مع تجاوز الغزو الروسي لأوكرانيا يومه العشرين، ووصول المفاوضات بين الطرفين لطريق مسدود، باتت كافة التوقعات تشير إلى استحالة استمرار الوضع الحالي، لا سيما فى ظل النزيف الاقتصادي الهائل الذى تعاني منه روسيا من جانب والعالم كله من جانب آخر. وعلى ضوء المخاوف الروسية من الدخول فى مستنقع حرب استنزاف طويلة الأمد فى أوكرانيا، فى ظل الصمود الأوكراني، وبقاء نظام الرئيس فولوديمير زيلنسكي الموالي للغرب، فقد بات النموذج الإسرائيلي لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، هو السيناريو الأقرب لموسكو للخروج بشكل مناسب يحفظ لها هيبتها الإقليمية والدولية، وفى الوقت ذاته يمكن للأوكران الظهور أمام شاشات العالم فى صورة المنتصر، كحال الحروب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة فى مواجهة حركة حماس.
فمع اللجوء لمجلس الأمن وإصدار قرارات أممية يمكن لروسيا أن تعود أدراجها، ويستطيع رئيسها فلاديمير بوتين أن يعلن انتصاره الكبير أمام الـ450 عضوًا من أعضاء مجلس الدوما واستعراض عضلاته أمامهم بأنه نجح فى وقف التوسع الأمريكي وكسر أسطورة الناتو على صخرة الإصرار الروسي. كما يمكن له التفاخر بقوة السلاح العسكري الروسي والذي كانت الساحة الاوكرانية فرصة له لتسويقه وبيعه فى أنحاء متفرقة من العالم. بينما يمكن لزيلنسكي أن يتشدق هو الآخر بقوة الصمود الأوكراني فى مواجهة العدوان والهيمنه الروسية، وكيف واجه بمفرده الغطرسة الروسية بعد أن تخلى عنه الغرب، وأبقاه منفردًا في مواجهة الآلة العسكرية الروسية. وحتى وإن بقى مختفيًا فى أحد المخابئ خوفًا من رصاص القناصة الروسي، كحال إسماعيل هنية وبقية قادة حماس، الذين يفرون من ساحة القتال وقت أي عدوان إسرائيلي على قطاع غزة. وبناء عليه فإن النسخة الإسرائيلية هى الأنسب لبوتين لإنهاء مغامرته العسكرية فى أوكرانيا، بعدها سيخرج العالم بدعوة لإعادة إعمار أوكرانيا والسعي لترسيخ قواعد الأمن والسلام فى المنطقة، وتبقى الشعوب هى الضحية التي تدفع ثمن المغامرات المتهورة للرؤساء الموتورين، فما دفعه الشعب الفلسطيني وما يدفعه من ضريبة الدم نتيجة للعدوان الإسرائيلي المستمر، والسياسات غير المسئولة لحركة حماس، هكذا دفعها الشعب الأوكراني من تشرد ودمار نتيجة لسياسات زيلنسكي المائعة الذي راهن بشعبه على طاولة القمار الأوروبية الأمريكية.