يعرف عن كرة القدم، أنها رياضة مليئة بالشغف، لكن تشوبها العديد من الكوارث الإنسانية، على رأسها الشغب الجماهيري الذي يعد عاملًا مشتركًا في كل حادث مأساوي تشهده الساحرة المستديرة، بعد خروج بعض الجماهير عن النص والأخلاق الرياضية بالاشتباك مع بعضها البعض أو التراشق مع رجال الأمن الذين يمشطون أرجاء الاستاد، ليبقى الخاسر الوحيد في تلك الحوادث هو الأشخاص الذين يفقدون حياتهم.
وخلال شهر مارس الجاري، شهدت الملاعب حول العالم، واقعتي شغب جماهيري، بعد اقتحام البعض منهم للمستطيل الأخضر.
مذبحة في الدوري المكسيكي
أحداث مرعبة، عاشها كل فرد تواجد داخل استاد «كوريجيدورا» ملعب مباراة كويريتارو ضد أطلس، ضمن منافسات الجولة التاسعة من الدوري المكسيكي، حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين جماهير الفريقين بالمدرجات، في السادس من مارس الجاري، ليقرر الأمن فتح بوابات الملعب لمحاولة حماية العائلات بالمتواجدة، لكن فشلت قوات الأمن في السيطرة على الوضع، واستمرت الاعتداءات بالعصي والكراسي.
وبدأ الشجار بين أنصار كويريتارو وأطلس في الدقيقة 62 من عمر اللقاء، في المدرجات ثم وصلت إلى أرض الملعب، وسادت حالة من الفوضى، حتى وصل عدد الوفيات إلى 17 حالة وسقوط المئات من المصابين، قبل أن يزداد الأمر سوءا، ويطال لاعبي فريق أطلس الذين هربوا إلى غرف خلع الملابس، بعدما كانت النتيجة تشير لتقدمهم على أصحاب الأرض بهدف دون رد، مع تحطيم جماهير كويريتارو معدات تقنية الفيديو، ليتم إلغاء المباراة نتيجة هذه الأحداث، ليأتي رد فعل رابطة الدوري المكسيكي، التي بدورها قررت تعليق النشاط والتحقيق في هذا الحادث.
شغب جماهيري في كأس المغرب
واندلعت أعمال شغب أخرى في الرابع عشر من الشهر الحالي، عندما اقتحمت جماهير نادي الجيش الملكي أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله، بعد نهاية مباراة ضمن دور الـ16 لمنافسات كأس العرش المغربي، والتي انتهت بهزيمة فريقها بهدفين دون رد أمام المغرب الفاسي، حيث دخلت في مواجهات عنيفة مع أنصار الفريق الضيف ومع القوات الأمنية.
واقتحمت الجماهير ملعب المباراة، بعدما رشقت قوات الأمن بالحجارة، لتخلف الواقعة المئات من الجرحى من الطرفين، لتسفر هذه الأعمال عن إصابة 103 عناصر من الأمن و57 من المشجعين بجروح متفاوتة الخطورة.
فيما ألقت الشرطة المغربية القبض على 160 شخصًا من بينهم 90 قاصرًا، تورطوا في ارتكاب أعمال عنف وشغب جماهيري، وحيازة أسلحة بيضاء، والسكر العلني البين والتراشق بالحجارة، وإضرام النار عمداً في مركبة.
حادث ملعب «ليما»
ولم تكن هاتين الواقعتين هما آخر الوقائع المأساوية في ملاعب كرة القدم من أحداث الشغب الجماهيري واقتحام المستطيل الأخضر، بل كانت هناك كوارث مفجعة من قبل، أبرزها مذبحة ملعب «ليما» في بيرو، التي وقعت في يوم 24 مايو 1964، أثناء مباراة ضمن التصفيات الأمريكية الجنوبية المؤهلة لأوليمبياد طوكيو الصيفية لعام 1964 بين منتخبي بيرو والأرجنتين، الشرارة بدأت عندما سجل المنتخب الأرجنتيني هدف التقدم، مما أثار الجماهير البيروفية، خاصة بعد إلغاء حكم المواجهة، هدفًا لمنتخب بلادهم قبل نهاية المباراة بدقيقتين، مما قاد أنصار بيرو لحالة هيستيرية أدت إلى قتل 318 شخصًا، فضلًا عن إصابة أكثر من 500 مشجع.
نزل المشجعون إلى أرضية الملعب وحاولوا مهاجمة الحكم، وأضرم البعض منهم الحريق في المدرجات، الأمر الذي دفع رجال الأمن لإلقاء قنابل مسيلة للدموع وإطلاق أعيرة نارية، وبالتالي زاد عدد الضحايا في الملعب، وفي الأخير لم تتأهل بيرو للأوليمبياد بعد خسارتها من البرازيل.
كارثة ملعب «هيلزبرة»
في ملعب نادي شيفيلد الحالي، وفي يوم 15 أبريل من عام 1989، موعد إقامة نصف نهائي كأس إنجلترا 1988-1989، بين ليفربول ونوتنجهام فورست، حدثت كارثة ملعب «هيلزبرة»، التي تعتبرها بعض الوسائل الإعلامية (الأسوأ في تاريخ كرة القدم البريطانية)، وتعود القصة عندما فتحت الشرطة حينها اثنتين من البوابات الرئيسية للاستاد ما تسبب في دخول أعداد ضخمة من الجماهير، واضطرار الآلاف إلى الدخول لنفق ضيق مؤدي للملعب، بالرغم أنه كان مكتظًا في الأساس بالجماهير وهذا بسبب سوء التنظيم الأمني، ليصطدم المشجعون بالسياج الكبير العازل بين المدرجات وأرض الملعب، والذي كان يتواجد في السابق في جميع الملاعب الإنجليزية، وانتهى الأمر في هذا الحادث الأليم بمقتل 96 مشجعًا وتعرض 300 شخص لإصابات بالغة.
مأساة ملعب «أكرا»
تعد هذه المأساة، من أكثر الذكريات المؤلمة في تاريخ الكرة الأفريقية، لما شهده ملعب استاد «أكرا» بالعاصمة الغانية، حيث تعود الواقعة ليوم 9 مايو 2001، وهو التاريخ المحدد لإقامة مباراة بين هارتس أوف أوك وأشانتي كوتوكو في لقاء الديربي بالدوري الغاني.
كان «كوتوكو» متقدمًا بهدف طوال المباراة، وفي الدقائق الأخيرة نجح لاعبو هارتس أوف أوك، في قلب النتيجة بإحرازهم هدفين متتاليين في شباب الضيوف، مما أدى إلى إثارة مشجعي كوتوكو، الذين افتعلوا شغب كبير بالمدرجات بإلقاء الكراسي والزجاجات داخل الملعب، ما قاد رجال الأمن إلى استخدام القوة بإطلاق قنابل الغاز، وتدافعت الجماهير نحو أرضية الملعب هربًا من رد فعل الشرطة الغانية في المدرجات، لكن توفى ما يزيد عن 127 مشجعًا وإصابة 150 آخرين.