاتحاد الدولى لجمعيات المنتجين السينمائيين عام ١٩٩٠.
كما حصل الفنان الراحل عزت أبو عوف الذى تولى رئاسة المهرجان لـ٧ دورات فى الفترة من ٢٠٠٦ إلى ٢٠١٢، على دعم كبير من جانب الفنانين، واستطاع خلال تواجده إحداث إضافات على المهرجان، كان أبرزها حرصه على استضافة كبار النجوم، خاصة نجوم الأوسكار، وعلى رأسهم النجم الأمريكى ريتشارد جير وسلمى حايك، سوزان سارندون.
وحصل الناقد الراحل سمير فريد على دعم المهتمين بصناعة السينما أثناء توليه رئاسة الدوتين من ٢٠١٤ -٢٠١٥، وبعدها استقال بعد ذلك لأسباب صحية.
وفى المقابل، عانت الدكتورة ماجدة واصف التى تولت رئاسة المهرجان لـ٣ دورات فى الفترة من ٢٠١٥- ٢٠١٧ من هجوم شرس أثناء توليها هذا المنصب، واعتبر البعض أن تلك الدورات الثلاث كانت من أضعف دورات المهرجان.
المرأة الحديدية والرجل الثانى
حملات الدعم أو الهجوم لم تكن لصالح أو ضد رؤساء المهرجان فقط، إنما ذهبت أيضاً لأصحاب الدور الثانى فى المهرجان، ومنهم سهير عبد القادر التى سبق وتولت من قبل العمل فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى لمدة تزيد على ٢٥ عامًا، ولقبت حينها بالمرأة الحديدية لقدرتها على العمل تحت أى ظرف وبأقل الإمكانات، حيث بدأت العمل فى المهرجان خلال فترة رئاسة الكاتب الراحل سعد الدين وهبة للمهرجان، وشغلت منصب نائب رئيس مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى عدة دورات.
وكانت «سهير» دائماً ما تؤكد أن المشكلة ليست فى الإمكانات، بل فى الشخص ذاته وقدر حبه لبلده ويجب فيمن يقوم بشىء أن يفعله بحب ويضحى لأجل بلده لأنها مهرجانات الدولة، وليست مهرجان خال أو خالة أو أهل، ولا يوجد فيه مجال للمجاملات.
كما كانت تعتبر دائماً أن مهرجان القاهرة السينمائى فى عهدها كان الأفضل، لأنه فى فترة عملها بالمهرجان كان من المهرجانات العشرة المعترف بها دوليًا، وفى عام ٢٠١١ قدمت دورة أشاد الكل بها، وسميت بـ«دورة التحدي»، وبلغ عدد النجوم الذين حضروا نحو ١٢٠ نجمًا أجنبيًا خلال فترة الـ٢٧ سنة التى تولت فيها مسئولية المهرجان .
أما الرجل الثانى الراحل يوسف شريف رزق الله، فقد كان بمثابة الجندى المجهول الذى يقف وراء نجاحات العديد من دورات المهرجان بدون أن يظهر فى الصورة، هذا الرجل حصل على حملات دعم كبيرة منذ بداية عمله كسكرتير فنى لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى منذ عام ١٩٨٧ حتى أصبح مديرًا فنياً للمهرجان منذ سنة ٢٠٠٠ ، ليصبح منصبه بمثابة الكرسى الذى يصعب أن يشغله غيره حتى بعد رحيله.